غريبٌ عجيبٌ أمر حزب الله وسيّده "المُعمّم" في تعاطيه مع الشؤون الداخلية اللبنانية، والتي بدأت مأساوية وتكاد أن تنتهي كارثية، فرغم اعتراف جميع الأطراف السياسية الفاسدة التي تحكم هذا البلد المنكوب، ومعها كافة الدول العربية والأجنبية المعنية بالشأن اللبناني، بأنّ علّة العلل في لبنان ومصدر أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمعيشية المتفاقمة هو الفساد ونهب المال العام ، وأنّه لا بُدّ من معالجة هذه الآفة واستئصالها، يعمد أمين عام حزب الله للحفاظ على منظومة الفساد ومحاولة "شرعنة" القطاع الحيوي من الفساد وهو قطاع المحروقات.

 


طوال عشرين شهراً من بداية الأزمة الإقتصادية التي تضرب البلد، والمواد الأساسية والحيوية كالمحروقات يجري تهريبها إلى سوريا، بموافقة الحزب ومُباركته، فضلاً عن اقتسام الغنائم مع رُوّاد التّهريب وزبانيته، ولم يعترف أمين عام حزب الله بذلك أبداً، وصرف النظر نهائياً عن السّعي لمعالجة هذا الإضطراب الخطير الذي يُصيب الإقتصاد الوطني في مقتله، حتى طلع على اللبنانيين منذ أيامٍ برواية عجيبة ( ولعلّها من قبيل المضحك المبكي)، ومفادها أنّ المسؤولين السوريين طلبوا من "سماحته" أن يتدخل لوقف التهريب من لبنان إلى سوريا، ذلك أنّ البنزين والمازوت والغاز والطحين والأدوية والمستلزمات الطبية المدعومة لبنانيّاً تُساهم في اضطراب خُطط النظام السوري الإقتصادية. 

 

 

إقرأ أيضا : الرئيس عون لن يستقيل قبل الإطمئنان على مستقبل الصّهر المُدلّل.

 

 


ما علينا.. هذه رواية أخرى من مسلسل روايات العِفّة والإستقامة وخدمة المجتمع اللبناني بأشفار العيون، مع سيل الإنتصارات المتتالية، أمّا اليوم( يوم عاشوراء المقدّسة) فأمين عام حزب الله بحاول ضرب آخر مظهر من مظاهر سيادة البلد، لِيُعلن قرب وصول باخرة محروقات من إيران، رغم المخاطر "الحربية" الدولية والإقليمية، وهو يعلم أنّ باخرةّ من هنا أو باخرة من هناك، لن تحُلّ أزمة المحروقات، إن لم تُفاقمها زيادة، فالمعلوم أنّ مصرف لبنان المركزي سمح بإدخال أكثر من عشر بواخر مُحمّلة بالبنزين والمازوت، عقب السماح له بالإستيراد على سعر الدعم: ٣٩٠٠ ليرة لبنانية مقابل الدولار الأمريكي، وذلك بهدف سدّ الحاجة الداخلية وإشباع السوق المحلي، ومع ذلك ذهبت الكميات الكبيرة الفائضة لتستقرّ في خزائن مسؤولي النظام والأحزاب والتنظيمات الميليشياوية والمُهرّبين والسماسرة، وبقي الشعب اللبناني الصابر المحتسب واقفاً في طوابير طويلة مذلولاً أمام محطات الوقود وأبواب الأفران، غارقاً في الظلام لإنقطاع الكهرباء والمازوت، بلا وليٍّ ولا نصير، حالُه حالُ سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، والذي يتباكون اليوم في ذكرى استشهاده، ويمكرون بإظهار الحزن والأسى عليه وعلى آله، واليوم أضافوا عليها استعراض العضلات، ونثر المزيد من المزاعم والأباطيل.