لم ينته أسبوع آلام الحادث الدامي في قبرشمون (قضاء عاليه) الأحد الماضي، على الرغم من تشييع أحد ضحيتي الاشتباك رامي سلمان، وبقيت النقطة المحورية العالقة إحالة أو لا إحالة الجريمة امام المجلس العدلي، والاحالة من عدمها تتعلق بمجلس الوزراء فهو صاحب السلطة.
وعليه، لا تخفي المصادر اعتقادها ان هذه الحيثية، بحد ذاتها، تشكّل عقبة، تقتضي معالجتها، قبل إحالة مجمل المعطيات إلى الرئيس سعد الحريري لاتخاذ قراره بالاستمرار في الارجاء أو المسارعة إلى عقد الجلسة، مع العلم ان «عنصر تجاذب» أو اشتباك جديد، طرأ على الوضع القضائي، بإحالة وزير العدل قاضيين إلى التفتيش القضائي، و«التسريب المتعمد» (بتعبير محطة المستقبل) للجنة بهدف تشويه سمعة كل من القاضيين هاني الحجار وآلاء الخطيب، وبهدف حماية القاضي بيتر جرمانوس والذي يجب اتخاذ القرار بحقه، بعد توصية هيئة التفتيش القضائي، وكف يده عن العمل... تضيف المحطة..
وإذا كان التواصل بين طرفي «التسوية الرئاسية» فريق رئيس الجمهورية وفريق رئيس مجلس الوزراء، يتم عبر «المكوك» اللواء عباس إبراهيم، الذي يعمل على غير خط: إطفاء الحريق على خلفية «سقوط دم» بين الحزبين الجنبلاطي والارسلاني في الجبل، وعلى خط فتح الطريق امام مجلس الوزراء، فإن الكلام الذي قاله الرئيس ميشال عون امام رئيس أساقفة زحلة للروم الكاثوليك، والذي اعتبر «مكملا» لما ذكره في اجتماع المجلس الأعلى يعتبر أوّل موقف من نوعه لرئيس الجمهورية في معرض تقييم ما جرى في منطقة عاليه، فهو «حادث ليس بعارض»، ولا يجب بأي حال من الأحوال، ان يتكرر، معتبرا ان حرية تنقل اللبنانيين في المناطق، لا سيما النواب، يجب ان تبقى مصانة، ولا نريد ان يصبح لبنان بلد كانتونات في ظل ما يجري في المنطقة والمصالحة في الجبل ثابتة، وما حصل في العام 1983 لن يتكرر.
من ضمن هذه الوجهة، مضى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في السير بقراره الذهاب إلى الشمال، من طرابلس، ومن معرض الشهيد رشيد كرامي، وسط إجراءات أمنية قصوى، بدءاً من الساعة السابعة صباحاً، اتخذتها قيادة قوى الأمن الداخلي في الشمال، والقوى العسكرية الأخرى، لتوفير الحماية له، وسط اسئلة مشروعة: هل هكذا يكون التواصل والانفتاح والتنقل بين المناطق اللبنانية؟
لا حلحلة
في هذه الاثناء، كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» عن اتصالات تتم من أجل عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، على الرغم من الاعتقاد السائد في الوسط السياسي، من ان المعالجات لاحداث الجبل يوم الأحد الماضي، لم تصل إلى الحلحلة المطلوبة، خصوصاً بعد الموقف العالي السقف الذي أعلنه رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في أثناء تشييع جثمان الضحية رامي سلمان في بلدته الرملية في قضاء عاليه، ومفاده «ان لا تراجع عن مطلب إحالة حادث قبرشمون على المجلس العدلي، وان هذه النقطة هي مفتاح الحل»، ودعوته الدولة إلى تحمل مسؤولياتها في هذا المجال.
وأشارت المصادر إلى ان ما يبت في موضوع الإحالة الى المجلس العدلي عاملان اساسيان هما طبيعة التحقيقات ومسار القضية برمتها علما ان موضوع الأحالة هو من اختصاص مجلس الوزراء.
وعلمت «اللواء» ان الأجهزة الأمنية اصبحت تمتلك معلومات موثقة وقيمة عما جرى في عاليه لاسيما في مسألة اطلاق النار. 
وافادت مصادر وزارية مقربة من رئيس الجمهورية ان الرئيس ميشال عون يتبلغ تقارير تباعا بمستجدات قضية احداث الجبل في الوقت الذي ينشط فيه قائد الجيش ومدير المخابرات في متابعة تفاصيل القضية وكذلك الأمر بالنسبة الى الأجهزة القضائية بعدما توافرت معلومات عن منفذي الأحداث اذ ان البحث عن المتورطين لا يزال مستمرا.
وأكدت المصادر الوزارية ان لا بحث حالياً في انعقاد مجلس الوزراء، في ظـل انقطاع الاتصال بين الرئيسين عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، وبين الأخير والوزير جبران باسيل، أقله في الإعلام، مشيرة إلى أن البحث في عودة الحكومة إلى الانعقاد، رهن بسلوك ثلاثة مسالك بالتدرج: قضاء، فأمن، فسياسة، والبداية تسليم جميع المطلوبين وقالت هناك لوائح محددة بأسمائهم تسلمتها الاجهزة الامنية المعنية، او القاء القبض عليهم وفق استنابات قضائية.
وقالت: هذه هي الخطوط العريضة التي حددها رئيس الجمهورية منذ البداية، وهو لا يغير موقفه.
كشفت مصادر مطلعة أن الحكومة أصيبت بندوب، يسعى الرئيس الحريري لتجاوزها، لكنها استدركت قائلة أن من الصعب إيجاد حلحلة سريعة لتحديد موعد الجلسة.
واشارت المصادر الى ان الرئيس عون لم يبادر بالتدخل المباشر شخصيا، لكنه يبادر الان عبر تكليف اللواء عباس ابراهيم بالتواصل مع الفريقين المعنيين بماجرى في الجبل كي يتم تسليم المطلوبين كما كلف الاجهزة الامنية بتنفيذ الاستنابات الامنية بحق المطلوبين. وهو سبق وتدخل في موضوع حادثة الشويفات وهويتحرك بواسطة المؤسسات الامنية والقضائية وفقا للقوانين المرعية.
وافادت المصادر نفسها ان اتصالات اللواء ابراهيم لا تزال قائمة ونقلت عن الرئيس عون قوله انه يراهن على تعاون الأطراف كي يقوم القضاء بعمله كاملا.
عون: ما حدث ليس عارضاً
ودعت المصادر الى التوقف عند الكلام الذي اطلقه الرئيس عون امام رئيس اساقفه زحلة للروم الكاثوليك والذي اتى مكملا لما ذكره في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، ولا سيما بالنسبة إلى تأكيده بأن ما حدث في منطقة عاليه ليس عارضاً ويجب ان لا يتكرر، وأن حرية تنقل اللبنانيين في المناطق، ولا سيما ممثلي الشعب، يجب أن تبقى مصانة».
ولفت إلى أن «المصالحة في الجبل ثابتة ولا يجب ان يخشى احد على ذلك»، وقال: «لا يجوز ان تسود لغة القوقعة من جديد، ولا نريد ان يصبح لبنان بلدا للكانتونات في ظل ما يجري في المنطقة».
وشدد على أن «التدابير التي اتخذت في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع يوم الاثنين الماضي ستنفذ، والبيان الذي صدر هو رسالة الى الجميع»، مؤكدا «وجوب تقديم مرتكبي الاحداث الاخيرة الى القضاء لتأخذ العدالة مجراها الطبيعي».
الا ان أوساط «بيت الوسط» نفت ان تكون لديها معلومات عن توجه الرئيس عون لعقد جلسة لمجلس الوزراء في بعبدا قد يُصار فيها إلى البحث في موضوع إحالة احداث الجبل على المجلس العدلي، على اعتبار ان هذا الموضوع قد يفجر الحكومة من الداخل، ولا سيما إذا طرح الموضوع على التصويت وجاءت نتائجه عكس ما يريد أطراف العهد.
وقالت انه بالنسبة إلى المطلوبين، في ظل الإصرار على جلبهم جميعاً، فإن الحزب التقدمي الاشتراكي يعترض على العدد الذي ذكر انه يصل إلى 32 مطلوباً بالأسماء، ويطالب في المقابل بتسليم مرافقي الوزير صالح الغريب الذين بادروا إلى إطلاق النار، بحسب رواية الحزب الاشتراكي، الذي يشترط أيضاً بأن يجرى ضم حادث الشويفات في السنة الماضية إلى حادث قبرشمون، في حال الإصرار على المجلس العدلي».
وفي السياق، نقل النائب السابق خالد الضاهر عن الرئيس الحريري انزعاجه من الجو السياسي القائم، الذي قال انه لا يخدم البلد، لكنه أكّد اصراره، بحسب ما قال الضاهر: «على ان يكمل المسيرة والتعاون مع الطيبين والسير في معالجة كل القضايا بحكمة واناة»، مشدداً على ان الوقت ليس وقت الخطابات والكلام، وإنما وقت العمل لمعالجة شؤون هذا البلد.
وكان الرئيس الحريري التقى أمس في «بيت الوسط» اللواء إبراهيم، وعرض معه بحسب ما أفاد المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة، من دون أي إشارة إلى موضوع المساعي التي يقوم بها بالنسبة إلى احداث الجبل، لكن اللواء إبراهيم أعلن في حديث تلفزيوني انه طمأن الرئيس بأن الأمور تتقدّم في الاتجاه الصحيح.
وأكّد ان جميع الفرقاء يحافظون على التزاماتهم في موضوع حادثة قبرشمون، والاتفاق يسير على قدم وساق، مشيراً إلى انه لا يريد تحويل الوقت إلى عامل ضغط».
تشييع سلمان في الرملية
وكانت بلدة الرملية في قضاء عاليه والحزب الديموقراطي اللبناني، ودعت ابنها رامي سلمان الذي سقط في حادث إطلاق النار على موكب الوزير صالح الغريب الأحد الماضي في بلدة قبرشمون، وحضر مراسم الجنازة التي اقيمت في منزل آل سلمان النائب أرسلان والوزير الغريب والوزير السابق وئام وهّاب إلى جانب من المشايخ وأهالي البلدة ومن دون مشاركة سياسية من أي طرف حزبي، لكن الجنازة والتشييع اتّسما بالهدوء وطغى عليهما الحزن الشديد.
وقبل الصلاة، تحدث أكرم سلمان، والد الضحية، فتناول مزايا الراحل، داعيا إرسلان إلى التمسك بالمطالبة بإحالة القضية على المجلس العدلي.
اما أرسلان فشدد في كلمته على «أننا لن نتراجع عن هذا المطلب، مؤكدا أن هذه النقطة مفتاح الحل، داعيا الدولة إلى تحمل مسؤولياتها في هذا المجال». 
وكشف ان الوزير الغريب زار الرئيس نبيه برّي أمس الأوّل، وان برّي طرح الركون إلى الحوار، فقال له الغريب ان مفتاح الحل يبدأ بالمجلس العدلي وبعده نكون حاضرين للخطوة التالية.
إشارة إلى أن الحزب الديموقراطي يودع اليوم الضحية الثانية سامر أبو فراج، الذي سقط هو الآخر في أحداث قبرشمون، في مأتم حزبي وشعبي يقام الأولى بعد الظهر في مسقط رأسه، بلدة بعلشميه (قضاء بعبدا).
باسيل في طرابلس اليوم
من ناحية ثانية، قرر رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير باسيل تقديم زيارته الى طرابلس من يوم الاحد الى اليوم السبت لأسباب لم تعرف بالضبط وربما تكون امنية، وعلمت «اللواء» ان الزيارة ستكون مختصرة ولن يلتقي خلالها احداً من فعاليات المدينة السياسية خاصة ان اغلبهم سيكون خارج المنطقة نتيجة عدم علمهم بتغيير موعد الزيارة الا بعد ظهر امس، وكانوا قد ارتبطوا بمواعيد وزيارات اخرى، وسيلتقي باسيل «هيئة التيار الحر» ومناصريه في معرض رشيد كرامي الدولي، ثم يزور عكار للقاء هيئة التيار ايضا، ثم يمر في طريق العودة على بلدة رشعين في قضاء زغرتا، حيث تقيم هيئة التيار عشاء على شرفه. 
وأكدت مصادر مطلعة ان حزب الله أجرى محاولة لثني الوزير باسيل عن الزيارة إلى الشمال، في هذا التوقيت، بعد حادثة الجبل، ولكن دون جدوى، إذ أصرّ رئيس التيار على موقفه، ولكن جرى تعديل على الموقف، فأصبحت الزيارة اليوم، وبمحطة تبدأ في معرض رشيد كرامي، ثم ينتقل إلى عكار.
وقالت مصادر باسيل: ان زيارة طرابلس مقررة سابقا وقبل احداث قبر شمون في الجبل، وهي من ضمن جولاته السنوية على هيئات التيار في المناطق للاجتماع بها والاطلاع عل ظروف عملها، وكذلك للاطلاع على اوضاع المناطق كافة من النواحي الانمائية والخدماتية، بهدف مساعدتها على تعزيز وضعها الخدماتي من ضمن توسيع الحركة الانمائية في المناطق التي يعمل عليها التيار.
ولوحظ ان الشارع الطرابلسي منقسم حيال هذه الزيارة بين مرحب بها، باعتبار بأن له الحق بزيارة المدينة مثله مثل أي شخص، وبين معارض لها نسبة إلى المواقف الاستفزازية التي يطلقها الرجل في أي مكان يزوره، خاصة وانه سبق ان اتهم المدينة بأنها حاضنة للارهاب.
ورحب رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي بالوزير باسيل وبأي وزير او مسؤول يزور طرابلس، معتبرا في دردشة مع «اللواء» ان ذلك دليل اهتمام بمدينة طرابلس بعد الاهمال الذي اصابها خلال الحكومات والعهود الماضية، مستغربا اثارة هذه الحملة على باسيل في الوقت الذي يعاني لبنان من مشكلات كبيرة سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية كان الاولى بالمسؤولين السياسيين ايلاءها الاهتمام الاكبر، هذا عدا استمرار الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية اليومية للبنان ومشكلة ترسيم الحدود وسواها من مشكلات. وقال:كل هذه المشاكل موجودة واهتمام البعض ينصب على زيارة الوزير باسيل الى طرابلس!
اما مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار فقد تمنى على الطرابلسيين الذين عبّروا عن رفضهم للزيارة، ان يتناسب اسلوب رفضهم مع ثقافة واخلاق وادبيات المدينة».
كما تمنىّ على «كل زائر للمدينة ان يُطلق مواقف تُعبّر عن تربيته وثقافته واخلاقه التي تخدم الوحدة الوطنية واستقرار البلد».
ماذا يجري في قصر العدل
في غضون ذلك، كشفت تغريدة للوزير النائب نهاد المشنوق، عن وجود قضاة بسمنة وقضاة بزيت، حالة غير سليمة في قصر العدل، إلى حدّ وصفه في تغريدته بأنه تحول الى مسرح الثأر السياسي، حيث اتهم المشنوق وزير العدل البرت سرحان بأنه «غلب ولاءه الساسي (التيار الوطني الحر) على سمعته المهنية»، في إشارة إلى ان الوزير سرحان لم يتخذ لغاية الآن موقفاً من توصية هيئة التفتيش كف يد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس عن العمل اسوة بخمسة من القضاة كانوا سبقوه، فيما طلب سرحان إحالة مفوض الحكومة في المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار وقاضي التحقيق العسكري آلاء الخطيب إلى التفتيش القضائي.
ودفعت هذه النظرة إلى القضاة، والكيل بمكيالين حيال القضاة، إلى دخول تيّار «المستقبل» على خط الدفاع عن القاضيين الحجار والخطيب، حيث أعلن تلفزيون «المستقبل» انه اعتبارا من ليل أمس سيفتح ملف القضاء عبر سلسلة تقارير تتضمن وثائق ومعطيات تكشف للمرة الأولى.
وعزا التقرير الأوّل الحملة على القاضي الحجار إلى انه كان أوّل من ادعى على المقدم سوزان الحاج بشبهة تلفيق تهمة العمالة لإسرائيل للفنان زياد عيتاني، واحالها إلى قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا، وإلى انه كان أوّل من حرك التحقيقات في ملف مكافحة الفساد.
ونقل عن مصدر مطلع اشارته إلى انتفاء دور وزير العدل الحالي، امام هيمنة الوزير السابق سليم جريصاتي على هذه الوزارة، والذي ظهر في أكثر من مناسبة.
الموازنة
وبالنسبة لملف الموازنة، كان البارز أمس لقاء الرئيس برّي مع لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان الذي تحدث عن احتمال حصول وفر في الموازنة، فيما قالت مصادر مواكبة للملف بأنه حصل تقدّم كبير في إنضاج صيغ المواد العالقة على خلفية التوازن بين الإصلاح والاستقرار الاقتصادي وبين الاستقرار الاجتماعي.
وقالت انه اذا تم تبني قرار التخفيض من الحكومة في جلسة الهيئة العامة فيتجاوز الـ500 مليار ليرة ما يعني تدني نسبة العجز عن 7،59 في المائة، وهو ما يجري بالتعاون مع وزير المال علي حسن خليل.
وتوقعت المصادر عقد اجتماع ثاني في اليومين المقبلين بين كنعان والخليل لوضع اللمسات الأخيرة على الصيغ المطروحة تمهيداً لعرضها على لجنة المال بما فيه اقتراح التخفيض الإضافي الذي تعتزم اللجنة تبنيه.
وأكدت أجواء عين التينة وجود دعم كامل لعمل اللجنة وحماية دورها الرقابي والتشريعي.