يبدو أنّ الوزير باسيل بات بالنسبة للرئيس عون، جلدة وجهه كله.
 

كشفت التحركات الشعبية التي شهدتها معظم المدن اللبنانية بالأمس عن مدى القهر الذي يعانيه اللبنانيون هذه الأيام في معاشهم وحلّهِم وترحالهم، ومدى العوز والحرمان اللذين أصابا معظم شرائح المجتمع اللبناني، في الوظائف والخدمات على اختلافها، وهذه التحركات التي لم تكن بأحجامٍ كافية للضغط على الطاقم السياسي الحاكم كي يستجيب لمطالبها، إلاّ أنّها عبّرت بوضوح عن إرادة مجموع اللبنانيين باقتلاع المنظومة السياسية الحاكمة والفاسدة، هذه المنظومة التي ثبّتت جذورها في أروقة الحكم بعد انتهاء عصر الوصاية السورية على لبنان، والدخول في عصر الوصاية الإيرانية بواسطة ذراعها الطويلة: حزب الله، وانبطاح سائر القوى السياسية الطائفية أمامها، والوقوع تحت سنابك خيلها، وانغماسها التام في عمليات نهب المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ وتكديس الثروات، مرفقة بتدميرٍ ممنهج للادارة الرسمية ومصالحها المستقلة، واعتداءات مباشرة على البيئة والطبيعة الجغرافية بلا حسيبٍ أو رقيب، ولم يبق أمام هذا الشعب الصابر سوى الشارع لإطلاق الصراخ وقطع الطرقات، وإحراق الدواليب والمناداة بإسقاط النظام ورموزه.

 

إقرأ أيضًا: وأسفاه على لبنان..الطّاسة ضايعة

 

السؤال المُلح اليوم: هل سبق السيف العذل، وفُقد الأمل بأي إصلاح، قبل أن تذهب الأمور للأسوأ ويقع الانهيار التام؟ بعض المتفائلين يرون أنّ الأمور ما زالت مُمكنة ومُتاحة، لو أنّ رئيس الجمهورية ما زال مُمسكاً بزمام الأمور، فهو الوحيد القادر بحكم صلاحياته الدستورية القيام بخطوات إنقاذية فعلية وحازمة، وهو رأس البلاد والمُقسم على صيانة الدستور والنظام والكيان، إلاّ أنّ التفاؤل هذا سرعان ما يتبدّد، بعد أن بات صهر الرئيس عون الوزير جبران باسيل هو المُمسك الفعلي بشؤون الحكم، بعد أن أحكم قبضته على كتلة الرئيس البرلمانية والحصّة الوزارية الممنوحة له، وها هي  تصريحات باسيل في أميركا تُفصح عن عدم اكتراثه بما يحصل في الشارع اللبناني من احتقانات واحتجاجات، فهي لا تفضح العهد وممارساته، وتكشف عن قصورٍ خطير في المعالجات الإقتصادية والإجتماعية والمالية، بل هي في عُرف وفهم باسيل مؤامرة خارجية على "عهده الميمون"، وبتواطؤ داخلي من داخل الحكومة هذه المرة،، وهذا يُؤشّر عن مدى "عجز" الرئيس في كبح جماح صهره، كما جرت العادة بذلك، فضلاً عن مسار ثلاث سنوات كاملة من سيرة العهد العوني، والتي رسّخت فشلاً ذريعاً في مقاربة كافة الملفات والأزمات. 
خطب الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك فقال: إنّ أمير المؤمنين عبدالملك كان يقول: إنّ الحجّاج جلدةُ ما بين عينيّ، ألا وإنّه جلدة وجهي كله.

 

يبدو أنّ الوزير باسيل بات بالنسبة للرئيس عون، جلدة وجهه كله.