قالت مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية»، تعليقاً على ما جرى السبت، انّ «هناك شعوراً أكثر من جدّي لدى كلّ المستويات بأنّ ثمّة جهات خارجيةٍ تحاول عبر جهاتٍ داخلية باتت معلومة بالإسم، أخذ لبنان إلى أزمةٍ كبرى تبدّت نذرها السيئة في محاولة استدعاء الحرب الأهلية».
 
إجتازت البلاد في عطلة نهاية الاسبوع قطوعاً خطيراً، اذ كادت تنزلق الى فتنة مذهبية وطائفية مستطيرة، جرّاء ما شهدتها التظاهرات في بيروت والمناطق من هتافات تطاول بالقدح والذم رموزاً دينية ومرجعيات وقيادات سياسية، وسرعان ما تُرجمت عنفاً في الشارع على مستويين: اعمال عنف وتخريب لممتلكات خاصة وعامة في محيط مقرّ مجلس النواب في ساحة النجمة خصوصاً، وفي وسط العاصمة عموماً، وتعارك واشتباكات في بعض احياء بيروت وضواحيها على خلفية فيديوهات (قيل انّ بعضها مفبرك) شاعت على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وتتضمن شتماً لرموز دينية وقيادات سياسية.
 
وتسارعت الاتصالات على كل المستويات للجمها، في ظلّ اجراءات وانتشار امني وعسكري كبير لوقفها. الى حدّ انّ ما حصل نقل اهتمامات اللبنانيين من حراك يستهدف الضغط لحلّ ازمات البلاد الاقتصادية والمالية والمعيشية ومكافحة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة واسقاط الطبقة السياسية المسؤولة عن الانهيار الاقتصادي والمالي السائد، الى الخوف من عودة البلاد الى الحرب وسقوط السلم الأهلي. وقد طرح المراقبون امس اسئلة كثيرة عن اسباب ما حصل وخلفياته، ومن يقف وراءه، من زاوية انّ المتضرّر الأكبر منه، بعد الوضع الوطني العام في البلاد، هو الحراك الشعبي الذي يبدو انّ البعض قد ادخله في ملفات كبرى تتعدّى معالجتها قدرة لبنان الى الخارج الاقليمي والدولي، بغية احباطه، بعد كان هزّ كل اركان الطبقة السياسية عندما بدأ في 17 تشرين الاول الماضي. وذهب البعض الى القول انّ الطبقة السياسية المسؤولة عما آلت اليه البلاد كانت المستفيد الاول مما حصل، فيما الحراك كان المتضرر الأكبر، لأنّ جُرعة التسييس التي حقنه البعض بها هذه المرة، بلغت حدّ إثارة الفتنة بين السنّة والشيعة وبين المسيحيين والمسلمين، وبين اللبنانيين عموماً، الامر الذي يدفع البلاد الى المجهول.
 
وانطلاقاً من ذلك، قالت مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية»، تعليقاً على ما جرى السبت، انّ «هناك شعوراً أكثر من جدّي لدى كلّ المستويات بأنّ ثمّة جهات خارجيةٍ تحاول عبر جهاتٍ داخلية باتت معلومة بالإسم، أخذ لبنان إلى أزمةٍ كبرى تبدّت نذرها السيئة في محاولة استدعاء الحرب الأهلية».
 
وبحسب المصادر نفسها، فإنّ ما حصل «أحدث صدمةً كبرى لدى الطاقم السياسي بكلّ تنوّعاته وباتت مفاعيلها الخطيرة تحتّم التقاء القوى السياسية حول هدفٍ وحيد هو إعادة تحصين البلد، خصوصاً وأنّ ما حصل من حيث خطورته وقرعه لباب الفتنة، وضع مصير لبنان واللبنانيين على المحكّ».
 
وأكّدت المصادر نفسها، أنّ «خطورة الوضع ألقت الكرة فوراً في ملعب الفريق الحاكم لكي يُقدِم عبر الحكومة التي يرعاها على خطواتٍ تحصينية فورية ونوعية، إن في الاتّجاه الإقتصادي والمالي أو في الاتّجاه الأمني الذي يمكن القول إنّ فتيله قد أُطفئ أمس، إلّا أنّ الجمر سيبقى مشتعلاً تحت الرماد، رماد الفتنة، إذا كان عنوان الحكومة سيبقى هو العجز والتلكؤ».
 
وكانت الاتصالات تواصلت على كل المستويات امس لتطويق ذيول احداث السبت، التي توزعت بين بيروت وضواحيها وبعض المناطق، وتوقفت بعيد منتصف الليل. وقد شهدت هذه المناطق تدابير امنية وعسكرية مشدّدة اتخذتها قوى الجيش والاجهزة الامنية. وقد توجّت هذه الاتصالات باجتماع امني رأسه رئيس الحكومة حسان دياب، ضمّه الى نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر، وزير الداخلية محمد فهمي، وزيرة العدل ماري كلود نجم، قائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، مدير المخابرات العميد طوني منصور، نائب المدير العام لأمن الدولة العميد سمير سنان، رئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود، ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب. وبحث المجتمعون في آخر المستجدات الأمنية، لا سيما بعد الأحداث التي شهدتها العاصمة بيروت ليل أمس الاول، وأكّدوا أهمية حفظ الأمن وحماية الاستقرار وصون السلم الأهلي لمنع العابثين من زرع الفتنة.