قال طاهر بن الحسين لأبي عبدالله المروزي: منذ كم صرتَ إلى العراق يا أبا عبد الله؟ قال: دخلتُ العراق منذ عشرين سنة، وأنا أصوم الدهر منذ ثلاثين سنة. فقال طاهر بن الحسين: يا أبا عبد الله، سألناك عن مسألة، فأجبتنا عن مسألتين. كلما سُئل العوني عن عهد عون البائس، أجاب عن عهد باسيل الفاشل.
 

ظهر بالأمس على قناة الجديد الصحافي والناشط العوني السابق جان عزيز( ولربما هو ناشط حالي لاعتباره الجنرال عون قائداً للأبد) ليُدلي بمعلوماتٍ وتحليلاتٍ على جانبٍ كبير من الخطورة، إذ يرُدّ عزيز تعثُّر العهد العوني البائس وخيباته( ودمار لبنان جرّاء ذلك) للحاشية المُحيطة بالرئيس عون، والمُمسكة بمقاليد الحكم والنفوذ في موقع رئاسة الجمهورية، وموقع التيار الوطني الحر، ويتزعم هذه الحاشية في نظر عزيز ( كما في نظر الجميع) الصهر المُدلّل والمحظوظ جبران باسيل، وإذ يبقى الجنرال عون في منطق عزيز وتصوُّره وخياله، هو القديس الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنّ العناية الإلهية هي التي بعثته لنُصرة لبنان وخلاص شعبه منذ أكثر من ربع قرن من الزمن، حتى جاء المُبطِلون المُتسلقون، الذين يُحسنون الإستثمار في القضايا "المُقدّسة"، فأفسدوا المسيرة "المُظفّرة" للقائد الأسطوري الذي لا يُخطئ، ولا يُصيبه وهنٌ ولا زلل، إلاّ أنّ أغرب ما جاء به عزيز في مقابلته هذه، إصراره ورؤيته "الثاقبة" بأنّ الرئيس عون هو الوحيد الذي يستطيع أن يُنقذ لبنان من أزماته المُستعصية، فهو الوحيد القادر أن  يقف موقف النّد إزاء السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وسلاحه غير الشرعي، وهو الوحيد الذي يمكن أن يقف بوجه الرئيس السوري بشار الاسد، ليُحدّد ولمرّة واحدة وأخيرة الحدود اللبنانية السورية، وهو الوحيد الذي يمكن له أن يُصحّح علاقات لبنان الدولية والعربية، أمّا التسويات والمحاصصات ونهب المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ وتكديس الثروات والفساد، فهذه كلها لا يد للرئيس عون فيها، وكل ما يمكن أن يُقال اليوم بأن آن الأوان لوضع حدٍّ نهائي لسطوة الوزير السابق جبران باسيل وغطرساته، وهو الساعي بكل ما يملك من جهدٍ ومالٍ ونفوذ، لإعادة تسوية العام ٢٠١٦ الرئاسية مع الرئيس سعد الحريري إلى سابق عهدها، وتجديد نشاطها وإعادة تفعيلها، والدليل على ذلك تعثّر ولادة الحكومة الجديدة التي لن تُبصر النور قبل الإتفاق الباسيلي- الحريري.

 

إقرأ أيضا : فؤاد أبو ناضر..إحياء الخطاب الطائفي، وتجربة حزب الله المِثال والقُدوة.

 

 


للأسف الشديد، حتى عند العونيّين "المُتنوّرين" كالسيد جان عزيز، لا بارقة أمل في إعادة قراءة موضوعيّة لسيرة الجنرال عون منذ ثلاثة عقودٍ حتى الآن، والإعتراف بأنّه عبارة عن شخصية مزاجية مُتقلّبة ومُتسلّطة، لا تختلف كثيراً عن سائر الطُّغاة الديكتاتوريّين على مدى التاريخ، ينشطون في تأليب جماعات غرائزية وعنصرية مُتخلّفة وفاشيّة حول شخصهم الفرداني،، ومن ثمّ ينغمسون في حروبٍ دامية وعبثيّة، مشفوعة بشعارات شعبويّة مُضلّلة، لا تصل في نهاياتها ومآلاتها إلاّ إلى الدمار وسقوط الضحايا، وخراب الأوطان.

 


قال طاهر بن الحسين لأبي عبدالله المروزي: منذ كم صرتَ إلى العراق يا أبا عبد الله؟ قال: دخلتُ العراق منذ عشرين سنة، وأنا أصوم الدهر منذ ثلاثين سنة. فقال طاهر بن الحسين: يا أبا عبد الله، سألناك عن مسألة، فأجبتنا عن مسألتين. كلما سُئل العوني عن عهد عون البائس، أجاب عن عهد باسيل الفاشل.