كشف البيت الأبيض أمس الاثنين عن ميزانية الرئيس دونالد ترامب المقترحة للعام المالي 2021، الذي يبدأ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ومقدارها 4.8 تريليونات دولار. وهي الأخيرة خلال فترة حكم ترامب، الذي يسعى لإعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
 
وجاء مشروع الميزانية المقترح مختصرا في 138 صفحة، شملت أولويات الإنفاق الحكومي التي تعكس رؤية ترامب لدور الحكومة الفدرالية الداخلي، وكذلك علاقاتها بالعالم وقضاياه وأزماته.
وتضمنت الميزانية المقترحة زيادة في مخصصات وزارة الدفاع بمقدار 0.3%، لتصل إلى 740 مليار دولار، في الوقت الذي طالب فيه بخفض مخصصات وزارة الخارجية والمساعدات الخارجية بنسبة 21%، لتصل إلى 44.1 مليار دولار، بعدما كانت 55.7 مليار دولار العام الماضي.
 
وشملت الميزانية تقديم مبلغ 3.3 مليارات دولار لإسرائيل؛ "لمواجهة التهديدات الأمنية في المنطقة، والحفاظ على تفوقها التكنولوجي والعسكري"، كما تضمنت تخصيص مبلغ 1.3 مليار دولار مساعدات لمصر؛ "دعما للعلاقات الأمنية والدبلوماسية معها". 
 
وخصصت الميزانية مبلغ 1.3 مليار دولار للأردن، بما يتماشى مع مذكرة التعاون الموقعة في إطار الشراكة الإستراتيجية بين الدولتين. وستوجه نسبة كبيرة من هذه المساعدات لبرامج رعاية الآلاف من اللاجئين العراقيين والسوريين في الأردن.
 
من ناحية أخرى، طلب ترامب تخصيص ملياري دولار لاستكمال بناء الحاجز الحدودي مع المكسيك. ويعد هذه المبلغ أقل مما طلبه الرئيس العام الماضي، حيث طلب خمسة مليارات دولار، وهو ما أدى إلى رفض الكونغرس، وعرفت الولايات المتحدة أطول أزمة إغلاق حكومي في تاريخها، وقد يدفع هذا الطلب لمواجهة بين الكونغرس وترامب، خاصة مع حلول موسم انتخابات الرئاسة وانتخابات الكونغرس المقبلة.
 
 
المساعدات
ولا تحظى برامج المساعدات الخارجية بأهمية لدى ترامب، ولا تحظى تلك المساعدات بشعبية بين أوساط ناخبيه من المحافظين. وقال ديفيد دس روش، الخبير العسكري بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية للجزيرة نت؛ "المساعدات الخارجية لا تنال رضا الناخبين، الذين يرون أنه لا جدوى من ورائها، وذلك على العكس من نخبة واشنطن التي تدرك أهمية هذه المساعدات".
 
وأضاف "تركز الأخبار على سلبيات المساعدات الخارجية وليس على ما تقدمه من خدمات للمصالح الأميركية. ولست مستغربا من التخفيض في مخصصات المساعدات للعام المالي القادم".
 
وأوضح أن الميزانية المقترحة "دائما تكون محل خلاف بين جهات حكومية مختلفة، ولا علينا أن نعول كثيرا عليها في هذه المرحلة، فهي تخضع للكثير من التدخلات والتغيرات من الكونغرس".
 
وأشار روش إلى دور أكبر للكونغرس، وقال "تقليديا، في حالة رئيس جمهوري ومجلس نواب ديمقراطي، سيطلب الرئيس مخصصات أقل لبرامج مختلفة، إلا أن المجلس يعيد تمويل هذه البرامج".
 
وعقب إعلان البيت الأبيض ميزانية 2021، سارعت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى مهاجمة مشروع الميزانية، واتهمت ترامب "بعدم الاكتراث بمصالح العائلات الأميركية، أو المصالح العليا للولايات المتحدة".
 
وعلى العكس من السنوات الماضية، لم تتضمن ميزانية 2021 أي مساعدات للعراق، وربط سفير أميركي سابق بين هذا التطور والخلافات بين واشنطن وبغداد، على خلفية مستقبل تواجد القوات الأميركية داخل العراق.
 
وأضاف السفير -الذي رفض ذكر اسمه- أنه "ليس من الحكمة في شيء تجنب تقديم مساعدات للعراق في هذه المرحلة التي نتنافس فيها على النفوذ هناك في مواجهة إيران".
 
أما ديفيد ماك -السفير السابق الذي يعمل حاليا خبيرا بالمجلس الأطلسي- فقال "الرئيس يقدم ما يروق له، لكن الكونغرس هو صاحب القول الأخير في تمويل هذه البرامج أو وقف التمويل أو خفضه".
 
وأضاف ماك أن ميزانية الرئيس المقترحة "ما هي إلا توصيات للكونغرس الذي له الحق في تقرير كيفية إنفاق الأموال الحكومية، وربما يرغب الرئيس في تخفيض المساعدات لمصر وإسرائيل والأردن، لكن الكونغرس سيرفض ذلك".
 
ويعتقد المسؤول الاستخباراتي السابق تشارلز دان -الذي يعمل حاليا باحثا في معهد الشرق الأوسط- أن "كل ميزانيات الرئيس ترامب في السنوات الماضية تضمنت خفضا لمخصصات وزارة الخارجية، وهو ما يعكس رؤية ترامب الدونية لدور الدبلوماسية الأميركية، لكن في كل الحالات رفض الكونغرس وأعاد تمويل برامج الوزارة، كما كانت الحال في الأعوام السابقة".
 
أما ديفيد روش فيقول "علينا تذكر أن الدستور يقول إن على الرئيس تقديم تصوره للميزانية لمجلس النواب لاعتمادها، وفي الحالة الراهنة يسيطر الديمقراطيون على المجلس -برئاسة نانسي بيلوسي- وسيرفضون ما لا يروق لهم".