بعد أربعين يوم على الرسالة الإرهابية التي طالت قلب الضاحية الجنوبية في انفجار بئر العبد، تعود الرسائل الإرهابية من جديد لتهدد معقلاً آخر من أهم معاقل حزب الله وأشدها تحصيناً، بالقرب من مجمع سيد الشهداء في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية، تأتي هذه الرسالة الإرهابية الشديدة القسوة لتحصد أرواح 24 شهيداً، و336 جريحاً، لا ناقة لهم ولا جمل بالصراعات المحلية والإقليمية والدولية التي تُلهب حلبة الصراع اللبناني اللبناني.

ولعلّ الأخطر بهذا الإنفجار أنه وقع في مكانٍ أطلّ منه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بشخصه منذ أيامٍ قليلة فقط في يوم القدس العالمي.

هذا وتبنت التفجير مجموعة إرهابية أطلقت على نفسها اسم "سرايا أم المؤمنين عائشة"، ولا شك بأن هذا الاسم بحد ذاته قد اختارته هذه الجماعة الإرهابية، التي لا تمت للإسلام والمسلمين بأي صلة، عنوة لافتعال الفتنة، وتثبيت براثن المذهبية المتأصلة في لبنان الذي يموج على بحر من الدماء المتماوجة على إيقاع المد والجذر السني- الشيعي.

ولا تزال فرضية أن يكون التفجير نفذه انتحاري غالبة على المؤشرات الأولية للتحقيقات الجارية، وما يعزز هذه الفرضية أن السيارة انفجرت في وسط الطريق ولم تكن مركونة إلى جانبه. وفي هذا تعزيز لأن يكون انفجار الرويس في إطار محاولة تحويل الضاحية الجنوبية بغداد ثانية، وتحويل لبنان لعراق ثانٍ.

وتوالت المواقف المستنكرة بعد الانفجار الذي هز منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية عصر أمس، فوصف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الانفجار بالاجرامي الجبان الذي يعتمد إيصال الرسائل على دم الابرياء، ويطال لبنان كله وجميع اللبنانيين وليس الضاحية فحسب.

ورأى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن هذه الجريمة الدموية التي تهدف لايقاع الفتنة تستدعي من اللبنانيين وقياداتهم الروحية والمدنية اليقظة والوحدة واتخاذ الأهبه الوطنية لمواجهة الاستحقاقات والتحديات المفروضة على وطننا.

واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن من تبنى الاعتداء هو جزء من الفتنة التي تحصل في المنطقة ويجب أن ننأى عن أنفسنا  لما يحصل في المنطقة.

ومن فرقتهم السياسة والمصالح جمعتهم الأحزان فاتصل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري برئيس مجلس النواب نبيه بري، وعبر عن تعازيه الحارة لرئيس المجلس وعائلات الضحايا الذين سقطوا في جريمة التفجير الإرهابي في الرويس في الضاحية الجنوبية.

فمن يتحمل ضميره دماء الأبرياء، اسرائيل التي طالما عرفت بالغدر والخيانة، أم الجماعات الإرهابيبة المسلحة التي تقتل متخفيةً برداء الإسلام البريء منها ومن أفعالها القذرة، أم حزب الله الذي زجّ نفسه وزجّ لبنان بصراعٍ أكبر بكثير من قدرة لبنان واحتمالاته، أم سياسيو لبنان الذين أوقدوا للفتنة وطالما هلّلو لها عن كثب..؟؟!!

ومن المسؤول عن الشقاء الذي يهرب منه اللبنانيون وهو يلحق بهم، وكأن له قصة عشقٍ معه مكتوب عليها التعاسة والشقاء في بلد أشبه ما نسميه بالمعادلة الصعبة، أو مستحيلة الحل التي تنتظر فيثاغورث زمانها ليفكك رموزها وشيفراتها التي بُنيت وأُسّست على تعاسة الشعب اللبناني..