بعد أن أعيت الحيلةُ (ومعها السلاح غير الشرعي) الشيخ نعيم قاسم، لتطويع معظم اللبنانيين الذين لم يلتحقوا حتى الآن بحزب الله كأتباعٍ وعملاءَ ومرتزقة وذميّين، ها هو بالأمس يُخيّرُهم بين الخضوع لمشروع حزبه "الفارسي"، أو البحث عن حلِّ آخر، ولعلّه الإنذار الأخير، والحلُّ الآخر لا يعني سوى هجر الوطن، والهيام في أرض الله الواسعة، لذا نطمئن "فضيلتكم" بأنّنا مُتيّمون بهذا الوطن الذي إسمه لبنان، مغروسون بأرضه، راضون بعيشه، فخورون بأرزه، ولن نرضى عنه بديلاً، ولا نلومك يا شيخ، لأنّك لا تعرف حلاوة الوطن، والشيئ بالشيئ يُذكر: دخل شابٌّ من بني هاشم على الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، فسأله عن وفاة أبيه، فقال: مرض رضي الله عنه، يوم كذا وعام كذا، ومات رحمه الله يوم كذا، وخلّف رحمه الله من الأولاد كذا، وترك رحمه الله من المال كذا، فانتهرهُ الربيع، وزير الخليفة، وقال للشّاب: بين يدي أمير المؤمنين تُوالي الدعاء لأبيك! فقال له الشاب: لا ألومك لأنّك لا تعرف حلاوة الآباء، وكان الربيع عقيماً، فضحك المنصور ضحكاً افترّ عن نواجذه، وذلك على غير عادته، ونحن لا نلومك يا شيخ قاسم لأنّك لا تعرف حلاوة الوطن.

 

فضيلة الشيخ.. بات علينا أن نعظك موعظةً حسنة، أو نُذكّركَ، لعلّ الذكرى تنفعك، فمن كان غنيّاً دون وطنٍ فهو فقير، ومن كان قويّا دون وطنٍ فهو ضعيف، والأوطان لا تُبنى إلاّ بالعمل المُتقن الدؤوب، والإخلاص فيه، الأوطان تُبنى بنبذ العنف والتمييز العنصري، وتشجيع التّنوّع الثقافي والعلمي.

 


سماحة الشيخ..من ليس له وطن، لا هويّة له، ولا أخالُك غافلٌ عن القول المأثور: حُبُّ الوطن من الإيمان، ولا يُحبُّ الوطن ويتفانى في سبيله سوى هؤلاء الكادحين الذين ليس لهم مغانم ولا مصالح، ولا وليَّ فقيهٍ في آخر المعمورة، هم وحدهم القادرون على حماية الوطن وليس المنافقون، الذين لا ولاء لهم إلاّ لأنفسهم.

وأخيراً سماحة الشيخ، هل تدري لماذا يُطلق على اليهودي الصهيوني المهاجر إلى فلسطين بالمستوطن، لأنّه لا جذور له في وطن، يُقيم في مستوطنات لا يحضنها وطن، تحكمها العنصرية والكراهية والحقد والتّسلّح والكردسة، وهذا هو ما أبدعتم فيه حتى الآن، وبحمده تعالى، سنُقاوم ما أمكننا حتى لا نصل إلى التهجير القسري بعد التهجير الإختياري المعروض علينا اليوم.