كلّ وجوه القمع والتّطويع تُحمل، إلّا السجون الفكريّة المقوّضة لإرادة الله والطريق إليه بإسمه لا طاقة للأحرار بها وها هو آتٍ اليوم الّذي ستصبح وبالاً فيه عليك، فها أنا أتّهمك يا نصر الله الأمين بخلفيّتك الوطنيّة وأدحض ما قلته في أحد خطاباتك بعد أن وصل البلد وحال الشعب وأبناء بيئتك إلى ما هو عليه من جذاذٍ ودمار وإنهيار.
 

تتابعت قضايا الفساد في لبنان على مدار ثمانٍ وعشرين عاماً دون حسيبٍ من السلطة ولا رقيبٍ على الأحزاب، فتتالت الفضائح في كلّ دائرةٍ ومركز حتّى أمسى الرغيف الحلم الأول للشعب اللبناني ...

 

تنوّعت التّيّارات في لبنان لتصل إلى جميع الألوان والأطياف حاملةً شعارات النهضة والسّموّ والإباء والّتي تبعد عن مضمون أفعالهم اتجاه الشعب بُعد المشرق عن المغرب بلا إستثناء أو تحييد؛
تقاسموا الأدوار والحصص بمبدأ الزبائنية السياسية والتنفيعات وما خلا وجه من وجوه الفساد العفنة إلّا وتمّ تلمعيه بمساحيق الإعلام التجميلية وكان على رأسهم حزب الله الّذي حمل ذريعة ترفّعه عن الإختلاس والمحسوبيات بشكل يفوق ذنب الجنوح عن النزاهة بآلاف الأميال من القباحة بتصدّر شارة "حماية الفساد" !!!

 

بناءً إلى عنوان "حماية الفساد" (رغم ابتعاده عن المنطق)، نجد أنّنا إذا أردنا أن نهزم أي عدوّ يجب علينا أن ندكّ حصونه التي تحميه من ضرباتنا، فيتمّ إزالة الحماية كي نقضّ مضاجع العدوان ...

 

رديفاً إلى ما تقدّم، يحرص حزب الله من خلال جلساته التثقيفية لعناصره ومناصريه ذكوراً وإناثاً شباباً وشاباتاً إلى تسطيح عقولهم من خلال بثّ سمومهم الفكرية المدسوسة الّتي ترمي إلى سجن العقل وفتح زاوية واحدة للرّؤية أطلقوا عليها تسمية "البصيرة" والّتي هي واقعاً مرادفة للعمى القلبي والفكري، وكلّ ذلك من أجل تنفيذ أجنداته التي تتخطى مصلحة اللبنانيّين لتروم نصرة مصالح الوليّ الفقيه وتقديس حذاء نصر الله الأمين الّذي إعتمد نهج التّجويع والقمع والإخضاع والإذعان لسطوة القوّة والسلاح وإيهام النّاس بقرب الحروب والإحتلال والّتي ما تحصل إلّا بإتّفاقات ترمي لشدّ العصب لدى بيئته الشيعيّة كي يبقى هو الحاكم الفعلي والمخلّص الأوّل بنظرهم وحلفائهم !!!

 

حارب الأمين نصر الله مشروع الشعب في الحياة الكريمة من السّنين الخالية إلى اليوم، ففرّقهم ليسودهم، واضطهدهم ليستعبدهم، وأذاقهم مرّ العيش وشظفه ليبقى سيّداً في برجه العاجي، فلا كلّ ولا ملّ بل أخذته العزّة بالإثم وهو يتلذّذ بعلقم ما يذيقهم تيمّناً بالإمداد الإيراني الّذي نتج عنه مؤخراً فايروس "كورونا" الموصّف من قبلهم بالعسل المعافي لأنّه من "الوليّ الفقيه" غير آبهين لا لحياتهم ولا لحياة أبناء الوطن مستكبرين على أوامر الله متّبعين ما خلّف الشيطان مُذ إغواء آدم بخلفيّة نابعة عن جهلٍ مقدّس جعلتهم يدافعون عن كلّ قضايا الكون تاركين قضاياهم اللّامحدودة وأوّلها أولادهم غير آبهين لمصائرهم حتّى تغيّر شعارهم من "إمّا في الحرب وإمّا في المعسكرات" إلى "إمّا في الحرب إمّا في كورونا إمّا في الجوع وإمّا على باب المشفى" ...

 

دأب نصر الله الأمين إلى إحاطة نفسه وإيران بهالة فارغة مُحاطة بخط دفاع أوّل هو الجهل المقدّس ليحافظ على إمتيازات تافهة وقودها حياة اللّبنانيّن كافّةً بتواطؤ مع أحزاب السلطة الأخرى دون إستثناء !!
فكان هناك الفساد والتطويع والمجون السياسي والإجتماعي والإقتصادي الّذي مورس منهم بغطاء عباءة الأمانة حتّى وصلنا إلى هذا الإنحطاط على سائر المستويات، فلم يعد يعِ الشعب أنّ الكمّ الهائل من اللبنانيّين الّذين أتوا من إيران عبر المعابر غير الشرعية دون أيّة فحوصات أو إجراءات إحترازيّة كان بالإمكان إتخاذ تدابير الوقاية منهم والإستعاضة بالمراسلات عبر الفاكس ووسائل التواصل الإلكترونية لا البشريّة، لكن ما تبيّن أنّه لا تعنيه حياة الإنسان مهما كان أو يكن، فطفل الولاية المدلّل لا يعيش إلّا على حساب أرواح الشعب ...

 

تباعاً إلى ذلك، بدأت تلوح صور ثورة الجياع في الأفق وهذا ما يُرعب هذه السلطة وأوّلها "الأمين"، لأنّه له تاريخ سابق معها أرّق ليله وجعله يقول في نفسه لمدّة إثني وعشرين سنة: "ليلي منكم أيّها النّاس طويلٌ طويل"، ولهذا قد يشهد لبنان بالعموم والمناطق الشيعيّة حصراً حقبة جديدة مشابهة لأحداث العام ٢٠٠٥ بغرض شدّ العصب الطائفي والمذهبي وإرجاع كل شخص إلى حظيرة الأيديولوجيّة المرسومة له رغم إنقسامها الحادّ في الطائفة الشيعية بالتّعيين؛


الفقر والعوز المدقع عبث بالنّاس كما تعبث النّار في الهشيم، وأيّ مكر يتمّ حياكته من كبيرهم الّذي علّمهم السّحر لن يُجدي نفعاً، فالتاريخ لن يُعيد نفسه والجوع سيف قارس في الضلوع الباردة، ولن يحيق المكر السيّء إلا بأهله المنافقين الّذين مردوا على النفاق ونُعتوا بصفات الأمناء، فما خاننا أمين لكنّا ائتمنّا الخونة ...

 

خلاصة الحديث، كلّ وجوه القمع والتّطويع تُحمل، إلّا السجون الفكريّة المقوّضة لإرادة الله والطريق إليه بإسمه لا طاقة للأحرار بها وها هو آتٍ اليوم الّذي ستصبح وبالاً فيه عليك، فها أنا أتّهمك يا نصر الله الأمين بخلفيّتك الوطنيّة وأدحض ما قلته في أحد خطاباتك بعد أن وصل البلد وحال الشعب وأبناء بيئتك إلى ما هو عليه من جذاذٍ ودمار وإنهيار في الوقت الّذي ينعم نوابك ووزراؤك ومسؤولو حزبك بترف العيش ورغيده بعد أن كانوا يعانون من قلّة الحيلة والمورد، فقد دُوّنت هذه المقولة في سجلّات خطاباتك والتي هي: "بكل صراحة، هوني الإباء، نحن أشرف وأرفع وأرقى وأنقى وأصفى وأطهر وأخلص وأكبر من أن يجرؤ أحد على اتّهامنا في خلفيّتنا الوطنيّة"، فما حصل ويحصل يثبت أنّك رجل أقوال نيّرة وأفعال أودت بلبنان وأبنائه إلى الهلاك المحتّم !!!