ترك وزير الإعلام النازي جوزف غوبلز للمجموعات الإرهابيّة والتيارات الأصولية الإستبدادية، والأنظمة التوتاليتارية إرشاداتٍ ونصائح قيّمة، اختزلها بثلاث: الأولى منها توصي بالكذب المتواصل: إكذب..إكذب..إكذب حتى يُصدّقك الآخرون، وشاعت هذه النصيحة في أوساط الفاسدين وحمَلة الإيديولوجيات المُضلِّلة، وطُبّقت على نطاقٍ واسع، فجاءت نتائجها مُرضية حيناً، وباهرة في معظم الأحيان، أمّا النصيحة الثانية فجاءت أخطر من الأولى وأشد ضراوة، فهي تدعو إلى محاربة الثقافة والعلم واستئصالهما، فيقول بإحساسٍ مرهف: كلّما سمعتُ كلمة "ثقافة"، أتحسّس مُسدّسي، (يبدو أنّ الصحافي إبراهيم الأمين كان من طلائع من اعتنقوا هذا الإرشاد القويم)، أمّا النصيحة الثالثة فكانت أبلغ أثراً، وأسوأ مآلاً، حين قال: أعطني إعلاماً بلا ضمير، أُعطِكَ شعباً بلا وعي.


برعت الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة في تطبيق المبدأ النازي الغوبلزي الثالث، وكان رأس الحربة في تطبيق هذا المجال الثنائية الشيعية، مع التيار الوطني الحر برئاسة الرئيس السابق ميشال عون وصهره جبران باسيل، ونشطَ في سبيل ذلك حزب الله بتأهيل إعلاميين مغمورين، مع عسكريين متقاعدين مأجورين، ورجال سياسة مُبتذلين، يساعدهم في ذلك جيشٌ إلكترونيٌّ خفيّ، وأُغدقتْ في سبيل ذلك أموالٌ طائلة، واستُحدثت مراكز إعلامية مأجورة، فغدا سالم زهران مديراً لمركز الإرتكاز الإعلامي، وغسان جواد رئيساً للّقاء الإعلامي اللبناني، وكان قد هدّد مُحاورهُ في قناة الجزيرة الدكتور عمار القُربي بالقتل، وذلك لتعرّض الأخير للسيد نصرالله أمين عام حزب الله، أمّا "المناضل" الشيوعي السابق رفيق نصرالله، فقد غدا مديراً للمركز الدولي للإعلام والاتصالات، وهو يضع كل مؤهلاته "اليسارية" العتيقة في خدمة حزب الله ومشاريعه الإقليمية، ويكتفي السيد محمد عبيد( مدير عام سابق لوزارة الإعلام) بولائه التام لحزب الله والنظام السوري، مع احتفاظه بالهجوم الحاد على رئيس مجلس النواب، ويبرز في صفوف الجيش الإلكتروني "المُمانع" السيد فيصل عبدالساتر والسيد علي حجازي (الذي أنعم عليه مؤخّراً الرئيس بشار الأسد بمنصب الأمين العام القطري لحزب البعث اللبناني، أو ما تبقّى من فلوله)، وينضم بالطبع لهذه الجوقة الإعلامية صحافيو جريدة الأخبار، يتقدمهم رئيس تحرير الجريدة إبراهيم الأمين، ويتقدمهم لفيفٌ من رجال السياسة "الممانعين"، والذين يملأون شاشات التلفزيون صباح مساء نعيقاً وزعيقاً وتهليلاً وتبجيلاً للمقاومة والسيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، لتصُحّ مقولة غوبلز "الرشيدة": أعطني إعلاماً بلا ضمير، أعطك شعباً بلا وعي.

نهض الحارث بن حوطي الليثى إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو على المنبر، فقال" أتظنُّ أنّا نُقرّ بأنّ طلحة والزبير كانا على ضلال، فقال عليّ" يا حارث، إنّه ملبوسٌ عليك، إنّ الحقّ لا يُعرف بالرجال، فاعرف الحق تعرف أهله.