بعدما مددت لجنة الرقابة على المصارف المهلة الممنوحة من قبلها للمصارف اللبنانية، والتي انتهت منذ حوالى أسبوع، لإيداعها مجموع تحويلات زبائنها إلى مصارف سويسرا، إعتباراً من 17/10/2019 (إنطلاقة الانتفاضة) وحتى تاريخ 14/1/2020، بات السؤال الأكثر إلحاحاً ليس فقط ما إذا كانت ستطلع اللجنة الرأي العام على النتائج التي وصلتها، بل ما هي الأسباب التي دفعتها لتمديد المهلة؟ وهل أن المصارف لم تتجاوب مع طلبها؟ وما هي الخطوة التالية؟
 
 
فُتح ملف إستعادة الأموال المنهوبة في لبنان على مصراعيه، بدءاً من مطالب المنتفضين في الساحات، وصولاً إلى فرنسا وسويسرا والبرلمان الأوروبي، وبمتابعة من نقيب المحامين (الذي يصح وصفه "نقيب الثورة") ملحم خلف، الذي كلف مجموعة من المحامين للعمل سريعاً على تشكيل لجنة خاصة، لمتابعة هذا الملف.
 
فبعدما صادق البرلمان السويسري في العاشر من شهر كانون الأول 2019 على التبادل التلقائي للبيانات المصرفية مع 18 دولة إضافية بحلول العام 2021، ومن ضمنها لبنان، أجازالقضاء السويسري منذ أيام، بموجب تشريع للدولة اللبنانية، الاطلاع على كل الحسابات المصرفية للبنانيين في مصارف ​سويسرا، إعتبارًا من 1 كانون الثاني 2020، وفقاً لما أعلنه النائب جورج عقيص الذي يتابع هذا الملف مع سويسرا.
 
وبعدما جرى الحديث عن استفادة لبنان من اتفاقية تبادل المعلومات المصرفية مع سويسرا، ستبقى معلقة، بسبب تخلفه عن تطبيق معاييرالمنتدى العالمي لخصوصية البيانات، ولا سيما منها الإجراءات التقنية التي تفرضها هكذا معاهدات دولية (شروط الأمان والسرية للحسابات المصرفية). تبين بأن النظام المعلوماتي الذي تذرعت به الحكومة كسبب لعدم القدرة على تلقي المعلومات من المصارف السويسرية، قد تم إنشاؤه فعلياً في وزارة المال، وأن منظمة "OECD" كشفت ووافقت على هذا النظام المعلوماتي.
 
وكشف النائب عقيص في تغريدة له عبر حسابه على "تويتر" عن وجود "قرار سياسي لا يزال يمنع تلقي تلكَ المعلومات، على الرغم من الحاجة الماسة إليها".
 
لقاضي براتس و20 مليار يورو
وقد تزامنت هذه التطورات مع زيارة مهمة إلى بيروت، قام فيها الفرنسي شارل براتس الذي يعتبرمن أهم القضاة العاملين على استعادة الأموال المنهوبة، بعدما تمكن من إعادة مليارات الدولارات للخزينة الفرنسية كانت في عداد الأموال المهدورة.
 
وبمعزل عن اللقاءات والاجتماعات التي عقدها براتس، ومنها اللقاء مع المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، والندوات والمحاضرات القانونية التي استضافها بيت المحامي في بيروت، فإن براتس عرض لتجربته وخبرته في مجال إستعادة الموال المنهوبة، مبدياً إستعداده التام لمساعدة القضاء اللبناني في هذا الخصوص.
 
فهل القضاء اللبناني جاهز للتعاون مثلاً مع القاضي الفرنسي شارل براتس، الذي ساهم باسترداد 20 مليار يورو لخزينة الدولة الفرنسية؟