ألقى الخبير الهيدروجيولوجي الدكتور سمير زعاطيطي، محاضرة بيئية علمية حول "مخاطر المطمر الكارثي المزمع إنشاؤه في منطقة جبل تربل"، بدعوة من جمعية التنمية اللبنانية، في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس.
 
قدم لزعاطيطي الدكتور منذر حمزة، الذي رحب بالحضور وبالمحاضر، متسائلا "عما يراد لمنطقة طرابلس عبر مشاريع، ظاهرها النفع العام، وباطنها الضرر والتخريب البيئي، وأنه في أغلب مدن العالم، يتم الإنفاق للبناء والتطوير، على عكس ما يحدث في مدننا، حيث يتم الإنفاق للتدمير الممنهج، حتى وصلت حال المدينة إلى ما يشبه الغرغرينا البيئية، وبتنا بحاجة ماسة لخطة طوارئ بيئية".
 
ومهد زعاطيطي لمحاضرته بعرض خريطة جيولوجية لمنطقة طرابلس والجوار، وضعها الفرنسيون في أواخر الخمسينيات، موضحا أنها تقع بين معلمين طبيعيين، هما جبل قلحات جنوبا وجبل تربل شمالا، وكيف أن كل المرتفعات الأخرى مسلطة نزولا باتجاه طرابلس. كما أظهر عبر خرائط إضافية، أن مناطق كبيرة لمدينة طرابلس وجوارها، تعتبر ذات تكوين صخري، كلسي، قاس، متشقق، يذوب بعضها مع الوقت، وتسمى cast، وهي ممتازة لتخزين المياه الجوفية، ومنها منطقة جبل تربل.
 
وقال: "أن الراحل إبراهيم عبد العال - خريج المدرسة الأوروبية في الجيولوجيا - احتسب سنة 1970، مع اليوغوسلافيين والفرنسيين، كمية المتساقطات (الأمطار والثلوج) على الأراضي اللبنانية فبلغت حوالى 10 مليارات ممكعب سنويا، منها 3 مليارات م3 متجددة بشكل سنوي، يضاف إليها حوالى 1,3 مليار ممكعب من الينابيع والأنهار، وبذلك يعتبر لبنان قصرا مائيا وهو من أغنى دول المنطقة بالمياه"، لافتا الى أنه "في ظل هذه الوفرة المائية، فإنه لا يوجد أي مبرر علمي لإنشاء سدود على الأراضي اللبنانية، وما تم تنفيذه حتى الآن يعتبر كارثيا وأعطى مثالا على ذلك سد بريصا.
 
أضاف: "من كل 100 ملل مياه متساقطة، يتسرب 40 ملل منها للطبقة ما تحت الصخرية، ما يعادل 40%، حيث تنساب تلك المياه عبر الشقوق والكسور في الصخور الكلسية لتتجمع في مخزن جوفي مشبع بالمياه".
 
واوضح عبر خريطة هيدروجيولوجية لمنطقة الشمال، (تأثير المياه على الصخور)، تبلغ مساحتها حوالى 250كلم مربع، ذات سماكة ما بين 200 و250 م، تتساقط عليها 750-800 ملم في السنة، يتسرب منها على الأقل 40% إلى الجوف، يتأكد لدينا، ولكل عاقل ومهتم لصحة وسلامة الإنسان في هذا الوطن، خطورة وجود مطمر بهذا الشكل في مثل هذه المنطقة.
 
وختم زعاطيطي: "أن أي مشروع بيئي يراد تنفيذه، يلزمه وجود خرائط جيولوجية مرفقة بتقرير علمي من خبير جيولوجي متخصص وخبير بيئي لديهم الخبرة والمقدرة لتقدير الضرر البيئي الناتج عن المشروع قبل الشروع في تنفيذه، وهذا لم يتحقق عند اختيار هذه المنطقة".
 
في نهاية اللقاء، دار حوار ونقاش بين الحضور والمحاضر، حيث أجمعوا أنه من المعيب أن يتخبط لبنان بأزمة نفايات خطرة، ومما يفاقم الأزمة غياب رؤية وطنية لحل هذه المشكلة، وفق المعايير البيئية العالمية. وإن إنشاء هذا المطمر في هذه المنطقة، غير المبرر علميا، ولا قانونا، ولا عرفا، ولا صحيا سوف يترتب عليه كارثة بيئية محققة وسوف يؤدي لتلوث المياه الجوفية في المنطقة من تربل إلى المنية إلى طرابلس إلى دده بأخطر الملوثات، الأمر الذي سيفاقم في تشكيل أضرار صحية كبيرة.