منذ تولّي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سدّة الرئاسة  شهدت الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة ترديًّا  لكنّه تمكّن من أخذ مكانة  له على المستويين الدولي والعربي وحصل على دعم أميركي في المنطقة على المستويات كافّة، فاستفاد من علاقاته المتينة مع الدول الخليجيّة والأسلحة التي حصل عليها من روسيا والتي خوّلته الحفاظ على التوازن السياسي مع الخارج وتطوير العلاقات المصريّة الخارجيّة  في حين همّش المطالب الداخليّة المصريّة ما جعل الشعب المصري يُطالب بالإصلاح والتغيير.
 
بالرغم من ارتفاع الجنيه أمام الدولار في الفترة الماضية، لكنّ هذا الأمر لم ينعكس إيجابًا على الأسعار التي ارتفعت بشكل لافت، وعلى مستوى الأرقام، نشر البنك الدولي في نيسان الماضي تقريرًا كشف معطيات مفادها بأن 60 في المئة من المصريين إمّا فقراء أو عرضة للفقر. 
 
صحيح أنّ التظاهرات التي حصلت يوم أمس لم تصل إلى حدّ الثورة الشعبيّة، لكنّها  كسرت حاجز الخوف الذي بُني خلال السنوات المنصرمة ومنع المصريين من الخروج إلى الشارع.
 
أمّا لناحية قضيّة التعديلات الدستوريّة، فشكّلت الكثير من ردود الأفعال الداخليّة، ولاسيّما وأنّها تسمح للسيسي بالبقاء في العهد لسنوات اخرى وتُعزّز مكانته.
 
 
 
وفي هذا الصدد، يؤكّد المحلّل السياسي المصري ريمون فرنسيس، عدم سقوط أيّ قتلى أو جرحى كما اشاعت بعض المنصّات الالكترونيّة، لافتًا إلى أنّ  الشرطة المصريّة لم تعتد على أيّ مواطن مصري، وتعزيزًا لكلامه ان الشباب الذين كانوا في الساحة فنّدوا ذلك على صفحاتهم بانّ الشرطة كانت متعاطفة معهم.
 
وقال فرنسيس لموقع "لبنان الجديد": "لم يتمّ اطلاق ايّ قنابل دخان، مع العلم وبخبرتي كوني من شباب ٢٥ يناير، و٣٠ يونيو الدخان يظلّ عالقًا في الهواء لمدّة ٣ ايام، بمعني انّه في حال تم اطلاق دخان امس سيظل عالقًا لليوم ولغدٍ، علمًا أنّ التظاهات كانت محدودة في القاهرة والسويس ودمياط والمحلة".
 
وعن تعامل الشرطة المصريّة مع التظاهرات، ردّ:" تم إلقاء القبض على بعض الشباب، لمحاولات التخريب، ولم يتم اعتقال أحد بسبب التظاهر، وإلّا كان اعتُقِل عندها عشرات الشباب".
 
وتابع:" التظاهر هو أمر صحيّ للمجتمعات الديمقراطيّة ليس بالضروري ان يكون مؤشرًا للانقلاب على النظام، بخلاف انّ السواد الأعظم من الشعب المصري لا يميل إلى سيناريوهات الفوضى التي تتبع تغيير الانظمة ولنا في الدول المحيطة واخرها السودان نموذجًا لهذا، بدون شك انّ الظروف الاقتصاديّة تضع ضغطًا على بعض افراد الشعب الذين يبحثون عن نافذه للتفريغ عن كبتهم ولكنّ هؤلاء انفسهم لن يكون رأيهم اسقاط النظام وانّما فقط بعض الاصلاح الاقتصادي الذي يُحسّن من معيشتهم".
 
وأشار فرنسيس إلى انّه في حال تكرّرت هذه التظاهرات فهو أمر مقبول في نظام حكم ديمقراطي، لكنّ ذلك لا يدلّ على رغبة عارمة في تغيير الحكم".
 
وقدّم فرنسيس في سياق حديثه احترازات على طريقة تغطيّة الإعلام المصري للحدث على غرار قنوات أجنبيّة أخرى.
 
صحيح أنّ اليوم غالبيّة الدول العربيّة والغربيّة مُلتفة حول السيسي، لكنّ التضييق الداخلي الذي مارسه اعطى نتائجه، والشارع المصري اصبح مُدركًا للأمور و يبقى الرهان على المجلس العسكري بأن يأتي بشخصيّة باستطاعتها قيادة المرحلة المقبلة وتنفيذ سياسات جديدة وفي الوقت عينه لا يُمكن تجاهل الأوضاع الراهنة التي تمرّ بها المنطقة الخليجيّة والأزمة السوريّة في ظلّ انتخابات اسرائيليّة غير محسومة حتى الآن.