لا يملك السفير التركي في بيروت سليمان إنان أوزيلديز أيّة معلومات جديدة عن الطيّارين التركيين مراد أكبينار ومراد آغا اللذين اختطفتهما مجموعة مسلحة تطلق على نفسها مجموعة «الإمام الرضا» يوم الجمعة الفائت في طريقهما من «مطار رفيق الحريري الدّولي» الى أحد فنادق عين المريسة، وهو أكّد في حديث الى «السفير» أمس أنّ «القضية في يد السلطات اللبنانية الأمنية والسياسية، وأنا على اتصال مع جميع المسؤولين الأمنيين، ومنهم مدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، وعسى أن نصل الى خاتمة سعيدة في أسرع وقت ممكن». 
رفض أوزيلديز، الذي كان يتحدّث في السفارة التركية في النقّاش، بشكل قاطع الردّ على اتهامات أهالي المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز ضدّ تركيا قائلا: «لن أجيب، فأنا لا أتوخى المزيد من المشاكل». موضحا: «دوري كسفير هو الحفاظ على علاقة الصداقة مع لبنان وتمتينها، فماذا عساي أقول حين يحدث أمر مماثل؟ الأمن العام وقوى الأمن الداخلي والمؤسسات الأمنية جميعها تهتمّ بهذا الموضوع، وقد تلقيت تطمينات بأن المتابعة حثيثة وجدّية من قبل الجميع». 
وعن الانطباع السائد بأن تركيا لم تعط الأهمية اللازمة لملف مخطوفي أعزاز وكأنها غير مبالية بزيارات مسؤولين لبنانيين رفيعي المستوى اليها، قال أوزيلديز: «هذا غير صحيح البتّة، لكنّ الملفّ شديد التعقيد والحساسية، وأنا لا أريد الخوض بتفاصيل كثيرة عبر الصحف لأنني لا أرغب بأن يتعرّض اللبنانيون المخطوفون لأيّ سوء، بل أن يتمّ تحريرهم بسرعة ويبقوا بصحة جيدة، والأمر سيّان بالنسبة الى المواطنين التركيين المخطوفين اللذين نريد لهما أن يعودا الى بلــدهما وذويهما ســالمين، هذا هو المهمّ». 
صحيح أن السفير التركي الذي يتوخّى دوما الإبتعاد من الأضواء الصحافية لا يحبّ كثرة الكلام، لكنّه هذه المرة يعني ما يقول: «لا معلومات جديدة لدينا، ونريد خاتمة سعيدة لهذا الملف ونعلّق آمالنا على الجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية». وعلى الرغم من تصريحات وزير الداخلية مروان شربل عن وجود نهاية سعيدة وخيوط معينة، يتريث السفير أوزيلديز في إبداء تفاؤل ويبتعد كليا عن توجيه اتهامات الى ايّ جهة قائلا: «نريد تصديق الوزير شربل، ولدينا ثقة بالأجهزة الأمنية اللبنانية نحن نتحدّث مع جميع الجهات من دون استثناء». 
وعن اتهام تركيا بالتراجع أخيرا عن إتمام صفقة التبادل بعد استجابة السلطات السورية الرسمية لطلب تحرير 127 سجينة في سوريا قال أوزيلديز: «لم يتمّ تحرير جميع النساء بل أربعين فحسب، والمفاوضات تدور بين لبنانيين وأشخاص آخرين، ينحصر دور تركيا ببذل الجهود لتحرير اللبنانيين، وهي تدخّلت من زاوية إنسانية فحسب ولم تتوقف عن ذلك، لم تمنع تركيا البتّة إتمام المرحلة النهائية من الإتفاق، بل بقيت ملتزمة بذلك، لكنّني أكرّر بأنّ هذه العملية معقّدة جدّا وحسّاسة وتتطلّب الصبر وبعد النظر». 
وعما نقل عن وليد العموري الذي يحتجز اللبنانيين التسعة وهو ينتمي الى»لواء عاصفة الشمال» بأن تركيا تمثلهم قال السفير أوزيلديز: «مرة جديدة لا أرغب بالتعليق على أقوال لم أسمعها أصلا، لكنني اكرر بأنّ تركيا لا تمثّل الخاطفين الى أي جهة انتموا، ولا علاقة لها بتنظيم عاصفة الشمال ولا بسواه». 
وعن سبب نجاح تركيا في تحرير لبنانيين اثنين فقط في حين كانت قادرة على تحرير جميع المخطوفين الموجودين في أعزاز منذ أيار 2012 قال أوزيلديز: «لم ننجح بتحرير الجميع بسبب صعوبة الملفّ وتعقيداته، وهنا أريد أن أسأل: ما هي مصلحة تركيا في تأخير مسار إطلاق المخطوفين اللبنانيين إذا كانت هي المتضررة الوحيدة في هذا الملف؟ ما مصلحة تركيا في عرقلة التفاوض إذا كانت مصالحها تتعرض للأذى لوحدها؟ كيف يمكن لأحد أن يفكر بذلك وتركيا هي المستهدفة الوحيدة ولديها مصلحة في حلّ هذه المشكلة؟». واستطرد السفير أوزيلديز قائلا: «كيف تكون تركيا هي من اختطفت اللبنانيين؟ فهل هي من تسيطر على الأراضي السورية؟ ليس لتركيا لا سفارة ولا قنصلية ولا جنود في سوريا، وبالتالي هي ليست مسؤولة عن عمليات الخطف التي تحدث، وهي تدخلت في هذا الملف لدواع إنسانية فحسب لمساعدة إخواننا اللبنانيين، لكنّها المرّة الثانية التي يقوم بها لبنانيون باختطاف أتراك في غضون سنة واحدة». 
وأضاف ردّا على سؤال عن وجود اتصالات مع «حزب الله» في شأن الطيارين التركيين بقوله: «نحن نتحدّث مع الجميع لحلّ المشكلة بأسرع وقت ممكن، ولا اريد الدخول في تفاصيل كي لا تتعقد الأمور أكثر، وقد اتصل الرئيس عبد الله غول بالرئيس سليمان طالبا مساعدة الرئاسة اللبنانية بهذا الملف وإعادة مواطنينا، وقد تولى الرئيس سليمان الإتصال بجميع المعنيين للمساعدة». 
يقول أوزيلديز «إن قرار منع الرعايا الأتراك من التوجّه الى لبنان والطلب الى من يتواجدون على الأراضي اللبنانية المغادرة هو تدبير أوّلي، أما بقية الخطوات التركية فستظهر مع التطوّر الذي يطرأ على هذا الملف، لا نريد لرعايانا التوجه الى لبنان بسبب خطر الخطف، وفي الوقت الراهن يوجد آلاف الأتراك في لبنان وقد طلبنا منهم المغادرة، علما بأن أعداد الأتراك الذين كانوا متواجدين في لبنان في فترة عيد الفطر كانت كبيرة بسبب العطلة في تركيا، حيث توجه كثر الى لبنان، وهو بلد يحب الأتراك التوجه اليه». ونفى أوزيلديز «وجود أيّ تفكير تركي حالي بإعادة النظر بتحرير تأشيرات الدخول الى تركيا».