كشفت صحيفة "الاخبار" ان 10  مستشفيات من أصل 60 مستشفى توفر العلاج الكيميائي في لبنان، توقفت عن تزويد مرضى السرطان بجرعات العلاج. بالنسبة المئوية، يعني هذا الرقم أن 15% من المستشفيات التي تقدم العلاج أوصدت أبوابها في وجه المرضى. الأخطر أن هذه الجردة غير نهائية، وأن العدد مرشّح للارتفاع
 
وتجدر الاشارة الى ان المستشفيات تتوقف اليوم عن استقبال المرضى "باستثناء الحالات الطارئة، مرضى غسيل الكُلى والعلاج الكيميائي". هو توقّف تحذيري - ليوم واحد فقط - تقوم به المستشفيات، كدلالة على "المحذور" الذي وصلت إليه في عز الأزمة المالية التي تعيشها البلاد، والتي وصلت معها المستشفيات إلى «آخر نفس»، كما يقول بيان النقابة، خصوصاً مع الاقتراب من مرحلة "انقطاع اللوازم الطبية".
 
وبحسب ما اشار الكاتبة راجانا حمية في مقال لها، ليست هذه الدعوة سوى جرس إنذار لاستدراك الوضع المأزوم الذي راكمته الأزمة المالية الحالية سوءاً. ولئن كان الخطر اليوم يطال المستلزمات الطبية، إلا أنه سبق أن طال خدمات وعلاجات، توصّف اليوم في بيان النقابة على أنها طارئة، منها مرضى غسيل الكُلى التي بدأت ملامح الأزمة فيها، والعلاجات الكيميائية في بعض المستشفيات التي طالها التقشّف، وصولاً إلى التوقّف.
 
وتابعت الكاتبة انه في الشق المتعلق بمرضى غسيل الكُلى، بدأت الأزمة تتسرب إلى المستشفيات، مع "خفض أحد المستشفيات الجلسات الشهرية للمرضى من ثلاث شهرياً إلى اثنتين"، بحسب نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون. صحيح أنها شكوى واحدة عن مستشفى واحد، ولكن يمكن التأسيس عليها عمّا ينتظر هؤلاء المرضى. أضف إلى ذلك أن هذا المستشفى وحده يقدّم خدمات لعدد كبير من مرضى قسم "غسيل الكُلى»" يصل الى 130 مريضاً.
أما في ما يتعلق بالعلاجات الكيميائية، فقد توقفت بعض المستشفيات، بالفعل، عن تقديم تلك العلاجات نهائياً. بالأرقام، يشير هارون، إلى أن 10 مستشفيات من أصل 60 توفّر العلاج الكيميائي (من بين 127 مستشفى خاصاً) لم تعد تعطي "الجرعات" للمرضى. هذه آخر جردة، لكن الأزمة تتدحرج ككرة ثلج. ويؤكد هارون أن الخشية اليوم من أن تكبر لائحة المستشفيات العاجزة عن تأمين العلاجات. ورغم أن الأزمة الحالية أحد أسباب "الانهيار"، إلا أنه، بحسب هارون، ثمة "أمر واقع" لا يمكن العبور فوقه أوصل إلى هذه "الحسبة"، يتعلّق بـ"الحسابات" المفتوحة بين المستشفيات والجهات الضامنة، وأبرزها وزارة الصحة، وبينها وبين مستوردي الأدوية.
 
في الشق الأول، تابعت الكاتبة في مقالها، وصلت الأمور إلى طريق مسدود مع الجهات الضامنة، باستثناء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إذ لم تتقاضَ المستشفيات مستحقاتها منذ 18 شهراً. كان ثمة وعد أواخر تشرين الأول الماضي بحصول المستشفيات على مستحقاتها في ذمة وزارة الصحة العامة "لنسكّر النص التاني من عام 2018"، إلا أن ذلك لم يحصل. هكذا، بدأت الإجراءات التقشّفية تزداد قساوة، لتمسّ العلاجات الكيميائية".
 
التأخر في تسديد المستحقات، إلى عوامل أخرى، خلقت لدى المستشفيات "أزمة سيولة انعكست في التأخر عن تسديد الفواتير لمستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية. علماً أن الفواتير تستحق "بعد 4 أشهر من تاريخ التسليم أو 6 أشهر كحدّ أقصى". يفرض ذلك على المستشفيات إقفال بعض أقسام الحالات الباردة أو الاستغناء عن تلك المكلفة أو خفض رواتب العاملين أو تسريحهم… يحدث ذلك لسببين أساسيين: "إذا ما دفعنا بيوقفوا يزودونا بالدوا، ولذلك بدنا نخلق مصاري لندفع"، وثانياً أنه لا بديل عن تلك الشركات للحصول على الدواء. ففي ما يتعلق بأدوية العلاج الكيميائي، ثمة 4 موردين - وموزعين في الوقت نفسه – "يملكون 90% من العلاجات". بمعنى آخر، 4 شركات تحتكر 90% من علاجات لا بديل عنها لمرضى يفقدون حماية الدولة حتى في أبسط حقوقهم. أربع شركات تمسك برقاب الكل: مرضى ومستشفيات ودولة (وزارة الصحة والجهات الضامنة الأخرى). وهنا، بيت القصيد.
 
وتابع هارون ان العلاقة مع الموردين لا لعب فيها. فثمة مهل للدفع "لا يمكن أن نتغاضى عنها"، لأن أمام الشركات "خيار رفع شكوى للحجز على مقبوضات المستشفى المخالفة لدى وزارة المالية، خصوصاً أن الوكيل يملك مستنداً يثبت بأنه سلّم المستشفى ما طلبه منه، وبإمكانه تقديمه إلى المحكمة والحجز على المقبوضات"