تطبيق واتساب كان حاسما في اتساع دائرة احتجاجات العراق في فترة زمنية وجيزة.
 
مع أن اللبنانيين رفضوا أن تسمى احتجاجاتهم ضد الطبقة السياسية الحاكمة بـ”ثورة واتساب” بعد فرض الحكومة ضريبة على استخدام هذا التطبيق المجاني، إلا أنهم مثل بقية الدول العربية لا يمكن أن يفرطوا بهذا المتنفس المجاني مقابل تكاليف باهظة يدفعونها على الاتصالات الهاتفية.
 
ولا يمكن الاستغناء عن خدمة واتساب للرسائل والاتصالات للملايين من الأشخاص في أرجاء العالم العربي، بعد أن بات المواطنون يعتمدون عليه بشكل متزايد لإجراء اتصالات مجانية. وحين قررت الحكومة اللبنانية فرض رسم على هذه الاتصالات في 17 أكتوبر، اندلعت احتجاجات شعبية اتسعت لمستوى غير مسبوق.
 
ويقر اللبنانيون مثلهم مثل بقية العرب بأن هذه التكنولوجيا تشكّل أداة لا غنى عنها في الحشد للتجمعات الاحتجاجية التي اجتذبت مئات الآلاف من السكان البالغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة.
 
وأكد باحث عربي متخصص من إمبريال كوليج في لندن أنه لا يمكن حرمان الناس من المتنفس المجاني، خصوصا إذا ما اعتادوا عليه وأصبح جزءا من حياتهم. وقال الباحث في تصريح لـ”العرب”، “تطبيق واتساب مثال للمتنفس بالنسبة للكثير من الناس ولا يمكن الاستهانة بالدور الذي يؤديه للجميع، فكيف بحال الفقراء؟”.
 
ويعد واتساب مفيدا بشكل خاص بسبب ضعف البنى التحتية للاتصالات في مناطق مختلفة في البلدان العربية كالعراق وسوريا. وتتزايد السلطوية الرقمية في أرجاء العالم العربي، خصوصا مع حظر بعض الحكومات باستمرار تطبيقات تواصل اجتماعي مجانية بما في ذلك واتساب.
 
وفي خضم الاحتجاجات المحدودة التي اندلعت في مصر الشهر الماضي، أوقفت الشرطة الناس بشكل عشوائي وعملت على فحص محتوى تطبيقات التواصل الاجتماعي على هواتفهم.
 
 
وفي العراق، حيث قتل ما يقرب من 200 شخص في احتجاجات خلال أكتوبر، تشنّ معركة أخرى على الإنترنت. وحين اندلعت مظاهرات مناهضة للطبقة السياسية الفاسدة في العديد من المدن العراقية أوائل الشهر الجاري، قطعت السلطات خدمات الإنترنت في محاولة لتهدئة الاضطرابات، وهو ما سبق أن فعلته في الماضي.
 
وقال مصدر أمني عراقي رفيع المستوى فضّل عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية “نحن نعتبر أن تطبيق واتساب هو أخطر تطبيق في هذه المرحلة”. وأقر بصراحة بأنّ “قطع الاتصال بواتساب كان يهدف إلى منع حدوث هذه التجمعات”.
 
وقال ياسر الجبوري، وهو ناشط عراقي شارك في الاحتجاجات في بغداد، إنّ التطبيق كان حاسما في تشكيل مجموعات ناشطة لنشر تفاصيل حول الاحتجاجات. وأضاف “لقد أنشأنا مجموعات واتساب على وجه التحديد لتشارك المعلومات بسرعة وتوزيعها على الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر”.
 
وأوضح أستاذ الدراسات الإعلامية بجامعة سايمون فريزر في كندا عادل إسكندر أن تبادل المعلومات هذا يثير “خوفا وجوديا” للحكومات التي شهدت حركات الربيع العربي الاحتجاجية. لكنه قال إنّ الحكومات ترى أن مثل هذه التطبيقات يمكن أن تكون مفيدة أيضا. وأفاد إسكندر بأنّ “الدولة لا تعتبر هذه البرامج مجرد تهديد وإنما فرصة أيضا لتحل الرسائل الداعمة محل الرسائل النقدية”.
 
ومع أكثر من 1.5 مليار مستخدم حوّل العالم، يظل واتساب أشهر تطبيق للتواصل الاجتماعي من حيث الاستخدام في المنطقة الشابة والمهتمة بالتكنولوجيا، حسب دراسة حديثة أجرتها جامعة نورث ويسترن في قطر.
 
وبالإضافة إلى مشاركة محتوى مروّع والتواصل بين المتظاهرين في النقاط الساخنة المضطربة عبر الرسائل المشفرة، يُستخدم التطبيق أيضا على نطاق واسع في المحادثات اليومية.
 
 
ويتواصل المسؤولون الأردنيون، تماما مثل السياسيين الآخرين في المنطقة، بانتظام مع الصحافيين عبر مجموعات واتساب لنشر البيانات أو حتى يقومون بإجراء مقابلات حساسة عبر رسائل ومكالمات التطبيق المجاني.
 
وبالنسبة لجميلة شرف، وهي أم لطفلين من القدس الشرقية، فإنها تتابع الأنشطة المدرسية لأطفالها مع إدارة المدرسة عبر مجموعة واتساب تضم أولياء أمور آخرين. وقالت “إنّ التطبيق يجعل الأمور أسهل ويساعد على نشر المعلومات بسرعة كبيرة”.
 
وفي إيران، حظر المسؤولون الإيرانيون تطبيق تلغرام الأكثر أمانا، معتبرين أنه استُخدم لإشعال الاضطرابات خلال موجة احتجاجات في يناير 2018. وقد دفع ذلك بالعديد من الشبان نحو استخدام تطبيق واتساب.
 
وقالت رامين الشابة البالغة 26 عاما والتي تعيش في العاصمة طهران “الحظر المفروض على تلغرام جعلني أستخدم واتساب أكثر”. ووصفت رامين فكرة فرض ضرائب على وسائل التواصل الاجتماعي لتعويض العجز في الميزانية بأنها “سخيفة”. وقالت “سأكون (مستعدة) لمساعدة حكومتي في هذا الموقف، لكن ليس عن طريق الدفع مقابل أمر من المفترض أن يكون مجانيا”.