هل الحق واضح بيّن كما يُقال كلما حاول البعض توجيه نقد ما الى شخصية ما او توجيه نقد ما الى فكرة او قضية ما او حدث ما ؟ وهل الباطل ايضا واضح بيّن كذلك ؟ لا أتصور ذلك , والا لو كان الامر واضحا بيّنا كما يَشيع البعض لما حار الناس في التمييز بينهما , والدليل على كلامنا , هو ما نراه ونعاصره يوميا من آراء متناقضة حدّ التعصب  حول قضية واحدة او حول فكرة واحدة , تصل هذه الاراء في بعض الاحيان الى أقصى ما يمكن ان يتعصب له أنسان على وجه الارض , يأخذنا الكلام استدلالا على ما نقول الى مقولة الامام علي عليه السلام عندما أجاب على تساؤل أحد أصحابه في معركة صفين , قائلا : " لا يُعرف الحق بالرجال , اعرف الحق تعرف أهله " , أي لا تغتر بشهرة الرجال وسمعتهم , وتظن من خلال ذلك أنهم على الحق ولا يخطئون , فلا تُدر وجهك ولا تغمض عينيك وتتبعهم دون تمييزك بين الحق وبين الباطل , كما هو شأن الكثيرين من الجهلة في هذا الزمان , بل عليك أن تعرف ما هو الحق وما هو الباطل , كي تعرف مَن من الناس على حق ومَن منهم على باطل , فهذا التوجيه من الامام عليه السلام صالح لكل زمان ومكان , يبقى ان آلية معرفة الحق والباطل مشكلة ...

لقد وجّه أحد أصحابنا الشيخ عباس الجوهري رسالة الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حفظه الله , حيث أن سماحة السيد حسن يُمثل الثقل الاكبر في تأثيره على مجريات الاحداث , من باب حرصه وخوفه من أن تتحوّل الازمة السائدة على الساحة السورية الان الى فتنة كبرى ,  قد لا تبقي ولا تذر , ومن شأن الفتنة إذا ما حصلت ان تطال الجميع بشرارتها , فأدلى صاحبنا بدلوه مشاركا الكثير من الكتّاب الذين كتبوا عن تلك المسألة , ليس تحيزا لفئة دون أخرى , فتتبعت تلك الرسالة والردود التي كُتبت عليها وحولها , فهالني وصدمني مضمون ما كتب من تعليقات أغلبها سب وشتم وغتهام ,فأزددت يقينا أننا في خضم الفتنة الكبرى التي يحاول البعض أن يقول بأننا نحوم حولها ولم نقع فيها بعدُ , مع أننا وبكل تأكيد قد دخلنا في صميم الفتنة , مع أنني لم أيأس من ان الفرص ما زالت متاحة للخروج منها بأقل الخسائر إذا ما سارع البعض الى وضع الامور في مواضعها الضرورية والصحيحة , لقد ذكرت قضية الرسالة لاستدل بها على مستوى التعصب والحديّة التي وصل اليها الجمهور , إذ انه لم يَعد يتقبل حتى الموعظة الدينية , وهذا مؤشر خطير على ما آلت اليه الاوضاع , وهذا ما يحتّم أيضا على القيادات جميعا الاسراع الى مراجعة مواقفهم المؤثرة في الجمهور والتي هي السبب في توجيه الرأي العام