أبقت وكالة «ستاندرد اند بورز»(Standard and Poor's) للتصنيف الائتماني في تقريرها الدوري، تصنيف لبنان على ما هو (B- مع نظرة سلبية)، فيما خفّضت وكالة «فيتش» (Fitch Ratings) للتصنيف الإئتماني تصنيفه مرتبة واحدة من B- إلى CCC. مستندة في هذا التصنيف الى نتيجة التحدّيات الناجمة عن ازدياد ضغط التمويل الخارجي جرّاء إنخفاض تدفّق الودائع المصرفية والبطء في تطبيق خطة الكهرباء. فيما اعتبرت وزارة المال هذا التصنيف بأنه «تذكير للبنان بأنّ عمل الحكومة ليس ترفاً بل ضرورة قصوى في المرحلة المقبلة، بما يتضمن من أهمية مناقشة موازنة 2020 وإحالتها إلى مجلس النواب، الإسراع في تنفيذ خطة الكهرباء، مكافحة التهرّب الضريبي وإطلاق العجلة الإقتصادية من خلال مقررات البيان الوزاري».

وكان هذان التصنيفان قد صدرا ليل امس بناءً على اتفاق بين الحكومة اللبنانية ووكالتي «ستاندرد اند بورز» و«فيتش» قضى بإصدارهما بعد إقفال الأسواق المالية في نيويورك عند الرابعة بعد الظهر بتوقيت نيويورك، أي الحادية عشرة ليلاً بتوقيت بيروت، حتى لا يؤثر هذا الامر مباشرة على سوق السندات قبل توضيح موقف الحكومة اللبنانية.
ووزعت وزارة المال ليلاً بياناً حول هذين التصنيفين هنا نصّه:
«اصدرت وكالة ستاندرد اند بورز (Standard and Poor›s) للتصنيف الائتماني تقريرها الدوري، وقرّرت إبقاء تصنيف الدولة اللبنانية على ما هو (B- مع نظرة سلبية) خلافاً للتهويلات والتحليلات.
أبلغت الوكالة الى وزير المالية أنّ قرارها مستند الى نقطتين اساسيتين:
1- بدء الإصلاحات الهيكلية في المالية العامة في موازنة 2019 والتي ستُستكمل بإصلاحات جديدة في موازنة 2020، وخصوصاً في الجمارك والمشتريات ونظام التقاعد والتهرّب الضريبي وقطاع الكهرباء، مما سيخفّض عجز الموازنة في رأيها تدريجياً إلى 4,8% من الناتج القومي في العام 2022.
2- تتوقع الوكالة إستمرار مصرف لبنان في القدرة على الدفاع عن الليرة من خلال احتياطه. وأكّدت الوكالة أيضاً ضرورة تنفيذ الإصلاحات المرجوة بوتيرة سريعة وخلق الجو السياسي المناسب لتحريك العجلة الإقتصادية.
في المقابل، اصدرت وكالة فيتش (Fitch Ratings) للتصنيف الإئتماني تقريرها الدوري أيضاً الذي قرّرت فيه خفض تصنيف الدولة اللبنانية مرتبة واحدة من B- إلى CCC. جاء هذا التصنيف نتيجة التحدّيات الناجمة عن ازدياد ضغط التمويل الخارجي من جراء إنخفاض تدفّق الودائع في القطاع المصرفي والبطء في تطبيق خطة الكهرباء. كذلك أشار التقرير الى أن الإجراءات التقشفية في موازنة 2019 ملحوظة، ولكن هنالك تطلعاً إلى خطة طويلة الأمد للسيطرة على إرتفاع الدين كنسبة من الناتج القومي.
ولحظ التقرير العمل الجدّي حول موازنة 2020 وإلتزام الدولة بإقرارها في وقتها، ولكن تشكّك الوكالة بالتقلّبات السياسية المتكرّرة التي قد تؤدي إلى التأخّر في تنفيذ السياسات الإقتصادية المرجوة.
هذا التصنيف هو تذكير للبنان بأنّ عمل الحكومة ليس ترفاً بل ضرورة قصوى في المرحلة المقبلة، بما يتضمن من أهمية مناقشة موازنة 2020 وإحالتها إلى مجلس النواب، الإسراع في تنفيذ خطة الكهرباء، مكافحة التهرّب الضريبي وإطلاق العجلة الإقتصادية من خلال مقررات البيان الوزاري. هنا نكرّر أن هذين التصنيفين هما تذكير بأهمية تخفيض العجز وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي بدأنا بها وسنزيد وتيرتها في موازنة 2020 وما بعد، وبمثابة تذكير أنّ لبنان لديه القدرة على تجاوز الصعاب فيجب عدم التراخي للحظة واحدة».

خليل
وقال وزير المال علي حسن خليل لـ«الجمهورية»: «نأخذ هذين التصنيفين على محمل الجد ونؤكّد قرارنا المضي بإصلاحات جدّية وهيكلية، ولدينا القدرة على النهوض، التزمنا بمزيد من الإصلاحات في موازنة 2020 وأمامنا عمل جدّي ودؤوب لمعالجة الثغرات».

شدياق
ولم تستغرب وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق «ما صدرعن مؤسستي التصنيف الدولي»، سائلة «ما هي الإجراءات والقرارات التي إتُخذت لكي نظهر أننا على قدر المسؤولية؟ فتجاه المجتمع الدولي، هناك قرارات جدّية يجب إتخاذها، لكن في كل مرّة لدينا أعذار لنتأخر أكثر وأكثر، وتضييع الوقت حيناً بالتأخّر 9 أشهر في تأليف الحكومة، وحيناً آخر في قضية قبرشمون.. هذا كله يؤثر سلباً على القرارات التي تدفع بعجلة الاقتصاد، والمجتمع الدولي لن ينتظرنا طويلاً.. وهذه هي النتيجة». وقالت: «لا شكّ في أنّ الوزراء، كل من جهته، يحاول قدر المستطاع ضمن الملفات المنوطة به تقديم الأفضل، لكن هناك «عراقيل» تواجهنا حيناً، وقرارات سياسية تعطّلنا أحياناً أخرى، وعدم إعتماد الأساليب الشفافة والواضحة للمضي قدماً، ما لا يظهر جدّيتنا في الحصول على المساعدات الدولية التي تساعدنا على تحريك العجلة الاقتصادية المشلولة حاليا».
واعتبرت شدياق، أنّ «ما حصل في المجلس الدستوري لم يعكس صورة إيجابية عن لبنان لدى المجتمع الدولي، فنحن في حاجة الى سياسة بعيدة عن الزبائنية والمحاصصة وقلة الشفافية لتسير عجلة البلاد بطريقة فضلى». وأملت «أن لا نُتّهم بالعرقلة لأنّ المعرقل هو من يعمل بنحو خاطئ، وليس من يضيء على الخطأ».

 
شهيب
وامل وزير التربية اكرم شهيب في أن يشكّل تقرير «ستاندرد اند بورز» فرصة لإعادة انقاذ الوضع الاقتصادي في البلد. وقال لـ«الجمهورية»: «اعتقد انّ الحركة السياسية التي حصلت في الفترة الاخيرة، وسهر الرئيس نبيه بري على العلاجات وسفر الرئيس سعد الحريري الى واشنطن، واستيعاب الرئيس ميشال عون المشكلة السياسية التي حصلت في البلاد اخيراً، بالتأكيد انّ كل ذلك، ساهم في اعطاء صورة ايجابية عن استقرار الوضع السياسي الذي هو حاجة اساسية للوضع الاقتصادي والمالي».
ولفت شهيب الى «انّ هذا التقرير، بالفرصة التي يمنحها، ينبغي ان نعززها بانتاجية عالية في المؤسسات، وتعزيز دور هذه المؤسسات، والبدء بما هو مطلوب على المستوى الاقتصادي، من اجل عودة الثقة للبنان وبلبنان، والأهم هو الابتعاد عن التشنج والحركات الصبيانية. وفي اي حال، أمامنا فرصة ثمينة تستوجب منا ان نستغلها لإعادة النهوض مجدداً بالبلد واقتصاده».

جاويش أوغلو
من جهة ثانية، وفيما تفاعلت تعيينات الحكومة لحصتها من اعضاء المجلس الدستوري، شكّلت زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو الحدث السياسي البارز، حيث التقى الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل ووزيرة الداخلية ريا الحسن.

بين عون وأوغلو
وقالت مصادر رافقت زيارة الوزير التركي لبيروت انه كان واضحاً في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين لجهة اطلاعهم على الموقف التركي مما يجري في المنطقة، وخصوصاً على مستوى الأزمة السورية وحصيلة المشاورات الجارية بين أنقرة وموسكو وطهران وواشنطن في شأن الشمال السوري وخصوصاً مصير المنطقة الآمنة كما هي مطروحة بين انقرة وواشنطن. كذلك تناول البحث الجديد الطارئ على مسار آستانة وبداية مشاركة لبنان فيها بعد لقاء «نور سلطان» الأول مطلع آب الجاري.
وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية»، ان لقاء جاويش اوغلو مع عون كان موسعاً وتناول مجمل التطورات من الوضع في سوريا الى أزمة البحث عن الثروة النفطية قبالة قبرص اليونانية.
وفي مجال آخر تناول الوزير التركي مع عون التجربة اللبنانية ـ التركية المشتركة في شأن ملف النازحين السوريين في دول الجوار السوري، وتحديداً في لبنان والأردن والعراق، بالإضافة الى تركيا، مقترحاً التنسيق في ما بين هذه الدول لاستقطاب الدعم الدولي لبرامج العودة المتعثرة الى الداخل السوري والجو الدولي غير المساند لأي من مشاريع العودة. وانتهى اللقاء الى قراءة مشتركة لملف النازحين السوريين كذلك بالنسبة الى ضرورة الإسراع في برامج العودة لملاقاة انتقاد المجتمع الدولي في ما يمكن تسميته رفض تقديم العون لأي خطوة من هذا النوع.
بين اوغلو والحريري
وعلمت «الجمهورية» انّ المسؤول التركي، الذي ناقش التطورات المتصلة بالعلاقات الإقتصادية التركية ـ اللبنانية مع رئيس الجمهورية، توسع في الحديث مع الرئيس الحريري في شأن الإستعدادات التركية للدخول بقوة الى السوق اللبنانية، معبّراً عن اهتمام الشركات التركية الرسمية منها كما الخاصة بالاستثمار في مختلف المشاريع، ولا سيما تلك التي نوقشت في مؤتمر «سيدر 1». فتركيا كانت من بين الدول المشاركة فيه.
وركّز جاويش اوغلو على امكانات بلاده للمشاركة في مشاريع الطاقة الكهربائية والنفط والغاز كما السدود ومشاريع المياه، إضافة الى مشاريع البنى التحتية، لافتاً الى المساعدات التي قدّمتها بلاده في المجالات الصحية والإجتماعية والتي شكّلت مساهمة مهمة في تطوير البنى التحتية اللبنانية في كثير من المجالات.

المجلس الدستوري
وكان عون إستقبل أمس الاعضاء الجدد في المجلس الدستوري ودعاهم الى ان يكونوا أوفياء للقَسَم الذي ردّدوه، خصوصاً لجهة قيامهم بعملهم بأمانة وتجرّد وإخلاص، مشدّداً على ضرورة التقيّد بأحكام الدستور والمحافظة على سرّية المداولات. وتمنّى لاعضاء المجلس النجاح في مهمتهم الجديدة، وقال: «الفتكم الى انّ مسؤوليتكم كبيرة بعد أداء القَسَم، خصوصاً انّ مهمات المجلس الدستوري دقيقة وحساسة وتتطلّب مسؤولية كبرى انا على ثقة انكم سوف تكونون على قدرها».
وكان أعضاء المجلس الدستوري اقسموا اليمين امام عون في قصر بيت الدين أمس، وفق الترتيب الآتي :
ـ الأعضاء المنتخبون في المجلس النيابي: القاضي طنوس مشلب، القاضي عوني رمضان، القاضي اكرم بعاصيري، القاضي انطوان بريدي، القاضي رياض ابو غيدا.
ـ الأعضاء المعينون في مجلس الوزراء: القاضي عمر حمزة، الدكتور فوزات فرحات، الاستاذ عبدالله الشامي، الاستاذ يوسف بوعيد، والاستاذ الياس مشرقاني.
وردّد كل عضو منهم القسم الآتي: «اقسم بالله العظيم ان أقوم بعملي في المجلس الدستوري بكل امانة وتجرّد وإخلاص متقيّداً بأحكام الدستور وان احرص على سر المذاكرة الحرص المطلق».