كُرّم الياس الرحباني على الألسن والشفاه وعبر الأقلام الالكترونيّة وفي قلوب محبيه وكل من غنى له لكنّه رحل دون إنصاف يليق بكبارنا. كرّمته دول العالم ولم يكرّمه وطنه ولا دولته الفاقدة للصفة وأبسط واجباتها تجاه مواطنيها وكبارها الذين يُتركون لمصيرهم، لذا لا يليق بها شرف تكريم العظماء أمثاله.
 

فُجع اللبنانيون والوسط الفني اللبناني والعربي اليوم بخبر وفاة الموسيقار الكبير الياس الرحباني، ليكون بعد المخرج السوري حاتم علي والكاتب المصري وحيد حامد ثالث العباقرة الراحلين في أقل من أسبوع.

 

 

رحل الرحباني الكبير عن عمر يناهز ال ٨٣ عاماً بعد إصابته بفيروس كورونا اللعين، الذي يتفشّى بسرعة وسط غياب المسؤولية واستقبال الموبوئين من الخارج ولا إجراءات صارمة تتّخذ لوقف الفلتان الكوروني. الراحل الياس هو الشقيق الأصغر لأخويه العملاقين عاصي ومنصور الذين تركا له إرثاً عظيماً خلّده الياس وكان خير أمين على المدرسة الرحبانيّة. وكان رفيق سفيرتنا الخالدة فيروز وقدّم لها أغنيات لا تغيب عن البال والذاكرة أشهرها “حنا السكران” و “يا طير الوروار” و ” بيني وبينك” و ” الأوضة المنسية” و” قتلوني عيونها السود” “ياي ياي يا ناسيني” وغيرها من المقطوعات الموسيقية المبدعة.

 

 

أما أولى ألحانه فكانت “موزاييك الشرق” عام 1972، و”يللي مش عارف اسمك” لسمير حنا. غنّى من ألحانه كبار الزمن الجميل الشحرورة صباح “كيف حالك يا اسمر” “شفتو بالقناطر” و” يا هلي يابا”. ولحّن للعملاق وديع الصافي عدة أغنيات منها “يا قمر الدار” و “يا بومرعي” و”لا تهزي كبوش التوتي”. وألحان أخرى غنّاها الكبير نصري شمس الدين ومن ألحانه أيضاً”عم بحلمك يا حلم يا لبنان” للقديرة ماجدة الرومي.

 

 

كان الياس الرحباني متخصّصاً في الموسيقى ودرس التأليف الموسيقي في فرنسا. برع في عدّة مجالات منها قيادة الأوركسترا وتأليف الموسيقى التصويريّة للأفلام والتوزيع الموسيقي إلى جانب التلحين. في رصيده أكثر من 2500 أغنية ومعزوفة. وحاز على الكثير من الجوائز العالمية وكرّمته دول أجنبية عديدة كالبندقية واليونان وألمانيا ولندن . وعام 2000 كرّمته جامعة بارينغتون في واشنطن بمنحه الدكتوراه الفخرية وكذلك جامعة أستورياس في إسبانيا.

 

أليسار جابر

 

لمع نجم الراحل بتجربتين في مجال التحكيم في أبرز برامج الهواة فشارك كعضو لجنة تحكيم في برنامج “سوبر ستار” و “ستار أكاديمي” وأشرف على إطلاق أهم النجوم كملحم زين ورويدا عطية وديانا كرزون وغيرهم. نعاه الوسط الفني بأكمله من فنانين وموسيقيين وممثلين وإعلاميين، وكان رثاؤه عربياً وليس فقط لبنانياً تقديراً لقامته الفنيّة وإرث الرحابنة العريق الذين كتبوا لنا لبنان الأجمل في أرقى صور الإبداع والفنّ الموسيقي الحقيقي الذي خلّد زمننا الجميل ورفعه لمرتبة العمالقة.

 

 

برحيل الرحباني ‏وآخرالعمالقة الثلاثة، نفقد جزءاً من تاريخ لبناننا والعصر الذهبي الجميل. كبير وشامخ كأرز لبنان فقدنا معه شعور الأمان بمن خلّد المدرسة الرحبانيّة لأخويه وكان رفيق فيروز. لم يعد الفن بشيء من الخير ونحن نودّع كلّ يوم مبدع عربي وصانع لإرثنا وهويّتنا الفنيّة.

 

 

كُرّم الياس الرحباني على الألسن والشفاه وعبر الأقلام الالكترونيّة وفي قلوب محبيه وكل من غنى له لكنّه رحل دون إنصاف يليق بكبارنا. كرّمته دول العالم ولم يكرّمه وطنه ولا دولته الفاقدة للصفة وأبسط واجباتها تجاه مواطنيها وكبارها الذين يُتركون لمصيرهم، لذا لا يليق بها شرف تكريم العظماء أمثاله.