قبل ستّة عشر عاماً من اليوم، تعرّض الصحافي والسياسي الناشط الراحل جبران تويني، لعملية اغتيالٍ إرهابية، كان تويني برلمانياً ناشطاً ضدّ سلطة الوصاية السورية على لبنان، وهو صاحب جريدة النهار ورئيس تحريرها، التي كانت منبراً حُرّاً فاعلاً ضدّ "الإحتلال" السوري، الذي كان مُقنّعاً تحت عنوان الوصاية "الأخوية"، وكان تويني قد لجأ قبل اغتياله إلى باريس هرباً من البطش السوري وأجهزته الأمنية، والذي كان قد نال قبله من الشهداء رفيق الحريري وسمير قصير وجورج حاوي، وأصاب بجراحٍ بليغة النائب مروان حمادة والإعلاميّة ميّ شدياق. وفي سبيل استدراج تويني للعودة إلى بيروت، عمد القتَلَة الجزارون إلى تنظيم حملات افتراءٍ وتجنٍ عليه، بوصفه جباناً فرّ من ساحة نضاله تارةً، وطوراً بتوجيه اتّهاماتٍ باطلة وشائنة بحقّه، وهكذا كان، ما أن وطأت قدَماه أرض الوطن، حتى كان القتلة بالمرصاد، ونجحوا في اغتياله، كما سبق لهم وفعلوا قبل تويني أو بعده.

 

 

إقرأ أيصا : يوسف المولى يطلب كفّ يد البيطار..لا تعمى الأبصار، ولكنها تعمى القلوب.

 

 


مع فداحة الخسارة الجسيمة باغتيال جبران تويني، ألقى بعضهم اللّوم على الشهيد، لمُغادرته ملاذاً آمناً في فرنسا، وعودته إلى حقل ألغامٍ خطرٍ على حياته وحياة مرافقيه، غافلين أنّ المُتيّم بحُبّ الوطن، والساعي إلى سيادته واستقلاله، لا يمكن له أن يبقى غائباً، فلا بدّ له أن يعود، لا بل لا يُعقل أن لا يعود المُناضل الوطني إلى بلده وأهله وزوجه وأصدقائه ورفاقه ومنبره وساحة نضاله، مُحالٌ أن يطمئنّ المناضل إلى أهومة المسافرين، ويترك نفسه نهباً لحداء القلق الطويل، المناضل يطمئن إلى جادّة العودة أكثر من اطمئنانه لمسالك الهجرة الموحشة، كما لا يمكن للمُناضل أن يطمئن قبل أن يرقى شهيداً.