انجزت «الديمقراطية البرلمانية» على طريقتها التصويت على توصية مكتب المجلس النيابي على الأسماء الخمسة من القضاة المرشحين لعضوية المجلس الدستوري من الحصة النيابية، في خطوة، قوبلت بانسحاب نواب الكتائب، ووصفها من قبل الرئيس سعد الحريري بأنها «هي الديمقراطية»، على ان تستكمل التعيينات سواء في المجلس الدستوري من حصة الحكومة، وفي سلال التعيينات الأخرى، على ان تواكبها حركة سياسية يقودها الرئيس نبيه برّي لإعادة وصل ما انقطع بين الرئيس الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، عبر ترتيب لقاء بينهما يرعاه مباشرة، بعد عودتهما إلى بيروت.

 

ولم تستبعد مصادر عليمة ان يعقد اللقاء في غضون الساعات الـ48 المقبلة، ولكن ليس اليوم بالتأكيد، بسبب انشغالات رئيس الحكومة والذي يرعى عند السابعة والنصف مساء حفل التخرّج لكليات الهندسة والطب والموسيقى واللاهوت في جامعة الروح القدس- الكسليك.

 

وسيلقي الرئيس الحريري كلمة سياسية، وصفت بأنها تتناول الأوضاع السياسية الراهنة، بما في ذلك ما يحيط بالمشهد السياسي من تقلبات، مؤكداً تمسكه بالتسوية السياسية، وميثاق الطائف.

 

وستمنح الجامعة رئيس مجلس الوزراء دكتوراه فخرية.

 

وسيرأس الرئيس الحريري عند الساعة 11.30 قبل ظهر اليوم جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير، والتي لن يكون على جدول أعمالها أية تعيينات.

 

توافق على التشريع والانتخاب

 

وفي تقدير مصادر نيابية، بأنه لولا التوافق بين الكتل النيابية الكبرى، لما كانت الجلسة التشريعية قد مرّت بسلاسة من دون مواجهات كبرى، رغم ان الملفات التي احتواها جدول الأعمال، ملفات قابلة للاشتعال في الأوقات العادية، مثل تمديد الصرف على القاعدة الاثني عشرية، وتسوية مخالفات البناء أو مكافحة الفساد في القطاع العام، ولما كان المجلس النيابي قد فكّك تعقيدات التعيينات في المجلس الدستوري وانتخب حصته من هذا المجلس، وترك للحكومة العمل على تعيين حصتها، وان كانت بعض القوى السياسية تتمسك بآلية التعيينات وابعاد المجلس الدستوري عن المحاصصات السياسية، ما فسّر أسباب انسحاب عدد من النواب من الجلسة عند بدء عملية الانتخاب اعتراضاً على «ضرب آخر حصون القضاء والعدل»، في حين أكّد الرئيس سعد الحريري ان ليس هناك من صفقات في انتخاب أعضاء الدستوري، طالما ان الأسماء معلنة ومعروفة.

 

وبحسب المصادر نفسها، فإن مناخات التوافق التي خيمت على أجواء البرلمان، قد لا تنسحب على مجلس الوزراء، حيث ان قوى سياسية مشاركة في الحكومة، والمقصود هنا «القوات اللبنانية» تتسلح بملاحظات تعتبرها جوهرية، خصوصاً في ما خص مقاربة التعيينات وفق آلية معينة، بعيداً عن المحاصصة، والاعتماد على الكفاءة والنظافة والنزاهة، مما يعني ان تعيين الحكومة لحصتها مما تبقى من أعضاء لدى المجلس الدستوري، ربما لا يحصل اليوم، خاصة وان جدول أعمال الجلسة لم يتضمن أي بند يتعلق بهذا الشأن، وكأن هذا الملف ما يزال يحتاج إلى مزيد من المشاورات والاتصالات لتفكيك العقد الموجودة امامه.

 

تعيين حصة الحكومة الأسبوع المقبل

 

ولم تستبعد مصادر وزارية لـ«اللواء» ان تعقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل في القصر الجمهوري تبت بتعيين الأعضاء الخمسة الباقين في المجلس الدستوري على انها دعت الى انتظار ما تحمله الاتصالات التي تسبق هذة الجلسة خصوصا وان تعيين حصة مجلس النواب في هذا المجلس لم تمر دون بعض الملاحظات.

 

وفهم من هذه المصادر أن الواضح هو تسليم الجميع بضرورة انجاز التعيينات ولو استدعى ذلك اصدارها «على القطعة». واكدت ان هناك التزاما بمعايير الكفاءة والخبرة والتوازن الطائفي كما ان ينم اختيار الموظفين المرشحين من الملاك.

 

ولاحظت المصادر النيابية، ان التقارب في عدد الأصوات التي نالها أعضاء المجلس الدستوري المنتخبين يدل بشكل واضح على وجود «طبخة تسوية» اعدت بعناية في هيئة مكتب المجلس، سبقت عملية الانتخاب.

 

حيث نال كل من القضاة طنوس مشلب 72 صوتاً، وعوني رمضان 73 صوتاً، وأكرم بعاصيري 71 صوتاً، وانطوان بريدي 72 صوتاً ورياض أبو غيدا 79 صوتاً، وهؤلاء يمثلون الرؤساء الثلاثة بالإضافة إلى النائب وليد جنبلاط. إلا ان التوافق الذي اخرج هذه «الطبخة» إلى النور، لم يخف وجود حالة اعتراضية على الاسلوب الذي يتم اتباعه في الإخراج الجزئي لهذا الملف، حيث انسحب النواب جميل السيّد، وبولا يعقوبيان، وسامي ونديم الجميل اعتراضاً على ما اعتبروه «ضرب آخر حصن من حصون القضاء والعدل»، ورأت يعقوبيان ان الجلسة غير دستورية باعتبار انه لا يحق لمجلس النواب ان يتحوّل إلى هيئة ناخبة وهو في دورة استثنائية، فرد عليها الرئيس برّي بأن المجلس سيّد نفسه. فيما غرد رئيس الكتائب قائلاً: «بمحاصصة أعضاء المجلس الدستوري يحاولون القضاء على آخر مرجع مؤسساتي للشعب اللبناني ونوابه المعارضين».

 

اما «القوات اللبنانية» فقد أبلغت اعتراضها للرئيس نبيه برّي شخصياً، وقالت مصادرها انه نتيجة حركة اتصالات جرت خلال الساعات الأخيرة، تمّ الأخذ ببعض ملاحظات معراب المتصلة بوجود اعتماد معيار الكفاءة والتجانس بين أعضاء الدستوري، على ان تستكمل هذه العملية وفق تطلعاتها حكومياً، حيث على الحكومة ان تختار الخمسة الآخرين من بين المرشحين رسميا: واحد سني وواحد شيعي وواحد ماروني وواحد ارثوذكي وواحد كاثوليكي. وقد وعدت المرجعيات الرئاسية بتحقيق التوازن الطائفي بتعيين الكاثوليكي.فيما يُرتقب حصول «توازن مناطقي» في تعيين الاعضاء الباقين لا سيما السني والشيعي.

 

 وحسب معلومات لـ«اللواء»، يتم تداول اسماء القضاة المرشحين للتعيين: محمد طي أو زهير شكر (شيعي) من البقاع ويتم التداول بأسمه بين «امل وحزب الله»، والكاثوليكي مروان كركبي، عبد الله الشامي روم ارثوذوكس، وعن السنَّة عمر ناطور أو ميسم نويري (من بيروت) مع ترجيح نويري، ويبقى العضو الماروني قيد البحث ويتم التداول بشأنه هل يختاره الرئيس عون ام «القوات اللبنانية»، من بين 18 مرشحاً، ابرزهم القاضيان غالب غانم وأندره صادر، فيما يبرز اسم القاضي انطوان عيسى الخوري من بشري.

 

تشريع

 

وقبل فتح جلسة انتخاب أعضاء المجلس الدستوري، أقرّت الجلسة التشريعية عشرة مشاريع واقتراحات قوانين من جدول أعماله الـ17، أبرزها تسوية لمخالفات البناء عن 13 أيلول 1971 ولغاية 2018 بعد التصويت عليه بالرغم من اعتراض عدد من النواب، خاصة ان المشروع كان يلحظ تسوية المخالفات حتى العام 2016، الا انه مدد له سنتان لافادة المشروع الفندقي في الرملة البيضاء.

 

كما مدد المجلس اعتماد القاعدة الاثني عشرية حتى ٣١ تموز بناء على اقتراح الرئيس بري رغم اعترافه بأن اعتماد هذه القاعدة مخالفة دستورية محملاً الحكومة المسؤولية عنها لتأخرها بإحالة الموازنة.

 

وقال وزير المال علي حسن خليل انه «لم يوقع قرشاً خارج مهلة الصرف على القاعدة الاثني عشرية التي كانت محددة حتى نهاية أيار ٢٠١٩». كما أقر قانون مكافحة الفساد في القطاع العام الذي ينص على انشاء هيئة وطنية. وتمت المصادقة على القانون الرامي إلى إعفاء أولاد المرأة اللبنانية المتزوّجة من غير اللبناني والحائزين على إقامات مجاملة من الإستحصال على إجازة عمل مع مُعارضة «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». وصادق المجلس ايضا على بند استبدال السجن بعقوبة العمل الاجتماعي للذي لديه جنحة غير شائنة عقوبتها سنة وما دون واستبدالها بـ8 ساعات من العمل الاجتماعي عن كل يوم سجن.

 

بري- الحريري والمصالحة مع جنبلاط

 

من جهته، أكّد رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الجلسة أنّ الحكومة ومجلس النواب وكل لبنان ضد صفقة القرن.

 

وعن انتخاب أعضاء المجلس الدستوري، أكّد الحريري أنّ ليست هناك صفقات والأسماء المرشحة معروفة، معتبرًا أنّ هذه هي الديمقراطية. وقال إنّ «دستورنا يمنع التوطين ولا يزايدن أحد علينا في ذلك». ودعا لعدم ربط دين الـ٩٠ مليار دولار بموضوع التوطين لأنّ الجميع مسؤول عنه، مؤكّدًا العمل على ايجاد حلول له وللأزمة الاقتصادية.

 

وقبل بدء الجلسة، عقد لقاء بين الرئيسين برّي والحريري تطرقا فيه إلى ضرورة التهدئة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار «المستقبل».

 

وفي هذا السياق، ذكرت مصادر مقربة من الرئيس برّي، إنه لن يكتفي بتحقيق الهدنة بين الطرفين، بل سيتحرك مجددا بينهما بعد انتهاء تعيينات الاعضاء الخمسة الباقين في المجلس الدستوري وفي بعض المناصب القضائية الاخرى وفي بعض المؤسسات والهيئات العامة، وهو سيعمل على جمع الحريري مع وليد جنبلاط من اجل وضع حدّ نهائي للخلاف وتحقيق المصالحة بينهما، لكن شرط ان يتجاوب الطرفان مع المسعى ويلاقي احدهما الاخر في منتصف الطريق، بحيث تتم معالجة هواجس جنبلاط ومطالبه، ويتم تصحيح الموقف الجنبلاطي من الحريري.

 

 

الى ذلك علمت «اللواء» من مصادر مطلعة أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان دورية  استطلاعية مؤكدة انه في خلال لقائها الرئيس ميشال عون كان وفد البعثة يستفسر عن أولويات مؤتمر سيدر وماهية الوضع بعد اقرار الموازنة والتعاطي حيال خطة ماكنزي، وركز الوفد على موضوع الاستعجال بالاصلاحات مبديا نصائح في هذا الصدد وتفعيل مكافحة الفساد.

 

وعلى الخط عينه، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «الأسواق الثانوية التي تعنى بأسعار الـ»يورو بوندز» المصدَّرة من الدولة اللبنانية، مستقرة، فيما تعيش أسواق القطع حالة توازن»، وإثر لقائه رئيس عون في قصر بعبدا، حيث جرى عرض الشأنين المالي والنقدي في البلاد، أوضح سلامة أن «الأوضاع النقدية والمالية مستقرة في البلاد»، لافتاً إلى أنه أطلع رئيس الجمهورية على إطلاق مصرف لبنان المنصّة الإلكترونية للتداول بالأوراق المالية على أنواعها (أسهم، سندات، سندات تجارية... إلخ) «التي يفترض أن تبدأ عملها في أوائل السنة المقبلة، سنة إعلان مئوية دولة لبنان الكبير. ومن شأن هذه المنصة أن تؤّمن سيولة للأسواق المحلية بهدف المساعدة في النمو الاقتصادي لأنها ستستقطب أموالاً من كل أنحاء العالم لتستثمر في لبنان.

 

العسكريون إلى الشارع

 

في هذا الوقت، وبينما أوحى تمديد اعتماد الصرف على القاعدة الاثني عشرية إلى آخر شهر تموز، ان إقرار الموازنة يُمكن ان يتأخر إلى نهاية الشهر المقبل، واصلت لجنة المال اجتماعاتها أمس وأقرت في جلستها المسائية موازنتي لشؤون والصناعة وبند الاسكان البالغ 100 مليار ليرة، في حين يستعد العسكريون المتقاعدون للتصعيد اليوم عبر تقطيع أوصال العاصمة صباحا، من خلال تطويق مداخلها وعزلها عن بقية المناطق من الساعة الخامسة فجرا حتى العاشرة صباحاً، بهدف الضغط على الحكومة لتحقيق مطالبهم بعدم المس بأي من حقوقهم أو مكتسباتهم المالية.

 

 

وحدد حراك العسكريين الأماكن التي سيتم فيها اليوم قطع الطرقات، في ثلاث نقاط: الأولى، بعد نفق شكا في اتجاه بيروت، والثانية على طريق ضهر البيدر- محلة النملية والثالثة عند اوتوستراد خلدة. وانشأ الحراك لهذه الغاية غرفة عمليات لمواكبة التحركات والاشكالات التي قد تنشأ، رغم ان بيان الحراك أعلن منع التعرّض للمواطنين مهما كانت ردة فعلهم، ومنع حمل أي شعار حزبي أو سياسي أو ديني، وفقط الإعلام اللبنانية والجيش اللبناني.

 

ومن جهته، أكّد وزير الدفاع الياس بوصعب انه ضد قطع الطرقات وإغلاق المباني العامة من قبل العسكريين المتقاعدين، لأن هذا الأمر سينعكس سلباً عليهم وعلى مطالبهم.

 

لكن العسكريين اعلنوا انهم لن يخرجوا من الشارع قبل تحقيق مطالبهم، ملوحين بمفاجآت تصعيدية أخرى.

 

خلاف على الفوائد

 

مالياً، ما تزال الاتصالات واللقاءات قائمة بين وزارة المال، ممثلة بالوزير علي حسن خليل وفريقه وجمعية المصارف ومصرف لبنان.

 

ونقل عن الوزير خليل انه من المتوقع بدء تنفيذ إصدار سندات خزينة قيمتها 11 ألف مليار ليرة لبنانية أي حوالى (7،3 مليار دولار اميركي).

 

وبرز خلاف حول نسبة الفائدة، فالمصارف غير متحمسة لاكتتاب بنسبة 1٪ فائدة على القروض بالليرة.

 

ووفقا لمصدر مصرفي مطلع ان الحكومة لن تتقدّم بعد بطلب رسمي إلى المصارف، لتنظيم إصدار السندات وشرائها من قبل المصارف التي تؤكد بأن الفوائد تصل إلى حدّ 10٪.