إلى الذين يملأون القفار والديار قتلاً ورعبا، ويختلقون أساليب في القتل تقشعرّ لها الأبدان.وينشرونها على العلن. ليباروا جلّاديهم، ويثبتوا تفوقهم على الأنظمة التي استباحت البلاد والعباد لأكثر من نصف قرن وما زالت تصبّ حممها وبراميلها المتفجرة. على سُنّة من تسيرون؟ وما هي الأمثولة التي تعطونها للعباد ولمناصريكم؟ فتبّاً وسحقاً ولعناً لكم. فقد خبُثت الأرضُ تحت أقدامكم ، فمن يغسلُها من آثامكم وشروركم؟ وتدّعون سيرة  النبيّ العربي كذباً وزوراً وبهتانا. أم أغفلتم أهمّ مشاهده ومآثره يوم فتح مكة، فهاهو الجاحظ يقول في البيان والتبيين: ولو لم يكن من كرم عفوه ورجاحة حلمه إلا ما كان منه يوم فتح مكة.

لقد كان ذلك من أكمل الكمال، وذلك أنه حين دخل مكة عُنوةً وقد قتلوا أعمامه وبني أعمامه وأولياءه وقادة أنصاره بعد أن حصروه في الشعاب، وعذّبوا أصحابه بأنواع العذاب ،وجرحوه في بدنه وآذوه في نفسه، وسفهوا عليه، وأجمعوا على كيده، فلمّا دخلها بغير حمدهم، وظهر عليهم على صغرٍ منهم، قام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أقول كما قال أخي يوسف:(لا تثريب عليكمُ اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).انتهى كلام الجاحظ. والتثريب كالتانيب والتعيير والاستقصاء في اللوم كما ورد في لسان العرب. فتأمل أنه(ص) لم يشأ تثريبهم وقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. أم أنكم تريدون الإثبات للعالم أجمع أن هذا الدين هو دين السيف لا الرحمة، دين العنف لا التسامح، أما ما أبدعته البشرية من مواثيق لحفظ حقوق الإنسان وصون كرامته وآدميته فلم تخطر لكم على بال ،فبئس ما تقترفون ، وأقل ما تستحقونه التثريب والخزي.