مكافحة كورونا، الفيروس التاجي، الذي يشن "اعنف الهجمات ضد البشرية"، ليس بالامر المجاني، وقد يكون الامر صعبا للغاية في دولة تعاني من ازمة لا بل انهيار مالي واقتصادي؟

من هنا الدولة اللبنانية التي اساسا تعاني الامرين، فتحت مجال التبرعات، لكل من يرغب مد يد العون والمساهمة في علاج المصابين، فأنشأت وزارة المال حسابات تبرع لمكافحة فيروس كورونا، بالليرة اللبنانية وبالعملات الأجنبية، كما اطلقت وزارة الصحة الصندوق الوطني لمكافحة كورونا.

التكافل والتضامن الاجتماعي في ظل "المصائب" هو امر ضروري ومطلوب، لا سيما في المجتمع اللبناني الذي ما زال يقدّر النخوة والأخوة، ولكن في ظل الأزمة التي اصابت معظم اللبنانيين قد لا يكون جمع التبرعات  سهلا. وعلى اي حال "البحصة بتسنود خابية"...

انما في مقابل كل ذلك، لقد ثبت انه في لبنان "الحكم ليس استمرارية"، بمعنى ان كل وزير يتولى اي حقيبة يقفل الدفاتر القديمة، ويفتح أخرى جديدة انطلاقا من اعتبارات سياسية او ربما شخصية، وهنا لا بد لوزارة الصحة ان تفتح الدفاتر القديمة فتجد ضالتها، لجهة ما تحتاجه من اموال!

فقد ذكّر وزير الصحة الاسبق  غسان حاصباني ان لدى وزارة الصحة تمويلا مقدما من البنك الدولي والبنك الاسلامي من اجل تطوير المستشفيات الحكومية والرعاية الصحية الأولية، اقره مجلس النواب بقانون صدر في تشرين الثاني من العام 2018، ويمكن اللجوء اليه والاستفادة منه في فترة لا تتجاوز الاسابيع المعدودة، وبالتالي يمكن استلحاق البلد والحؤول دون التفشي لفيروس كورونا بشكل واسع.

 

تقسيم المبلغ

وفي التفاصيل، شرح حاصباني عبر وكالة "أخبار اليوم"، انه في العام 2017،  اجرت وزارة الصحة مفاوضات متقدمة مع البنك الدولي والبنك الاسلامي من اجل الحصول على تمويل صحي يتناول تطوير المستشفيات الحكومية، وتعزيز الرعاية الصحية الاولية اي الفحوصات الاولية في المناطق والمعاينات واللقاحات الى جانب الاجراءات الاستباقية.

وقال: بعد مفاوضات واجراءات طويلة وشاقة، صدر القانون عن مجلس النواب في تشرين الثاني 2018، وهو  تمويل في رزمة واحدة  One package، بقيمة150  مليون دولار توزع كالآتي:

* 30 مليون من البنك الاسلامي (عبر مجلس الانماء والاعمار) من اجل تطوير الطوارئ والعناية الفائقة في كافة المستشفيات الحكومية، وذلك لاستيعاب اكبر عدد من المرضى وتقديم الخدمات بجودة عالية، لاسيما بالنسبة الى التحدي الذي يواجهه القطاع الاستشفائي في فصل الشتاء لجهة استيعاب المرضى الذين يعانون من امراض صدرية وتنفسية والمتقدمين في السن.

 

* 120 مليون  (من البنك الدولي) تقسّم الى قسمين :

-36 مليون تعزيز الخدمات الصحية والفحوصات الخارجية في المستشفيات الحكومية، مع الاشارة الى ان هذه الاجراءات  لم تكن موجودة في النظام الصحي اللبناني، وذلك ضمن التغطية والرعاية الصحية الشاملة او البطاقة الصحية، وفي هذا الاطار تندرج الفحوصات المجانية للكشف عن كورونا.

-84 مليون: لتعزيز الخدمات الصحية في مراكز الرعاية الصحية الاولية.

 

 

... ورغم العرقلة

واستدراكا، اشار حاصباني الى انه تم تأخير الموضوع داخليا خاصة حين تمت مناقشته بشكل مفصل على مدى خمسة اشهر. ولكن في نهاية المطاف اقر القانون وصدر عن الهيئة العامة في تشرين الثاني من العام 2018. بعد شهرين تركتُ وزارة الصحة، على امل تنفيذ المشروع الذي بقي مجمدا، ولكن هذه المبالغ جاهزة ويمكن ان الاستفادة منها اليوم.

 

وتابع حاصباني: من ينتقدنا زورا اننا فضلنا المستشفيات الخاصة على المستشفيات الحكومية ليس محقا اطلاقا، بل على العكس كل التركيز كان منصبا على تطوير المستشفيات الحكومية، فهذا دور وزارة الصحة،  وقال: كنا قد عززنا قدرات هذه المستشفيات ومنها مستشفى رفيق الحريري الجامعي الذي ضاعفنا قدراته على مستوى العناية الفائق، اضافة الى تعزيز قدرات العناية الفائقة في مستشفى الكرنتينا ، ومراكز تشخيص امراض القلب والتمييل في مستشفى طرابلس الحكومي، ومستشفى ضهر الباشق ومستشفى زحلة الحكومي. 

كيفية الاستفادة

وبالعودة الى مبلغ الـ 150 مليون  دولار، كرر حاصباني ان هذه الاموال موجودة حاليا في حسابات الجهات المانحة، وما على الحكومة اللبنانية عبر وزارة الصحة الا ان تحركها.

 

وسئل: كيف تحرك؟  اجاب: يحصل ذلك من خلال طلب من وزير الصحة ومتابعته، كونه السلطة الاساسية المخولة التواصل مع هذه الجهات الدولية، وفي حال اي تأخير في الاستجابة يمكن للحكومة ان تطلب من هذه الجهات ان تتعامل مع الموضوع بشكل طارئ. واشار في هذا السياق، الى ان مبلغ الـ 30 مليون دولار موجود الآن في مجلس الانماء والاعمار، (يحرك بشكل طارئ بالاتصال مع البنك الاسلامي) يمكن الاستفادة منها فورا، من خلال رئاسة الحكومة التي يتبع اليها المجلس مباشرة، وبالتالي تجرى المناقصات لشراء المعادات الخاصة لمعالجة المصابين بكورونا واجهزة التنفس الاصطناعي وكل ما  هو ذات صلة.

 

فليبادر وزير الصحة!

واشار حاصباني الى مبلغ  36 مليون  دولار متاح للدولة اللبنانية عبر البنك الدولي، وهو موجود في حساب خاص في مصرف لبنان، ويمكن صرفه من قبل فريق عمل وزارة الصحة ووزير الصحة للمستشفيات الحكومية في اطار تقديم الفحصات الخارجية للمواطنين

ويكون جزء منه لتغطية فحصوات الكورونا مجانا.

وفي اطار مكافحة تفشي الوباء، اشار حاصباني، الى ضرورة حصول كشف مبدئي في مراكز الرعاية الصحية الاولية والتي يبلغ عددها 250مركزا منتشرا على كافة المناطق اللبنانية، وذلك بالتعاون مع البلديات والمتطوعين من اجل الفرز ما بين: من يجب ان يخضع لفحص كورونا، ومن ليس بحاجة، من خلال الاجراءات المعروفة كقياس الحرارة ، ملء الاستمارات... وبعد هذا الفرز تجرى الفحوصات مجانا في المستشفيات الحكومية (لمن هو بحاجة)، على ان يخصص مستشفى حكومي في كل محافظة لاستقبال المصابين بكورونا.

 

وختم حاصباني مشيرا الى ان مبلغ الـ 150 مليون دولار لم يصرف منه دولار واحد بعد، وما على وزير الصحة حسن حمد الا ان يبادر.