تصل أزمة الكهرباء الى خط النهاية هذا الاسبوع مع إطفاء متوقع لمعامل الكهرباء في غضون ايام ودخول لبنان في العتمة الشاملة. هذه النهاية متوقعة مع استفحال أزمة الكهرباء في الفترة الأخيرة، بحيث بلغ التقنين ذروته بتخطّيه العشرين ساعة يومياً.
 
دخل لبنان في الانهيار الكامل الذي سيقضي على كل مفاصل الحياة، فبعد الأزمات المتلاحقة من الدواء الى المازوت والبنزين، 4 أيام تفصلنا عن العتمة الشاملة التي لن تستثني أيّاً من القطاعات الخاصة والعامة، وستنسحب علامات الانهيار على استمرارية العمل في المجالات كافة وقد علا تحذير اوجيرو امس مهدّدة بعدم قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات، كذلك تجمع أصحاب المولدات الخاصة الذين يبدأون اعتباراً من هذا الأسبوع باعتماد نظام التقنين على التقنين.

 

وفي هذا الاطار، تقول مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان لـ«الجمهورية» ان مشكلة الكهرباء ليست وليدة الساعة إنما بدأت منذ حوالى الشهر ونصف الشهر، عندما جرى الطعن في المجلس الدستوري في القانون الرقم 215 / 2021 القاضي بمنح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 300 مليار ليرة لتأمين حاجتها من الفيول لشهرين، إذ بنتيجة هذا الطعن توقفت كل اعتمادات الكهرباء، وصُرف خلال شهر أيار الماضي جزء من اعتماد السلفة القديمة وجزء من أموال المؤسسة. لكن، وبعد ان انتهت مهَل المجلس الدستوري في 26 أيار بحيث اصبح الطعن وراءنا، وقّع وزير المالية غازي وزني 4 اعتمادات بقيمة 62 مليون دولار لشراء الفيول اويل grade A و grade B لصالح مؤسسة كهرباء لبنان لبواخر صغيرة بحدود 30 الف طن، الّا ان مصرف لبنان فتح اعتماداً واحداً grade A بقيمة 13 مليون دولار، وابلغ وزير المال انه لن يفتح بقية الاعتمادات، وبناء عليه اصبح لدينا الباخرة التي أفرغت حمولتها في الذوق منذ يومين تشغّل ماكينتين فقط في المعمل القديم بإنتاج اجمالي يتراوح ما بين 700 الى 720 ميغاوات.

 

وكشفت المصادر انه في غضون 4 الى 5 أيام ستُطفأ معامل الذوق والجية بالكامل، لافتة الى انه سبق للمؤسسة ان اتخذت تدابير احترازية منذ حوالى الأسبوع، إذ خفضت بموجبها قدرة هذه المعامل الإنتاجية كي تتمكن من تأمين الكهرباء لفترة زمنية أطول وهذا ما يفسّر استمرار التغذية ولو بتقنين قاس لفترة أطول، إذ لولا هذه الإجراءات الاحترازية لكان معمل الجية قد توقّف بالكامل يوم الجمعة الماضي في 4 حزيران ومعمل الذوق اليوم في 7 حزيران، فهذه الإجراءات مددت إنتاج الكهرباء 5 أيام إضافية انما بحمولة اقل وليس بطاقة قصوى.

 

وتابعت المصادر: أمامنا نحو 4 أيام قبل إطفاء معملي الزهراني ودير عمار، أمّا المعامل الجديدة العاملة بمحركات عكسية فستستمر بالعمل لفترة لا تتعدى الـ 15 يوماً إنما بإنتاج لن يزيد عن 300 ميغاوات بما يساوي ساعة تغذية يومياً، على ان نكون بعدها في عتمة شاملة وكاملة. لكن المصادر كشفت ان الشبكة لا يمكنها ان تعمل لإنتاج 300 ميغاوات فقط، فهي في هذه الحالة ستعمل من دون استقرار بما قد يسبّب صدمة للشبكة تنتج عنها العتمة المطلقة، فالشبكة لا يمكنها ان تعمل بحد أدنى من الاستقرار اذا كان إنتاجها يقل عن 1000 ميغاوات.

 

وعن التحسّن المرتقب في التغذية في حال افرج مصرف لبنان على السلفة كاملة، تقول المصادر انّ سلفة 300 مليار ليرة تعتبر زهيدة جداً، خصوصاً انّ سعر برميل النفط عالمياً وصل الى 72 دولارا. وبالتالي، اذا استعملت هذه السلفة لإعطاء حد أدنى من الإنتاج، أي توفير حوالى 1200 ميغاوات، فهي لن تكفي اكثر من شهر ونصف الشهر، خصوصاً انه قد صرف من هذه السلفة حتى الآن 13 مليون دولار لـ grade A. وشرحت المصادر ان لا خيارات اليوم امام القطاع العام لتأمين الدولارات الا من خلال مصرف لبنان، وبالتالي انّ قرار فتح اعتماد بالعملات الأجنبية منوط فقط بمصرف لبنان الذي تتبع له كل الادارات اللبنانية والمؤسسات العامة التابعة لها، فهي لا يمكنها ان تشتري الدولار الا من مصرف لبنان ولا يمكنها ان تحوّله الى الخارج او فتح اعتماد الا من خلاله ووفق سعر الصرف الرسمي المحدد، على عكس القطاع الخاص الذي باستطاعته ان يؤمّن المازوت والبنزين والأدوية والقمح من خلال فتح اعتمادات في المصارف الخاصة، كما يمكنه شراء الدولار من السوق الموازي لتأمين السلعة او من خلال تحويل أموال في الخارج لشراء حاجاته.


 

تقنين المولدات

 

الى ذلك، وبعدما كان التعويل على خدمة المولدات الخاصة هو الحل الوحيد لمجابهة التقنين، أعلن رئيس تجمع أصحاب المولدات عبدو سعادة عن التوجه إلى التقنين ما بين الـ 4 الى 5 ساعات يومياً ابتداءً من هذا الأسبوع، عازياً ذلك الى الشح في مادة المازوت والى اضطرار اصحاب المولدات الى شرائه من السوق السوداء في حال وجوده وبسعر يصل إلى 40 ألف ليرة لبنانية، في حين أنّ السعر الرسمي المحدد من قبل الدولة هو 28 ألفاً».

 

وعن تسعيرة الفواتير قال: مهما ارتفعت ساعات التقنين فنحن نلتزم بالتسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة وأرباحنا محدودة، لكن الخطر الاكبر يكمن في رفع الدعم كلياً عن المازوت فهذه الخطوة ستؤدي الى كارثة اجتماعية.

 

ولفت الى انّ رفع الدعم سيؤدّي إلى ارتفاع التسعيرة 4 أضعاف، وهي مرتبطة بسعر المازوت وسعر صرف دولار وساعات القطع. لكن المشكلة ان ليس كل اصحاب المولدات سيكون بمقدورهم شراء المازوت، ففي عملية حسابية بسيطة، نحن نشتري اليوم المازوت بـ 28 الف ليرة، ويشتري صاحب المولد المازوت بحوالى 50 مليون ليرة في الشهر، لكن اذا رفع الدعم سيصبح ثمن صفيحة المازوت 127 الفاً اي ستزيد الفاتورة 4 أضعاف لتصبح ما بين 200 و220 مليون ليرة شهرياً. وعليه، انّ 70% من اصحاب المولدات لن يكون بمقدورهم ان يشتروا المازوت».

 

التقنين يهدّد الانترنت

 

على خط مواز، حذّر المدير العام لهيئة اوجيرو عماد كريدية في تغريدة امس من «ان الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لهيئة أوجيرو وزيادة الطلب على المحروقات التي باتت نادرة هي ايضاً». اضاف: «انّ استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جدياً إمكانية اوجيرو بتقديم الخدمات. أللهم اني بلغت، أللهم فاشهد». وقال كريدية: «إنقطاع الانترنت أصبح جدياً والهدف من تغريدتي إطلاق آخر جرس إنذار».