اليوم لا حاجة لأحد لأصواتهم، أن ينقلوا أنفسهم وعلى حسابهم الشخصي إلى وطن المقابر الجماعية، من الفقر، والجوع، والعوز، والذل من كراتين الحصص الغذائية أمام الكاميرات، أو في طوابير على الصرافات الآلية وأفران الخبز، والدكاكين، وسوق الخضار وبين جلادين: فإما دفع غرامات الحظر.. وإما أن تنفُّس أنفاس الموبوئين.
 

أثناء الحملات الانتخابية ينشط سماسرة مصاصي الدماء في الغربة، ليبحثوا عن كل صوت في المناطق الساخنة حيث يضمنون فوزهم في صناديق دفن الأحلام في بناء وطن العدالة، يفتحون خزائن مالهم في دفع تذاكر السفر ومصاريف الاقامة ووقود السيارات، يُحصون أعداد الركاب بدقة كرؤوس الغنم المستوردة في بواخر المواشي، مرحبين بهم في المطار، أو بيافطات أمام مداخل قراهم، أو بقهوة مُرّة في مكاتب المخاتير ومأموري النفوس، بضحكات خبيثة على وجوههم كمن ينتهي من الغانيات بعد التمتع بهن. 

 

أما الآن في إجلاء المغتربين من دول الوباء وعلى نفقتهم الخاصة لا مصلحة لهم، أو ناقة أو جمل في ترحيلهم إلى إهلهم ومجتمعهم، فسوف يحجز التذاكر من هم ميسوري الحال، ويُترك لمصيرهم مياومين يعيشون في الغربة يوما بيوم من باعة مناقيش الزعتر، والخبز المرقوق، وأُجَراء المطاعم، وعمال المعامل، والنساء اللواتي يُحضّرن الاكل البلدي ببيوتهن وبيعه في الاسواق، والطلاب الذين اقتطع أهلهم لحم جسدهم لتعليمهم، اليوم لا حاجة لأحد لأصواتهم، أن ينقلوا أنفسهم وعلى حسابهم الشخصي إلى وطن المقابر الجماعية، من الفقر، والجوع، والعوز، والذل من كراتين الحصص الغذائية أمام الكاميرات، أو في طوابير على الصرافات الآلية وأفران الخبز، والدكاكين، وسوق الخضار وبين جلادين: فإما دفع غرامات الحظر.. وإما أن تنفُّس أنفاس الموبوئين.

علي دياب شاهين