ما شهدته مصر بعد مظاهرات 30 يونيو هو انقلاب عسكري بمباركة الشعب 
في 12 من سبتمبر عام 1980 حدث انقلاب عسكري في تركيا أطاح بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا وجاء بالرئيس العسكري الجديد الجنرال كنعان إيفرين، الذي كان يشغل منصب رئيس الأركان حينها. فرض إيفرين جملة من الممنوعات السياسية في البلاد، من بينها منع 723 ناشطا من أعضاء الأحزاب السياسية التي قام بحلها عقب السيطرة على الحكم من الترشح للانتخابات البرلمانية وحظر ممارسة العمل السياسي على 242 ناشطا سياسيا منهم طوال عشر سنوات. تميز عهد إيفرين بكبت الحريات وفرض عقوبات بالسجن والإعدام على الناشطين، وفرض حالة الطوارئ واستخدام الجيش على نطاق واسع لقمع التحركات الشعبية.
الانقلاب العسكري
كان انقلاب 12 سبتمبر 1980 هو الأكثر دموية، حيث اعتقل خلاله 600 ألف شخص، أدين نحو 250 ألفا منهم، وأُعدم خمسون آخرون، فيما توفي العشرات داخل السجون جراء التعذيب، واضطر أيضا عشرات آلاف الأتراك إلى الهجرة.
الآن تسعى جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى تصوير ما حدث في الثلاثين من يونيو على أنه انقلاب عسكري على الشرعية الديمقراطية، وتعد من قبل القوات المسلحة المصرية على منصب الرئيس المنتخب، من خلال التواصل مع وسائل الإعلام العالمية (وخاصة الأميركية منها)، وترويج الشائعات عن أن هناك سلسلة اعتقالات لقيادات الجماعة، بما يخالف القانون.
الانقلاب العسكري بمفهومه الكلاسيكي هو «تغيير نظام الحكم السائد في البلاد عن طريق إطاحة الجيش بالحاكم سواء كان حاكما مدنيا أم حاكما عسكريا، ليتولى القائد العام للجيش الحكم لتحقيق هدف ما ربما يرتبط بتحقيق العدل والمساواة، أو مجرد طمع في السلطة».
والانقلاب العسكري غالبا ما يأتي على النقيض من النوع الثاني من الانقلابات الذي يعرف بـ «الانقلاب الأبيض أو السلمي»، حيث يكون الانقلاب من داخل مؤسسة الحكم نفسها. ويقوم الجيش بمعظم الانقلابات، التي غالبا ما تحمل نفس الملامح والإجراءات التي تعقبها تقريبا. فبعد كل انقلاب ناجح يتم إلقاء البيان رقم واحد عبر وسائل الإعلام الرسمية يعلن فيه المنقلبون الاستيلاء على السلطة.
الانقلابات العسكرية عادة ما تأتي ضد إرادة الشعوب، تتبعها حزمة من الإجراءات الاستثنائية التي تشمل الاعتقالات التعسفية، وفرض حالة الطوارئ، واللجوء إلى الأحكام العرفية التي يتم بموجبها تعطيل الدستور وتعليق العمل بالقانون المدني، وتقديم المعتقلين إلى القضاء العسكري الذي عادة ما يفتقد إلى النزاهة، ويكون تابعا بشكل مباشر إلى قيادة الجيش.
أصداء دولية
أغلب التنظيمات الإسلامية داخل وخارج مصر، اعتبرت أن ما حدث هو انقلاب عسكري بامتياز، فالجبهة الوطنية للدفاع عن الشرعية التي تضم أكبر القوى الإسلامية المصرية خرجت للتظاهر ضد عزل مرسي، وكذلك يتعلق الأمر بجبهة الإنقاذ الجزائرية، حركة النهضة التونسية، حزب العدالة والتنمية التركي، حركة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان المغربيتين، التجمع اليمني للإصلاح، وعدد كبير من التنظيمات الإسلامية، التي وصفت ما حدث بالانقلاب العسكري على شرعية رئيس منتخب بشكل ديمقراطي، وهو الموقف الذي تعزز بقرار الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية مصر، بل حتى إن الولايات المتحدة ظهرت رافضة للتدخل العسكري ومصرة على استكمال الحياة السياسية.
على الجانب الآخر، اعتبرت جامعة الدول العربية ما حدث ثورة جديدة، وهنأت مجموعة من الدول العربية كالسعودية والأردن والإمارات والمغرب مصر على رئيسها الجديد، وتحدث الاتحاد الأوروبي عن أن ما وقع ليس انقلابا عسكريا، وسادت حالة من الفرح بين جموع شباب حركة تمرد المصرية الذين دعوا إلى التظاهر، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المنظمات الحقوقية والمدنية المصرية، والخارجية المصرية، الأمر الذي يجعل الجدل قائما حول تسمية التدخل العسكري الأخير.
في هذا الإطار، نشر جونثان ماركوس، مراسل الشؤون الدبلوماسية في قناة الـ»بي بي سي» البريطانية، مقالة يتحدث فيها عن أن هذه الواقعة، تؤرق فعلا الخبراء السياسيين، فوزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، علّق عليها قائلا» إنه تدخل عسكري في نظام ديمقراطي، لكنه تدخل عسكري يحظى بشعبيته». بينما تحدث ماركوس عن أن الجيش المصري له دور كبير في السياسة منذ ثورة 25 يونيو، وهو الدور الذي لن يختفي في الأجل القريب، وأن السيسي لن يقبل أن تتخذ قواته موقف المشاهد للأوضاع السياسية وأن تغلق على نفسها في ثكناتها لحماية الحدود.
وزاد ماركوس أن إبعاد رئيس منتخب ديمقراطيا من قبل الجيش، يبدو في أي تعريف انقلابا، ولكن من ناحية أخرى، لا يمكن الحديث عن أن مصر عرفت في عهد مرسي ديمقراطية، «فدورة انتخابية واحدة، مهما كان التوق الشعبي للتغيير، لم تجعل من مصر ديمقراطية، لأن هذه الدولة، ومثل العديد من البلدان الأخرى التي تصبو نحو الديمقراطية، لم تستطع بعد ترسيخ العادات والسلوك الديمقراطي لدى الشعب وكذلك الزعماء السياسيين، ومرسي نفسه، لم يتشرب مبادئ الديمقراطية بشكل كاف»، داعيا الخبراء والمؤرخين وحكومات المنطقة والدبلوماسيين في العالم إلى التعامل مع واقع مصر الجديدة. 
أما فريد زكرياء، المحلل السياسي بقناة «سي إن إن» الأميركية، فقد كتب أنه من المثير للدهشة أن يعود الجيش المصري إلى واجهة الأحداث رغم الامتيازات الكبيرة التي نجح في الحصول عليها، متحدثا عن أن ما قام به السيسي يعتبر انقلابا ناعما، لكنه كذلك خطوة ذكية للغاية منه، عندما أحاط نفسه برجال الدين والمعارضة أثناء إلقائه لخطابه، وعندما صرّح للعالم أنه سيدعم بناء دولة ديمقراطية عكس دولة الإخوان التي ظهرت عيوبها برئيس منتخب حكم بأسوأ طريقة ممكنة وتجاوز سلطاته وتجاهل الأقليات وتسبب في احتجاجات واسعة.
وأضاف زكرياء أن هناك طريقين أمام مصر بعد هذا التدخل العسكري: إما تكرار تجربة الانقلاب العسكري «الناعم» في تركيا عندما أسقط الجيش حكومة أربكان الإسلامية بدعوى أنها تهدد النظام العلماني التركي، قبل أن يتراجع عن قراره فيما بعد، ويساهم في تنظيم انتخابات جديدة منحت الحكم لحزب العدالة والتنمية الذي ابتعد عن الدخول في صراع مع القوى العلمانية واحترم مبادئ الدولة العلمانية، أو أن تسير مصر في اتجاه السيناريو الجزائري بداية التسعينات عندما ألغى الجيش نتيجة الانتخابات التي تصدرتها جبهة الإنقاذ الإسلامية، فكانت النتيجة عشرية دموية لم ينس آثارها الجزائريون حتى الآن، مشددا على أن تكرار أي من النموذجين، يعتمد بشكل كبير على رد فعل جماعة الإخوان المسلمين وتعاطيها مع الأحداث.
انقلاب الشارع
ما حدث في مصر يختلف اختلافا جذريا عن ما يمكن توصيفه على أنه «انقلاب عسكري»، فقد خرج أكثر من 30 مليون مصري إلى الميادين والشوارع للتعبير عن رفضهم لحكم الإخوان الذي اتسم بالفشل،وازدادت معه المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية إلى درجة لم يستطع معها الجيش الانتظار طويلا لكي يتحرك، نزولا عند رغبة الشعب. فقد قررت القيادة العامة للجيش المصري التحرك بعدما أدركت أن نزول المصريين بهذه الكثافة، وإصرار قادة الإخوان على البقاء في السلطة، من الممكن أن يؤدي إلى حالة من الفوضى تفقد أجهزة الدولة معها السيطرة على مجريات الأحداث. 
ومن ضمن السيناريوهات التي كانت على وشك أن تحدث هو الاصطدام بين الملايين الرافضة لحكم مرسي، والآلاف التي دفعت بها الجماعة وحلفاؤها إلى الشوارع للتظاهر دعما لبقائها في الحكم، وهو السيناريو الذي كان يمثل تهديدا مباشرا لمقومات الدولة المصرية، ولتماسك بنية مؤسساتها. لكن هناك مراقبين يرون أن ما حدث من الممكن اعتباره انقلابا أبيض، ويستندون في ذلك على عدم لجوء الجيش المصري إلى استخدام القوة، غير أنهم لم يتطرقوا إلى حقيقة أن الجيش لم يحكم، ولم يسع إلى ذلك. 
العامل المشترك بين الانقلابات بنوعيها (الانقلاب العسكري أو الانقلاب الأبيض المدني) هو الإطاحة بالنظام القائم رغبة في الحكم من قبل من قاموا بالانقلاب، بغض النظر عن الدافع من وراء تلك الرغبة، وهو ما لم يتحقق في الحالة المصرية، حيث قام الجيش بالتسليم العاجل للسلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، وفق قواعد دستورية وقانونية واضحة، ووفق خارطة طريق شاركت فيها جميع القوى السياسية (باستثناء الإخوان) والمؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني المختلفة.
يظل التحدي الذي يواجه التجربة المصرية هو مدى التزام النظام الجديد بتنفيذ خارطة الطريق التي وضعها الجيش بالتوافق مع القوى الرئيسية في المجتمع.
ويبقى التوافق على المرحلة القادمة يلعب دورا رئيسيا في نجاح خارطة الطريق، وتجنب الصراعات السياسية والحزبية، وسيطرة المحاصصة على مجريات الأمور..