قال الشاعر المتنبي:
هو الحظُّ، حتى تفضلَ العينُ أختَها
وحتى يكون اليومُ لليوم سيّدا.
وفي السِّيرة النبوية، قال شاعر بني جُرهُم، وهم أخوال أبناء إسماعيل بمكّة، عندما أزال بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة، وغبشان بن خزاعة مُلكَهم، وأخرجوهم من مكة:
وقائلةٍ والدّمعُ سكْبٌ مُبادرُ
وقد شرقت بالدمع منها المحاجرُ
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا
أنيسٌ، ولم يسمُر بمكّة سامرُ
فقُلتُ لها والقلب منّي كأنّما 
يُلجلجُه بين الجناحين طائرُ
بلى، نحن كُنّا أهلها فأزالَنا
صروفُ الليالي والجدودُ العواثرُ.
قرَنَ الشاعر الجُرهمي صروف الليالي( أي الدهر ومصائبه)، بالجدود العواثر، والجدود جمع جد، وهو الحظ، فجعل ما للدهر والحظّ معاً من خطبٍ جلل، فيما أصاب جُرهم، بزوال مُلكهم على مكة، وخروجهم منها.
على ما يبدو، فإنّ "الجدود العواثر" هي التي حالت، وما زالت تحول دون وصول الوزير السابق سليمان فرنجية لمنصب رئاسة الجمهورية، والحُجّة "الدامغة" التي يرفعها مُعارضوه اليوم هي اعتباره مرشح حزب الله، هذا في حين أنّه لم يكن عام ٢٠١٦ مرشح حزب الله، بل كان في مواجهة مرشح الحزب الأوحد ميشال عون، ومع ذلك لم يُؤيّد ترشيحه قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، لا بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فأيّد الرئيس السابق ميشال عون وصهره جبران باسيل، وهما على رِباطٍ وثيقٍ مع حزب الله عبر اتفاق مار مخايل، هذا الإتفاق مع مفاعيله هو الذي أودى بالبلاد إلى الإنهيار الشامل، منذ أن وطأت أقدام ميشال عون وصهره جبران باسيل عتبة قصر بعبدا، واليوم ها نحن عودٌ على بدء، تُناوئ القوات اللبنانية ومعها الكتائب، مع لفيفٍ من المستقلين و "التغييرين" سليمان فرنجية، كُرمى لعيون جبران باسيل، الذي يسعى جُهده "لحرق" كافة المرشحين للرئاسة الأولى، علّها تخلو له، وترسو عليه، كما خلت ورَست لعمّه ميشال عون عام ٢٠١٦ على طبقٍ من فضّة، يُساعد في ذلك الجدود العواثر لسليمان فرنجية، مُضافاً إليها مكائد وصروف أقطاب الموارنة في هذا الزمن العاثر، الذي ابتُلِيَ به المواطنون اللبنانيون.