لو قام مركز دراسات رصين، أو هيئة إعلامية مُنصفة، بإجراء استقصاء شعبي، حول مدى الضرّر الذي يتسبب به الشغور الرئاسي على مدى ثمانية أشهر، لجاءت الحصيلة صادمة لهذه الطبقة السياسية الفاسدة، والتي تلهج صباح مساء بضرورة ملء الشغور في كرسي الرئاسة الأولى، مع حرص أطياف هذه الطبقة السياسية جميعاً، على إطالة أمد هذا الفراغ، وفق مصالحهم ومطامعهم وصراعاتهم ومُناكفاتهم، وتزاحمهم على المنافع والخدمات والصفقات، في حين بات معظم اللبنانيين على قناعةٍ وافية، بأن لا ضرر البتّة من عدم وجود رئيس جمهورية جديد في قصر بعبدا، فها هي حكومة تصريف الأعمال، تُصرّف أعمالها بيُسرٍ وسهولة بحكم العادة والمصلحة العامة، والمجلس النيابي يُشرّع عند الضرورة، حسب القاعدة الفقهية المعروفة، الضرورات تُبيح المحظورات، لا بل إنّ الشغور الرئاسي باتت فضائله تربو على نواقصه، فموازنة رئاسة الجمهورية ضخمة وارقامها خيالية منذ أيام الرفاه والرغد، حتى ايام الفقر والعوز والضّنك، فها نحن وفّرنا رواتب رئيس الجمهورية ومُخصّصاته، لفترة جاوزت ثمانية أشهر، ومعها كلفة الخدم والحشم، ومُخصّصات المستشارين والأصهرة والأبناء والأقارب والأباعد، كما أنّنا لم نعد بحاجة إلى دلال الرئيس وعطفه لتأليف الحكومات، وتوقيع المراسيم، وللذكرى فقط  لم يُكلّف الرئيس السابق ميشال عون خاطره لتوقيع موازنة العام ٢٠٢٢، وللمفارقة لم يردّها للمجلس النيابي، بل تركها لمرور الزمن حتى تصبح نافذة، وعليه يمكن توجيه نصيحة لوجه الله للموفدين إلى لبنان لتسهيل الاستحقاق الدستوري بانتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد، لا تتكلفوا وتبذولوا جهوداً ستضيع هباءً ولا شك، ومن جهة المواطنين، يمكن أن نُطمئنكم أنّنا بخير والحمد لله، مع هذا الشغور الذي اعتدنا عليه وعلى أمثاله، أدام الله ظِلّه، وأفاء بخيره على المقيمين والمغتربين والنازحين واللاجئين، وسائر المواطنين الصابرين الغافلين.