تحت عنوان "تنازلات حزب الله لنجاح حكومة دياب تقف عند عتبة شرعية سلاحه"، لفتت وكالة الأنباء المركزية إلى أن لا تراجع عنى فقرة المقاومة في البيان الوزاري مهما بلغ الثمن!
 
 
الى الحد الاقصى الممكن في قاموس معتقداته، قدّم حزب الله تنازلات في الملف الحكومي. فبعدما بقي حتى اللحظة الاخيرة متمسكاً بعودة الرئيس سعد الحريري الى السراي، ولكن بشروطه، فلم يفلح، واثر احتراق اسماء عدة في سوق "الترئيس"، اخرج من قبعته ارنب الرئيس حسان دياب وتمكن وفريقه السياسي من ضمه الى نادي رؤساء الحكومات، متخلياً في الظاهر عن مطلب الحكومة التكنوسياسية لمصلحة التكنوقراط. مرّر لدياب "باس" التكنوقراط ، ولو ان القوى السياسية سمّت وزراء الاختصاص، خلافا لمطالب الثوار والقوى السياسية المعارضة، وقد يمرّر "باسات" اخرى شبيهة حفاظا على الحكومة ولمصلحة توفير فرص نجاحها باعتبار ان لا بديل منها فيما لو سقطت، بيد ان كل التنازلات تقف عند عتبة ما يعتبره الحزب مسلمات وثوابت، لا بل عقائد ممنوع المس بها واولها بطبيعة الحال شرعية سلاحه.
 
 
 
تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية" ان تبني الحكومة الفقرة الخاصة بمقاومة اسرائيل من بياني الحكومتين السابقتين، وقد جاء فيه ما في حرفيته " تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين (اضيفت كلمة والمواطنات) اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة"، ليس مجرد نقص في الابداع في اللغة العربية التي تزخر بالمفردات، انما نتيجة رفض مطلق من حزب الله لمحاولة المسّ بما يعتبره المكتسب الاساس له في هذه الحكومة وكل سابقاتها، ذلك ان اي وضوح في النص لمصلحة حصر هذا الحق بالدولة، يُفقد المقاومة شرعيتها غير المنصوص عنها دستوريا، وتاليا فإن الحزب يكتسب هذه الشرعية من البيانات الوزارية وهومضطر للتمسك بها بالصيغة الملتبسة، باعتبار ان الوضوح قد يتحول لاحقا الى قاعدة يصبح العودة عنها صعبا لا بل مستحيلا، فيفقد الورقة الوحيدة لشرعنة سلاحه، وهذا ما لا يمكن ان يساوم عليه، لان خلاف ذلك يعني اعدامه عسكرياً.
 
 
 
لكن ماذا عن موقف الخارج الغربي والعربي الذي يطالب لبنان باعتماد سياسة النأي بالنفس والحياد عن صراعات الخارج؟ وماذا عن تصنيف حزب الله "عراب" حكومة دياب ارهابيا بجناحيه السياسي والعسكري من عدد لا بأس به من دول اميركا واوروبا والخليج؟ وكيف ستمنح هذه الدول مساعداتها ودعمها لحكومة للحزب الكلمة الفصل فيها وهو الذي يتمدد من لبنان الى سوريا والعراق واليمن؟ وتعتبر المصادر ان اعتماد الصيغة نفسها التي وردت في البيانات الوزارية السابقة، قد ينعكس سلبا على التقدير الخارجي لهذه الحكومة التي يرى فيها حكومة اللون الواحد غير القادرة على الارجح على التزام النأي بالنفس فعلا ولم يعد ثمة ما تعوّل عليه سوى قدرتها على تقديم تصور اصلاحي انقاذي. فهل تملك هذه القدرة، وما تسرب من بيانها الوزاري في شق الاصلاحات لا يوحي بذلك، لا سيما انها في ملف الكهرباء تعتمد النهج  نفسه والمسار ذاته، والارجح النتيجة ستكون هي هي.
 
 
 
وتسأل المصادر المعارضة، هل ما يزال حزب الله الذي تشير بعض المعلومات الى انه يريد من حكومة دياب في اول جلسة تعقدها ان تعلن رفضها لصفقة القرن، يعتقد بأن ثلاثيته المذهبّة او الخشبية، ما زالت صالحة لزمن ما بعد الثورة. هذه الثورة التي تطالب بالدولة القوية العادلة النظيفة صاحبة السيادة الكاملة على اراضيها حيث لا شرعية الا لجيشها، هل سترضى بأن يتقاسم الشرعية في "الجمهورية الثالثة" فريقان احدهما يجاهر بأنه جندي في ولاية الفقيه، يغطي الصفقات والفساد لتمرير مصالح ولايته هذه؟
 
 
 
واعربت عن اعتقادها بان المجتمع الدولي الذي يضع حكومة دياب تحت المجهر لم يفرج عن فلس واحد اذا لم تتبن الحكومة سياسة النأي بالنفس جديا وتظهر على الاقل نية حسنة ازاء اعادة حزب الله من الخارج، لان خلاف ذلك يعني ان لا مساعدات ولا سيولة لحكومة شكلها محور سياسي ثلاثي معاد للغرب ومؤيد لمحور الممانعة الخاضع للعقوبات المتجهة تصاعدياً.