تتكرر مشاهد التفلت من التعبئة العامة وكانت واضحة امس بعد تهافت المواطنين الى المصارف. ولعل مبعث الخطورة الموازية الذي واكب مشاهد التفلت امس تمثل في ما يبدو بالنوم على حرير تسجيل ارتفاع ‏طفيف في عدد الحالات المثبتة مخبريا في إصابات الكورونا والتي بلغت ثماني حالات إيجابية في ما عزي الى ان ‏معظم المختبرات لا تعمل أيام الآحاد وهو الامر الذي اضطرت معه وزارة الصحة الى اصدار توضيح في هذا ‏الشأن. وكان التقرير اليومي لوزارة الصحة افاد بان مجموع عدد الإصابات المثبتة مخبريا بلغ امس 446 بزيادة ‏ثماني إصابات عن اليوم السابق فيما بلغ عدد حالات الشفاء من كورونا 35 وسجل وفاة مريضة في العقد الثامن ‏من العمر تعاني أمراضا مزمنة ما رفع حالات الوفاة الى 11. وشددت الوزارة تكرارا على ضرورة تطبيق ‏الإجراءات الوقائية كافة ولا سيما منها الحجز المنزلي التام لافتة الى انه اضحى مسؤولية أخلاقية وفردية ‏ومجتمعية واجبة على كل مواطن واي تهاون في تطبيقها سيعرض صاحبها للملاحقة القانونية والجزائية. ولفتت ‏الوزارة لاحقا الى ان الحالات الثماني الإيجابية التي أعلنتها في تقريرها اليومي تم تأكيدها من اصل 205 ‏فحوصات مخبرية أجرتها أربعة مختبرات معتمدة من الوزارة، اما المختبرات الأخرى فلم ترسل نتائج ‏الفحوصات التي أجرتها بسبب إقفالها يوم الاحد. ويستنتج من ذلك ان حصيلة النتائج المخبرية التي ستعلن من ‏اليوم يرجح ان تكون اكبر وربما بنِسَب اكثر ارتفاعا. غير ان التطور الإيجابي الذي برز على صعيد تحصين ‏الاستعدادات الطبية والصحية للمواجهة مع انتشار كورونا تمثل في اعلان وزير الصحة حمد حسن ان كل ‏المستشفيات الحكومية ستكون الأسبوع المقبل في خدمة المواطنين على كل الأراضي اللبنانية اذا دعت الحاجة. ‏وأوضح ان الوزارة أطلقت المناقصات وستصل الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة في الأيام والأسابيع المقبلة. ‏وفي وقت لاحق غرد وزير الصحة معلنا ان المستشفيات الحكومية التي بدأت باستقبال مرضى الكورونا هي: ‏مشغرة، الهرمل، حلبا، رفيق الحريري، البوار، بنت جبيل، النبطية، بعلبك، بشري، طرابلس‎.‎
‎ ‎
خطة إعادة اللبنانيين
وسط هذه الأجواء تبرز الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في السرايا والتي سيكون الموضوع ‏الأساسي المطروح على جدول اعمالها اعلان آلية لاعادة اللبنانيين الراغبين في العودة من عدد من دول الاغتراب ‏الى لبنان. اذ ان هذه الجلسة ستشكل اختبارا حساسا مزدوجا للحكومة في ظل الضجة الكبيرة التي أثيرت حول هذا ‏الموضوع في الأيام الأخيرة وخصوصا بعدما وجه رئيس مجلس النواب نبيه بري تحذيرا علنيا للحكومة بتعليق ‏مشاركة الوزيرين اللذين يمثلانه في الحكومة اذا لم تجد حلا يكفل إعادة اللبنانيين الراغبين في العودة. فمن جهة ‏سيتعين على الحكومة ان تعلن آلية تكفل إعادة اللبنانيين الراغبين في العودة ضمن إجراءات تكفل تسيير جسور ‏جوية الى عدد من البلدان الأفريقية والأوروبية وربما الخليجية أيضا كما ان الالية ستتضمن إجراءات للفحوص ‏التي ستجرى للعائدين قبل رحلات العودة وبعد وصول اللبنانيين العائدين بحيث سيخضعون للحجر لمدة أسبوعين. ‏وعلم في هذا السياق ان الأيام الثلاثة الأخيرة شهدت اتصالات كثيفة للغاية بين بيروت والكثير من عواصم ‏الانتشار اللبناني ولعب فيها اركان الجاليات اللبنانية دورا كبيرا في رسم معالم خطة الإعادة واليتها وان ثمة ‏استعدادات اغترابية كبيرة أبديت ووضعت بتصرف الحكومة للمساعدة على إنجاح الخطة والمساهمة بفاعلية في ‏تمويل أجزاء أساسية منها‎.‎
اما الجانب الاخر المهم في اختبار وضع هذه الآلية فهو يتصل بالمشهد السياسي الداخلي للعلاقات بين مكونات ‏الحكومة التي شهدت خضّة عنيفة غير مسبوقة منذ تأليفها علما ان هذه الخضة ستترك اثارها على مجريات ‏القرارات الحكومية وفي ظل ما سيصدر اليوم عن مجلس الوزراء سيكون ممكنا الحكم على الملفات والاستحقاقات ‏المقبلة والتي سيأتي في مقدمها ملف التعيينات التي علقت الأسبوع الماضي ورحلت الى الأسبوع الحالي. ومع ان ‏الأيام الأخيرة لم تشهد توافقا بعد على بت التعيينات التي ستشمل نواب حاكم مصرف لبنان وأعضاء لجنة الرقابة ‏على المصارف والأسواق المالية فان الاتصالات لم تنقطع للتوصل الى توافق على التعيينات قبل جلسة مجلس ‏الوزراء الخميس المقبل في قصر بعبدا‎.‎