الازمة التي بدأت مع تصريحات الوزير قرداحي مفردة صغيرة في أزمتنا الكبيرة وفي بحر الازمات اللبنانية المتلاحقة، وجرى استغلالها من كل حدب وصوب في الداخل أكثر من الخارج استغلها لبنانيون ضد لبنانيين آخرين، واستغلها لبنانيون ضد وطنهم وضد لبنانيتهم وضد مصلحتهم فكان الشعب اللبناني هو ضحية الشعارات وضحية التكاذب والتملق، وكنا أمام مشهد لبناني مريع بل مقزز في التعاطي مع هذه القضية وهي أولا وأخيرا لم تكن تستحق كل ما حصل لولا لبنانيتنا المشردة ولولا عمق الخلاف والإختلاف في معنى الإنتماء الحقيقي لهذا الوطن.
 

جاءت استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي لتعيد النقاش في جدوى التعنّت الذي ذهب إليه فريق من اللبنانيين منذ بداية الأزمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج بعد نشر تصريحات لوزير الاعلام اللبناني حول الحرب على اليمن.

 

ذهب هذا الفريق إلى التشدد في معالجة الأزمة مع السعودية تحت مسميات السيادة والكرامة وأخذ معه البلد كله إلى المزيد من الازمات السياسية والمعيشية والاقتصادية، وإلى المزيد من الإنقسامات السياسية بين اللبنانيين أنفسهم وبين لبنان ومحطيه العربي، وقد كنا بغنى عن كل ذلك لو استطاع هذا الفريق وعلى رأسه حزب الله أن يقدم ضرورة المصلحة الوطنية على خياراته السياسية ومواقفه تجاه المملكة العربية السعودية ودول الخليج، هذه المواقف التي لا تخدم بالضرورة موقف لبنان السياسي ولا تخدمه البتة في أزمته الراهنة بل تزيد وتراكم الازمات بعضها فوق بعض في وقت أحوج ما نكون فيه نحن اللبنانيين إلى تضافر الجهود لتجاوز الازمة بأقل الخسائر الممكنة إن من خلال التكاتف الداخلي أو من خلال تصحيح العلاقات مع عمقنا العربي ومحيطنا الدولي بعيدا عن أي خيارات لا تخدم مصلحتنا الوطنية في ظل الازمة الراهنة.

 

 

إقرأ أيضا :مين زحط بالمازوت؟!!

 

 

 

لقد آن الأوان أن يفرق حزب الله وقوى الممانعة بين الضرورات الوطنية وبين الخيارات السياسية، وأن يفرق بين موقفه كحزب أو كمحور من هذه الدولة أو تلك وبين ضرورة مراعاة الوضع اللبناني الراهن ودقة وحساسية المرحلة لأن المزيد من الانهيار سيصيب الجميع دون استثناء بما فيهم حزب الله نفسه.

 

 

أيا تكن ظروف استقالة الوزير قرداحي يوم أمس، وبغض النظر عن مستجدات ما حصل، وما إذا كانت هذه الاستقالة ستؤدي إلى تخفيف الإحتقان السياسي مع الاشقاء العرب، إلا أنها تأتي بعد أسابيع من التوتر والمماحكات السياسية  والتنظير وإطلاق الشعارات المهترئة حول السيادة والشرف، وبين بداية هذه الأزمة ونهايتها بالاستقالة (إذا انتهت) كان الخاسر الأكبر هو لبنان والشعب اللبناني خسرنا عامل الوقت وخسرنا سياسيا وخسرت كل الرهانات والخيارات التي تُفرض على القرار السياسي اللبناني عند كل أزمة من هذا النوع ولم تضف شيئا من السيادة والكرامة والوطنية في بلد مسحوق ماليا واقتصاديا ومعيشيا، وبالتالي فإن مراعاة الخصوصية اللبنانية وضرورات الواقع اللبناني بات ضرورة سياسية على حزب الله وفريقه أن يأخذها بعين الاعتبار وأن الوصاية على القرار السياسي وعلى علاقات لبنان الخارجية وامتداداته العربية ودبلوماسيته لم تعد تفيد حزب الله ولا غيره من الأطراف السياسية لكنها بالتأكيد تسيء إلى لبنان وشعب لبنان خصوصا خلال الازمة الراهنة.

 

 

إقرأ أيضا : الاستقلال الضائع!!

 

الازمة التي بدأت مع تصريحات الوزير قرداحي مفردة صغيرة في أزمتنا الكبيرة وفي بحر الازمات اللبنانية المتلاحقة، وجرى استغلالها من كل حدب وصوب في الداخل أكثر من الخارج استغلها لبنانيون ضد لبنانيين آخرين، واستغلها لبنانيون ضد وطنهم وضد لبنانيتهم وضد مصلحتهم فكان الشعب اللبناني هو ضحية الشعارات وضحية التكاذب والتملق، وكنا أمام  مشهد لبناني مريع بل مقزز في التعاطي مع هذه القضية وهي أولا وأخيرا لم تكن تستحق كل ما حصل لولا لبنانيتنا المشردة ولولا عمق الخلاف والإختلاف في معنى الإنتماء الحقيقي لهذا الوطن.