تقرير أوروبى يفيد أن احتمالات اللجوء للحل العسكرى هو أمر صعب للغاية وقد يكلف القائم به مسئوليات جسيمة ... وفيما يلى نستعرض هذا التقرير الذى قدمته "مجموعة الأزمات الدولية " اوروبية .

يقول تقرير “في المياه الثقيلة: برنامج إيران النووي.. مخاطر الحرب.. ودروس من تركيا” تقييما واضحا وواقعيا للغاية بشأن الأزمة الحالية بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل والمعضلات الحقيقية التي تقف أمام محاولات تجاوز الأزمة.
يعد التقرير الصادر عن “مجموعة الأزمات الدولية” أداة ممتازة بالنسبة لأي شخص يأمل أن يفهم الأزمة الحالية المتعلقة بمساعي إيران للحصول على التكنولوجيا النووية، ومحاولات الولايات المتحدة وإسرائيل الحيلولة دون ذلك. كما أنه يلائم أيضا القراءات المتشائمة حيث إنه يتوصل إلى أن الحل الدبلوماسي الشامل أمر مستبعد..

بالنسبة لمقاربة أميركا الحالية نحو إيران ومساعيها للحصول على التكنولوجيا النووية.

، يقدم التقرير صورة واضحة لآفاق نجاح السياسة الحالية. كما يوضح، وذلك صحيح تماما، أن العقوبات حتى الآن لم تكن فاعلة على الإطلاق في تحقيق هدفها الرئيس: وهو ردع زعماء إيران من الاستثمار في تقنيات ذلك المجال والعمل على تطويرها. فبعدما لم يكن لدى إيران أجهزة طرد مركزية فعالة في عام 2006 أصبح لديها الآن عدة آلاف في موقعين للتخصيب، وبنية تحتية نووية دقيقة، ومخزون من اليورانيوم المخصب..

و تعد النتائج التي توصل إليها التقرير بشأن هجمات عسكرية إسرائيلية محتملة كاشفة، خاصة في الوقت الذي تصاعدت فيه نبرة التوتر وأصبح كل يوم جديد يحمل تصريحا جديدا من واشنطن أو تل أبيب حول أن إيران النووية «غير مقبولة» وأن «كل الخيارات على الطاولة» للحيلولة دون ذلك. حيث يشير التقرير إلى أنه من المستحيل أن ندمر ببساطة المنشآت النووية الإيرانية عبر ضربات جوية وجيزة على غرار الضربة الإسرائيلية لمفاعل تموز في العراق في أوائل الثمانينيات. وذلك لأن انتشار المنشآت النووية، وحقيقة أن إيران تستطيع إعادة استئناف برنامجها بعد ذلك، بالإضافة إلى عمق وقوة شبكة الدفاع الجوي الإيرانية ربما تجعل من تلك الضربة عملا طويلا وصعبا ومكلفا وهو ما ربما يتجاوز قدرات إسرائيل.....

و يقدم التقرير أيضا تحليلا مفيدا حول التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، فهو يبرز الازدواجية التي جعلت بعض المراقبين يتخبطون وما زالت تضيف قدرا من الغموض الخطر على ذلك الموقف. فقد كان المسؤولون الإسرائيليون والسياسيون يحذرون من تهديد إيران النووية منذ عام 1982. ولكن صناعة القرار في مؤسسة الأمن الوطني الإسرائيلية تبدو غامضة في بعض الأحيان في ظل الإشارات المتخبطة حول الضرورة والرغبة في ضرب برنامج إيران النووي قبل أن يصل إلى «نقطة اللاعودة»: فهل يمثل ذلك البرنامج تهديدا خطيرا، أم وسيلة لفرض الضغط على واشنطن والغرب للتعامل مع الموقف، أم كليهما؟
وفي ما يتعلق بالتوصيات لحل ما يبدو أنه مشكلة مستحيلة، ينصح التقرير بالنظر إلى تركيا ومقاربتها تجاه إيران والاستلهام منها. ومن ثم، قضى معدو التقرير بعض الوقت في التنقيب في العلاقات الثنائية بين إيران وتركيا، وهي العلاقة التي سوف تتزايد أهميتها في المستقبل. وهو يصف كيف سعت تركيا لاستخدام العلاقات الطيبة بينها وبين الولايات المتحدة وبينها وبين إيران لكي تلعب دورا محايدا خلال العامين الماضيين..

 

وبناء على تحليله للعلاقات التركية الإيرانية، يقترح التقرير محاكاة الموقف التركي وينصح باللجوء إلى استراتيجية عميقة للتواصل، والتفاعل مع كل مراكز القوة في النظام السياسي الإيراني التركي – ليس فقط الرئيس والمرشد الأعلى – في محاولة لتحقيق أقصى إفادة..

لكن هل ذلك خيار واقعي؟ يذهب التقرير بالتفصيل في وصفه للروابط بين الدولتين خاصة الروابط الاقتصادية المتنامية ولكنه يناقش أيضا كيف أن العلاقات لم تكن دون شوائب. فقد أدت محاولات تركيا للتدخل إلى «تعثرها» في دور مثير للجدل»، «

كما أن نجاحها (مع البرازيل) في التوصل إلى صفقة بشأن الوقود النووي أثار دهشة حتى هؤلاء المسؤولين الذين ساهموا في صناعته..

يقر مؤلفو التقرير بأن تدخل تركيا «يأتي من الجوانب»: «حيث إن مركز جاذبية النزاع هو الثالوث الإيراني الأميركي الإسرائيلي، كما أن الصلات بين هذه الدول الثلاث لها طبيعة مختلفة عما بين إيران وتركيا وهي الصلات التي جعلت من الدبلوماسية خيارا ممكنا في المقام الأول. وهو ما يعني أن نموذج تركيا من التواصل ربما لا يمكن محاكاته على نطاق أوسع. كما يتوصل التقرير إلى أن قدرا كبيرا من النزاع بين إيران والولايات المتحدة له جذوره في السياسة المحلية في كلتا الدولتين وأنه ليس من الواضح تماما أن ذلك الموقف يجعل من الهجوم الدبلوماسي العميق والمستمر أمرا ممكنا...ا.

بغض النظر عن تلك القضايا، فإنه يعد بحثا مفيدا يستحق أن تتم دراسته بعناية على نطاق واسع، كتحذير وكتاب إرشادي في الوقت ذاته. حيث إن النتيجة الأساسية التي توصل إليها صحيحة تماما ودون شك: الدبلوماسية هي الحل الوحيد. لكن ما يثير القلق، أن من يحتلون المواقع المثلى لاستئناف الدبلوماسية مع إيران عالقون على الجوانب.