بعدما بدأ العد العكسي، مع اقتراب استحقاقي 15 الجاري موعد الجلسة النيابية العامة، و19 منه تاريخ انتهاء تعليق مهل الترشح للانتخابات، فإن حركة المشاورات والاتصالات التي نشطت اخيراً بين مختلف القيادات والفرقاء السياسيين، وعلى رغم كثافتها وتشعباتها لم تنجح في إحداث اي خرق في تقريب وجهات النظر نحو صيغة انتخابية تحظى برضا المكونات الاساسية.

الا ان مصادر نيابية ترى ان المساعي التي تتولاها بكركي على اكثر من خط، بالتوازي مع الاتصالات الجارية بين المراجع السياسية، قد تفضي الى تذليل العقبات أمام إمكان التوافق على القانون المختلط الذي طرحه رئيس البرلمان نبيه بري مع إجراء تعديلات عليه تؤمّن التمثيل الصحيح وتحقق المناصفة. وهذه الصيغة وفق المصادر ستحرر فريقي 8 و 14 آذار من طلب التمديد للبرلمان، اذ يحاذر كلاهما التجرؤ على الإقدام على طرح هذه الخطوة.

منسق اللجنة المركزية في حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل الذي يحرص على إعطاء فرصة للتوافق على صيغة انتخابية تؤمّن صحة التمثيل، قال لـ«الحياة» ان «الاتصالات واللقاءات متواصلة وستتكثف في الايام التي تسبق انعقاد الهيئة العامة، وخصوصاً في بكركي للبحث في ما توصلت اليه المشاورات لنرى الى اين وصل كل منا بتفكيره. فالمشكلة ليست تقنية، انما في هل هناك نية لتسهيل عملية اقرار قانون جديد للانتخابات؟».

وخلافاً للتفسيرات التي أُعطيت، يجزم الجميل بأن اللقاء الذي جمعه مع النائب سليمان فرنجية في بكفيا لم يكن محصوراً بملف الانتخابات، اذ ان التواصل قائم منذ ثلاث سنوات، ويحصل دورياً كل ستة اشهر، ويؤكد ان البحث في الشأن الانتخابي كان تقنياً، لأن كل فريق معروف موقفه، فالمشكلة الاساس ليست مع «تيار المردة»، المشكلة تكمن في «التيار الوطني الحر» الذي لم نعد نعرف تحديداً اي قانون يريد. صحيح ان المشروع «الارثوذكسي» مطروح على الساحة، لكن منذ شهرين ونحن نحاول ايجاد بديل منه، لكن لغاية الآن «التيار الحر» لم يقل لنا ما هو البديل الذي يريده ولذلك لم نعد نعرف على اي اساس نعمل. وهذا حاجز اساسي في موضوع الانتخابات».

لا يجد الجميل ان ما يحكى عن ان التباعد بين العماد ميشال عون وفرنجية، فتح الباب على تعاون بين «الكتائب» والأخير، مقابل فتح التواصل بين عون و «القوات اللبنانية» واقعي. ويلفت الى ان لقاءه وفرنجية «لا علاقة له بالحساسيات الموجودة. نحن ما زلنا في تحالفاتنا، ولذلك لا اعتقد ان لقاء معراب بين «التيار» و «القوات» مرتبط بلقائي وسليمان بك (فرنجية)، فلقاء معراب مرحب به وهذه هي الطريقة الامثل لحل مشاكلنا. لكن نحن عندما كنا نعتمد هذه الطريقة كمنهج حوار وتواصل مع الجميع كنا ننتقد كثيراً، علماً ان حوارنا وتواصلنا مع الآخرين لا يعني التخلي عن مبادئ حزب الكتائب وثوابته».

 

قانون يحظى بتوافق الجميع

ويشير الجميل، في محاولة الرئيس بري طرح اعادة إحياء قانون الحكومة، ضمن اطار المختلط، مع إجراء تعديلات على التقسيمات، الى «ان اي قانون يتضمن تعديلاً للتقسيمات هو مطلبنا». ويؤكد انه «لمس من بري حرصاً كبيراً على ان اي قانون سينجز، يجب ان يحظى بتوافق الجميع، وهو في الوقت نفسه يعمل على تأجيل عملية التصويت، الى حين حصول توافق، ويبذل جهداً كبيراً لتحقيق ذلك. واكدنا له كل استعداد للتعاون معه».

يرى الجميل في «التمديد غير التقني تطييراً للنظام الديموقراطي في لبنان، ولذلك نطالب بالذهاب الى الهيئة العامة وطرح القوانين الثلاثة الموجودة في المجلس على التصويت، وهي: الدوائر الصغرى والارثوذكسي والقانون الذي تقدمت به الحكومة لنرى اي قانون ينال الاكثرية، لأنه اذا تأجلت الانتخابات الى اجل غير محدد، نكون دخلنا في فراغ، وضربنا النظام الديموقراطي في شكل كبير».

واذ يؤكد ان «الكتائب» ضد التمديد بالمطلق، يصر على «ضرورة الانتقال الى الهيئة العامة بأسرع وقت للتصويت على قانون جديد. وهنا يصبح التأجيل تقنياً لمدة ستة اشهر، وإجراء الانتخابات بعد هذا التاريخ». ويقول ان «الكتائب» مع اي قانون يؤمّن صحة التمثيل، «لكننا لم نجد ذلك إلا من باب اعادة تقسيم الدوائر، فهي مرتبطة ببعضها بعضاً. حاولنا العمل من ضمن الدوائر الحالية فلم نتمكن من تحقيق التمثيل الصحيح، والطريقة الوحيدة هي بتعديل الدوائر. الا اذا ارادوا السير بالارثوذكسي (ضاحكاً). لكن اذا حصل شبه إجماع على المختلط، ما هو المخرج الذي تقترحه «الكتائب» لتقسيم جبل لبنان وفق النسبي والاكثري؟، يوضح: «نحن ضد التقسيم، لكن اذا ارادوا تقسيم جبل لبنان الى اثنين، يجب ان ينسحب هذا على بقية المحافظات، وأن تقسم على الاقل الى تسع محافظات من اجل المساواة». وما لم يتم التوافق على صيغة انتخابية قبل 15 ايار، وطرح «الارثوذكسي» على التصويت، هل ستصوت «الكتائب» عليه؟، يقول الجميل: «علينا الا نستبق الامور تجنبا لعدم توتير الاجواء. لنرى ماذا يمكن ان يطرأ في الايام المقبلة، فالجواب سنصل اليه لاحقا، فلنعط فرصة للتوافق، لكن على الجميع ان يعرف اننا لن نعود الى «الستين». اما اذا كان الخيار بين «الارثوذكسي» و»الستين» يكونون وضعونا في محل لا يمكننا فيه ان نصوت للستين ابدا». واذا ما اجريت الانتخابات وفق هذا القانون الذي سيصبح نافذا من دون توافق على بديل، يقول: «لكل حادث حديث».

ويؤكد الجميل «ما زلنا ايجابيين ومنفتحين الى ابعد الحدود، وحتى عندما طرح القانون المختلط وهو ضد قناعتنا، قلنا اننا سنعترض لكن لن نقاطع الانتخابات، فليتوافقوا على قانون ويصوّتوا عليه. اما نحن فقد نصوّت ضد، لكننا لن نعرقل. وعلى الجميع التنازل للخروج من المأزق الانتخابي».