استضاف قصر بعبدا فريق عمل برنامج "inter-views" فأطلّ فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان من قصر بعبدا عبر شاشة تلفزيون المستقبل، أطّلّ ليُجيب عن أسئلةٍ ومخاوف كثيرة تعتصر فكر اللبناني، أطلّ ليؤكّد اعتزازه بلبنان واللبنانيين الذين لا ينتمون لأطراف سياسية، وليؤكد تكريسه لدولة القانون ودولة الدستور.

حيث رأى فخامة الرئيس بأن التمديد للمجلس النيابي أصبح واقعاً لا مفرّ منه ولكنه ليس واقعي بالنسبة له، لذلك سيطعن أمام المجلس الدستوري ليتأكد ويتحقق من دستورية هذا التمديد، ويبقى تنفيذ الإنتخابات افضل من أي عثرات تواجه البلد، ليتمكن لبنان من إيصال رسالته الديمقراطية إلى العالم. مطمئناً اللبنانيين بأن الانتخابات ستجري في أيلول أو تشرين الأول، وعلى المواطن والمرشح أن يحترم القانون. مشدداً على أن التمديد وسيلة رخيصة للإلتفاف حول الديمقراطية وبالتالي هو مخالفة دستورية، ولن يقبل بالتمديد لرئاسة الجمهورية حتى لو قام النواب بالتمديد له، لأن رئيس الجمهورية عندما يقبل بالتمديد هذا يعني بأنه سيقبل بكل الأوامر التي ستمليها عليه الجهة التي مددت له.

وأشار إلى أن ما يحصل في لبنان هو ممارسة سيئة للديمقراطية، لأن الشعب لا يحاسب الزعيم على أخطائه، وتمّ إعادة النظر في تشكيل الحكومة ليس خوفاً من أحد، ولكن خوفاً على المصلحة الوطنية، ولكن السلم الأهلي لا يصنعه رجل الأمن بل تصنعه الناس والمرجعيات الشعبية لهؤلاء الناس، وللأسف الخطاب الذي يخاطب الغرائز يغلب على خطاب العقل.

 وفي معرض الحديث عن زيارته لعرسال أشار سليمان إلى أن موضوع عرسال يختلف عن الاشتباكات المُدمية التي تحدث في طرابلس ويختلف أيضاً عن موضوع القصف الذي تتعرض له الهرمل وعكار، وحادثة عرسال الإرهابية تذكرنا بأحداث نهر البارد الأليمة، وهدفهم منها إرهاب الجيش اللبناني ليترك عرسال وغيرها من النقاط الحساسة، وزارها تأكيداً لهيبة الجيش الذي لا يخاف ولا يُهدّد.

هذا وأكد سليمان على أنه لن يعارض مصلحة المسيحيين برفضه للأرثوذكسي، لأن خيار المشاركة أربح بكثير للمسيحيين، وخسارة عشرة نواب مسيحيين أفضل من أن يأتي بالمقابل نواب متطرفين من الطرف الآخر، ويجب عدم التخلي عن الشراكة التي كرسها الطائف لأنها ضمانة لأمن لبنان. مجيباً على العماد ميشال عون بأن الزمن قادر على أن يجيب إن كان ميشال سليمان يحتاج إلى دورات تدريبية في أصول الحكم.

متمنياً لسورية السلم والديمقراطية لأن لبنان يتنفس من الرئة السورية، مشيراً إلى أن الرئيس الأسد صديقه ولكن الوفاء ليس له دور في علاقات الدول، ولا يمكن للوفاء أن يكون إلا للوطن ومصلحة الوطن. ورأى بأنه لا يحق للمعارضة السورية أن تقصف لبنان الذي احتضن شعبها، ولا يحق لها الإستمرار في أسر مخطوفي اعزاز، مشيراً إلى أنه سيتم التفاوض مع الجهات الخاطفة لتبادل الأسرى والإفراج عن المخطوفين، متأملاً بأن يكون "جينيف-"2 بداية للحل السياسي في سورية.

 وتمنى على السيد حسن نصرالله أن يعيد النظر في إقحام المقاومة في سورية فالمقاومة هي للبنان وليس لسورية، ولا يمكن للمقاومة أن تتصرف خارج إرادة الشعب اللبناني، والجميع يفتخر ويعتزّ بالمقاومة ولا نريد لها ان تتورط لا في الجولان ولا في سورية، ومحاربة التكفيريين تكون في توحد الشعب اللبناني  والتفافه حول الدولة ومؤسساتها. معلناً أن أبواب بعبدا مفتوحة للسيد نصر الله ولجميع الأفرقاء. مشيراً إلى ميله نحو إبدال ثلاثية "الجيش الشعب المقاومة" باستراتيجية دفاعية وإعلان بعبدا، وهذا لا يعني تسليم سلاح حزب الله بل يعني تدخل حزب الله لتأييد الجيش عندما يطلب الجيش ذلك.

ناهياً بتوجيه دعوة للزعماء اللبنانيين ليحافظوا على لبنان لنفتح المجال لأولادنا كي ينعموا بهذا الجمال الإلهي المختلط، ويعودوا إلى إعلان بعبدا الذي ينص على تخفيف حدة الخطاب السياسي المذهبي وتحييد لبنان، وعلى من أخل بإعلان بعبدا أن يعود إليه، ويعود الجميع إلى رشدهم..إلى وطنهم.

ويبقى العماد ميشال سليمان رجل المواقف في بلد الطوائف، مثالاً يُحتذى لكلّ زعيم لبناني، ورمزاً للوطنية والمواطنة، وخنجرَ حقٍ في ذاكرة من تخلّى عن وطنه وشعبه من أجل عرشه، وسجلاً مشرّفاً في تاريخ لبنان واللبنانيين...