إنتظرتها الحكومة من الغرب فجاءتها من الشرق. هكذا يمكن توصيف ما جرى على مستوى التصنيف الائتماني للبنان. إذ فيما ساد الاطمئنان الى جهة تقرير «ستاندرد اند بورز» الذي سيصدر اليوم، مبقياً لبنان في مرتبة (-B)، تبلّغت جهات لبنانية انّ وكالة «فيتش» انجزت تقريرها هي الأُخرى وخفّضت تصنيف لبنان الى مرتبة (ccc)، ما يعني انّ المؤسسات المالية العالمية ستتعاطى مع لبنان على أساس تصنيف (ccc) في اعتبار انّ وكالة «موديز» سبق لها ان منحت لبنان هذا التصنيف. ومن المعروف، انّ اعتماد تصنيف بلد ما يتمّ على أساس تصنيفين من أصل ثلاثة. وهذا يعني انّ تقرير «ستاندر اند بورز» ربما يكون اصبح بلا قيمة عملية. ويبقى السؤال، كيف ستواجه الحكومة هذا التطور؟

تُصدِر وكالة «ستاندرد اند بورز» تقريرها اليوم في شأن التصنيف الائتماني للبنان. وكما بات معلوماً، فانّ الوكالة استجابت للدعوات والوساطات وقررت منح لبنان فترة سماح اضافية تمتد لمدة 6 اشهر، من دون خفض تصنيفه الائتماني الى درجة ccc. وهذا يعني تأجيل التداعيات الخطيرة التي كان سيفرضها خفض التصنيف الى مطلع العام 2020.

في موازاة فترة السماح هذه، لم يصدر عن جلسة الحكومة امس ما يوحي أنّها اتعظت فعلاً، وأدركت حجم المخاطر المالية والاقتصادية. وفيما كان متوقعاً أن يطغى الملف الاقتصادي على وقائع الجلسة، وان يتمّ إقرار آلية تنفيذية للعناوين التي صدرت عن اجتماع بعبدا المالي، تبيّن انّ هاجس التعيينات ضمن المحاصصة لا يزال يطغى على ما سواه. وبدلاً من أن تكون فترة السماح لمدة 6 اشهر مناسبة للمباشرة في خطة الانقاذ، أوحت مؤشرات جلسة امس انّ النهج لا يزال على حاله على طريقة «فالج ما تعالج».

وقال قطب نيابي لــ«الجمهورية»، «انّ الاوضاع الداخلية تنتظر من الحكومة تحريك مجموعة من المشاريع في بعض القطاعات، من شأنها إنهاء ازمة السيولة التي تعيشها البلاد وتحريك العجلة الاقتصادية».

مسودة

الى ذلك، اكّدت مصادر وزارية لـ «الجمهورية»، انّ الجهات اللبنانية الرسمية المعنية بالشأن المالي، تلقّت قبل ايام قليلة، مسودة التقرير الذي ستصدره «ستاندرد اند بورز» اليوم.

واشارت الى انّ الجانب اللبناني، وضع ملاحظاته على التقرير واحالها الى الوكالة قبل يومين. وفي خلاصة الأمر، فإنّ روحية التقرير، ليست سلبية بكاملها كما كان يُروّج في الآونة الاخيرة، كما لا يمكن اعتبارها ايجابية، ما خلا عدم تخفيض التصنيف الى الخانة CCC.

وكشفت المصادر، انّ الجهات اللبنانية المعنية، تلقت بدورها اشارات سلبية جداً حول مضمون تقرير «فيتش»، الذي يتناول بنحو أساسي «مصرف لبنان».

وفيما لم تشر الى النقاط السلبية التي يركّز عليها التقرير، كشفت ان حاكمية مصرف لبنان، اعدّت تقريراً هو أشبه بردّ، على هذا التقرير، وتمّ ارساله الى الوكالة منذ وقت قريب جداً.

مجلس وزراء وتعيينات

وكان مجلس الوزراء تناول موضوع تصنيف لبنان الائتماني من خلال كلمة لرئيس الحكومة سعد الحريري في مستهلها، اعتبر فيها «انّ ما يصدر عن اختصاصيين وغيرهم حول التصنيف الائتماني للبنان يسيء لمصلحة البلد».

وقال: «مهما كان التصنيف، علينا أن نعمل للحفاظ على مؤسساتنا وتصحيح اوضاعنا وامامنا، اشهر قليلة لتصحيح المسار، فهناك مؤتمر «سيدر» وماكينزي وخطة الكهرباء والنفايات، وبداية اطلاق المناقصات ولا يجوز تضييع الوقت وعلينا العمل ليلاً نهاراً».

وبعد إنهاء جدول الاعمال طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موضوع تعيين حصّة الحكومة في المجلس الدستوري والبالغ عددها 5 أعضاء. وبعد تلاوة اسماء: عمر حمزة (سنّي)، الدكتور فوزات خليل فرحات (شيعي)، الياس بو عيد (ماروني)، الياس مشرقاني (كاثوليكي)، النقيب عبد الله الشامي (ارثوذكسي)، تحدث الوزير كميل ابو سليمان باسم وزراء «القوات اللبنانية»، فقال: «انّ مرشحنا هو سعيد مالك»، فتدخّل الحريري سائلاً: «من يؤيّد هذا الاسم؟»، فرفع وزراء «الحزب التقدمي الاشتراكي» ايديهم، الى جانب وزراء «القوات»، ليصبح العدد 5 فسقط الاسم، فيما اعترض الوزير يوسف فنيانوس على ما اعتبره ورود الأسماء في اللحظة الاخيرة وطريقة طرحها، معتبراً «انّ اختيار بعض الاعضاء في هذا التعيين خاطئ».

ولدى خروجهم، ابدى وزراء «القوات» استياءهم مما اعتبروه «هبوط الاسماء بالباراشوت». واتهموا الحريري بالانقلاب عليهم، بعدما كان قطع لهم ولرئيس مجلس النواب وعداً خلال جلسات مناقشة الموازنة في أن يكون لـ» القوات» عضو في المجلس الدستوري عند تعيين الحكومة حصّتها فيه.

ورفضت مصادر وزارية في «التيار الوطني الحر» ما قاله وزراء «القوات»، مؤكّدة «انهم اتوا باسم واحد ماروني، فيما المرشح المنافس له هو اكثر كفاية وحصل على إجماع، يعني اما هو او لا احد. وقد اعطيوا الخيار في أن يسمّوا العضو الكاثوليكي او الارثوذكسي لكنهم اصرّوا على سعيد مالك الذي سقط بالتصويت».

وعندما سألت وزيرة «القوات» مي شدياق: من هو الماروني من بين الاسماء التي قُدّمت؟ ردّ عليها الحريري ممازحاً: «عمر حمزة». وقد فسّرت شدياق هذا الامر بأنه ليس سوى استبعاد «القوات» عن التعيينات لا غير.

«القوات»

وفي السياق، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»، إنّ «القوات تأسف لتراجع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري عن وعودهما وتعهداتهما»، وذكّرت أنّه «بناءً على تعهداتهما شاركت «القوات» في الجلسة التي انتخب خلالها مجلس النواب حصته في المجلس الدستوري، وأنها إقترعت لمصلحة لائحة الأسماء التي سبق أن تمّ التوافق عليها، وأن لولا مشاركتها لما توافر النصاب في جلسة الإنتخاب».

ورأت أنّ «ما حصل مؤسف جداً. إذ كان يجب الإقتراع لصالح مرشح «القوات» وفق الآلية التي اعتُمدت والتوافق الذي كان حاصلاً».

«التيار» يستأثر

وفي معلومات «الجمهورية»، انّ «التيار الوطني الحر» استأثر بالأسماء المسيحية الثلاثة المعينة امس. والى ابو عيد اختار الوزير جبران باسيل صديقه المحامي الياس مشرقاني، ونقيب المحامين السابق في طرابلس عبدالله الشامي، وهو والد مسؤول التيار في منطقة الضنية، والدكتور فوزات خليل فرحات من حركة «امل» وهو مستشار رئيس الجامعة اللبنانية حالياً. اما القاضي عمر حمزة فهو من انصار تيار «المستقبل».

وعلمت «الجمهورية»، انّ سلة من التعيينات بدأ تحضيرها تمهيداً لإقرارها قريباً، وتشمل: رئيس مجلس شورى الدولة، رئيس هيئة القضايا والتشريع، رئيس مجلس القضاء الاعلى، المدّعي العام التمييزي، وهناك توافق حول القاضي غسان عويدات، لكنه سيُطرح ضمن سلة تعيينات قضائية، وثمانية من مجلس اعضاء ادارة كهرباء لبنان.

 

دعوى آل فتوش

اما بالنسبة الى البند الرقم 18 والمتعلق بعرض وزارة المالية الرسائل الموجّهة من مكتب المحاماة في الولايات المتحدة الاميركية Lewis Kaufmann Middiemiss بوكالته عن السيدين بيار وموسى فتوش، وموضوعها عرض الدخول في حوار تسوية بخصوص المبالغ المحكوم لهما بها تفادياً لاتخاذ اجراءات قانونية وشيكة في الولايات المتحدة الاميركية ضد الدولة اللبنانية، اوضحت مصادر وزارية انّ الحريري قال: «انّ الملف قديم ويتراكم، ولا بدّ من تكليف محام لمتابعة الدعوى».

وهنا أثار الوزير اكرم شهيب الأثر البيئي لكسارات فتوش، فلفت الحريري الى «انّ المطروح اليوم هو موضوع الدعوى المرفوعة». فيما اشار أحد الوزراء العونيين الى أنّ حجز سندات للدولة اللبنانية هو عمل جنائي، وقال: «انّ هذه السندات سيادية ولها حصانة ولا يمكن حجز املاكها».

وفُهم من المصادر الوزارية انّ هذا البند، وعلى الرغم من التشنج الذي أصاب النقاش فيه، ابرز توافقاً على رفض الانتقاص من سيادة الدولة.

وافادت، انّ الوزير محمد فنيش دعا الى مقاربة هذا الموضوع، خصوصاً انّ الدعوى قديمة منذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وقال: «أتوقع ان تتراكم ولا بدّ من إيجاد حل مع اصحاب العلاقة حتى لا نذهب الى الولايات المتحدة الاميركية».

بدوره شنّ وزير الصناعة وائل ابو فاعور هجوماً على قضاة مجلس شورى الدولة، وقال: «انّ الدعوى تتضمن ابتزازاً مالياً وسياسياً»، طارحاً علامات استفهام حول علاقة آل فتوش بقضاة مجلس شورى الدولة والاحكام التي صدرت عن المجلس في هذا المجال.

واشار الى «دعوى ثالثة» سيرفعها آل فتوش ضد بلدية عين دارة، وسيكون نصيبها مثل الدعاوى الأخرى. مكرّراً مطالبته بدرس الاثر البيئي للكسارات.

وتدخّل فنيش لافتاً الى «انّ استخدام كلمة ابتزاز في غير موقعها»، فردّ ابو فاعور انه لم يقصده «إنما قصدت الدولة اللبنانية في هذا الابتزاز».

وفي نهاية النقاش تمّ تكليف وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الطلب من مكتب محاماة اميركي متخصص متابعة الملف بالتنسيق مع وزيري العدل والعمل نظراً الى خبراتهم في القانون الدولي، على ان يُستكمل النظر في الملف لاحقاً بإشراف رئيس الحكومة بما يحفظ حقوق الدولة في المجالين المالي والبيئي.

المعوقون والالقاب

وعلمت «الجمهورية»، انه دار خلال جلسة مجلس الوزراء نقاش في بند استبدال عبارة «ذوي الاحتياجات الخاصة» بـ«ذوي الارادات الصلبة»، وعرض الوزير ريشار قيومجيان للمشكلات التي يعانيها المعوقون مطالباً بتقديم المساعدة لهم.

كذلك حصل نقاش في بند الغاء الالقاب والصفات المكرّسة في القانون، وبعد النقاش لم تتم الموافقة عليه. وتقرّر في الجلسة ان يشارك لبنان في قوات حفظ السلام الدولية «اليونيفيل» رمزياً، على ان لا تشمل المشاركة الاعمال القتالية.

وإذ استوضح الوزير محمد فنيش عن النفقات والمستلزمات عند طرح مشاركة لبنان، كشف الوزير جبران باسيل انّ هناك طلباً اميركياً بخفض عديد القوات الاميركية وتخفيض المساهمة الاميركية فيها.

وقد وضعت الخارجية ملاحظات تتعلق بالسماح لقوات «اليونيفيل» لدخول اماكن خاصة، ووافق مجلس الوزراء على التمديد لها لسنة جديدة.

دعم فلسطين

وعلمت «الجمهورية»، انّ مجلس الوزراء أقرّ حصة لبنان الرمزية في دعم حكومة فلسطين بمبلغ 500 مليون ليرة لبنانية ستضاف الى الحصص التي تقدمها الدول العربية والبالغة الملايين من الدولارات.

وتوقفت مصادر «القوات اللبنانية عند قرار مجلس الوزراء بتشكيل لجنة برئاسة الحريري وعضوية عدد من الوزراء لدرس الملف الفلسطيني بكامله على خلفية خطة وزير العمل كميل أبو سليمان لتنظيم العمالة الأحنبية، فقالت إنّ «القوات تعتبر أنّ ما حصل انتصار كبير للقانون ولوزير العمل، حيث أنّ كل التقديرات والتحليلات والدفع كانت في اتجاه تجميد قراره.

وهذا الأمر لم يحصل لا من قريب ولا من بعيد، والخطة مستمرة وكذلك الإجراءات التي تتخذها الوزارة وفق القانون». وأضافت: «تعتبر «القوات» أنّ الخطة طالما أنها مستمرة فهي انتصار لمنطق القانون ولخطة وزير العمل الذي لم يخضع للترهيب السياسي من أي طرف.

وما حصل يؤكّد أنّ أي طرف سياسي عندما يتخذ قراراً بتطبيق القوانين المرعية يُمكن هذه القوانين أن تُطبّق، ولذلك ما قام به أبو سليمان هو خطوة تُحتذى على مستوى تطبيق القوانين ومشروع قيام الدولة في لبنان».

وعلمت «الجمهورية» أنّ الوزير أكرم شهيب اقترح خلال الجلسة وبالتنسيق مع أبو سليمان أن يُصار إلى تشكيل اللجنة، فأخذ الوزير محمود قماطي الكلام وأثنى على خطة وزير العمل، وقال إنّ أبو سليمان لم يُخطئ بل بالعكس سعى جاهداً إلى تقديم كلّ التسهيلات الممكنة للفلسطينيين واتخذ كل الإجراءات التي يمكن أن تسهّل الموضوع.

لبنانيون عالقون في تركيا؟

علق مئات اللبنانيّين، الذين حجزوا مع شركة New Plaza Tours، في مطار دلمان التركي أمس، بعدما تفاجأوا عند وصولهم، بعدم وجود حجوزات لهم في الفنادق، كما عانى عددٌ كبير من المسافرين الذين حجزوا مع شركات تتعامل مع New Plaza من عدم توفّر طائرات لإعادتهم الى بيروت.