لمخالفته المعايير الإنسانية واحتوائه موقوفين من طائفة واحدة
 

قررت وزيرة الداخلية اللبنانية ريّا الحسن، إقفال مبنى الخصوصية الأمنية في سجن رومية المركزي، وإعادة نزلائه من الموقوفين الإسلاميين إلى مبنى آخر بسبب مخالفته المعايير الإنسانية المطلوبة للسجناء.

وكشف المحامي محمد صبلوح وكيل الدفاع عن عدد من السجناء الإسلاميين، أن الوزيرة الحسن اتصلت بالشيخ سالم الرافعي، رئيس لجنة متابعة قضية الموقوفين الإسلاميين، وأبلغته أنها اجتمعت بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وفي ضوء الاجتماع اتخذت القرار بإغلاق هذا المبنى، وإعادة نزلائه إلى المبنى «ب» في سجن رومية على دفعات متتالية، وتحويل المبنى المغلق إلى مركز تأديبي للسجناء الذين يخالفون أنظمة السجون.

ويضمّ مبنى الخصوصية الأمنية حالياً 121 موقوفاً إسلامياً، أبرزهم الشيخ أحمد الأسير الذي يحاكم في أحداث عبرا التي وقعت بين أنصار الأسير والجيش اللبناني، والشيخان عمر الأطرش وخالد حبلص، وهؤلاء تصنّفهم إدارة السجن على أن لديهم خصوصية أمنية، ويفترض أن يكونوا تحت رقابة مشددة.

وأكد مصدر في وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط»، أن «مبنى الخصوصية الأمنية لن يقفل نهائياً، بل سيتحوّل إلى مركز تأديبي ينقل إليه أصحاب الحالات العنيفة والمتمردون على القانون». وأوضحت أن «القرار بنقل نزلاء هذا المبنى إلى مكان آخر، هدفه ألا يكون حكراً على فئة من الموقوفين، أو مخصصاً لأشخاص من طائفة واحدة (في إشارة إلى أن جميع نزلاء هذا المبنى هم من الطائفة السنية)».

ويأتي قرار إقفال المبنى غداة تعرّض نزلائه لعمليات تعذيب غير مبررة، وفق تعبير المحامي صبلوح، الذي أعلن أن «قوّة تابعة لفرقة مكافحة الشغب دخلت يوم الجمعة الماضي إلى المبنى، ومنعت الموقوفين من الاتصال بعائلاتهم حتى صباح يوم السبت، وتبيّن أن الموقوفين تعرّضوا للضرب والتعذيب، بمن فيهم الشيخ أحمد الأسير الذي أبقي لمدة 30 ساعة من دون طعام ولا شراب ولا دواء»، كاشفاً أن «الشيخ عمر الأطرش حاول الانتحار للخلاص من عذابات السجن، رغم علمه بحرمة الانتحار دينياً، وهذا يعود إلى وصول معظم الموقوفين إلى حالة اليأس التام».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزيرة الداخلية وفور تبلغها هذه المعلومات، أوفدت مستشارها العميد فارس فارس إلى السجن؛ حيث عاين الوضع على الأرض، ورفع لها تقريراً بواقع الحال. فيما أوضحت مصادر في سجن رومية، أن «قرار نقل السجناء من مبنى الخصوصية الأمنية يخضع لشروط لوجستية وأمنية». وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمر «يستدعي تجهيز المبنى (ب) ليتمكن من استيعاب عودة هذا العدد من السجناء إليه، لجهة عدد الغرف والزنازين، والحاجة إلى ترتيبات أمنية تحول دون عودة الفوضى إلى هذا المبنى من جديد».

ولفتت المصادر في سجن رومية إلى أن «إعادة نزلاء مبنى الخصوصية ستكون على دفعات، بحيث ينقل في المرحلة الأولى المصنّفون من أصحاب السلوك الحسن، ثم الأقل شغباً وفوضى، وصولاً إلى استيعاب الباقين ضمن ترتيبات محددة وصارمة». وقالت: «كان المبنى (ب) يوصف بأنه مبنى الإرهاب وكانت تعمّه الاضطرابات وحالات التمرّد، وقد جرى ضبطه وتنظيم وضعه في السنوات الثلاث الأخيرة، والآن هناك حرص ألا تستغلّ عودة سجناء الخصوصية الأمنية إليه لإثارة الشغب من جديد، أو أن يجري تحريك بعضهم بأمر عمليات، لذلك ستكون مسألة إعادتهم مدروسة بما يحفظ لهم حقوقهم كسجناء وبما يعزز أمن السجن برمته».

إلى ذلك، أمل أحد أعضاء لجنة المتابعة لأهالي الموقوفين الإسلاميين، بأن «تضع وزيرة الداخلية ريّا الحسن حداً لعذابات أبنائهم المستمرة منذ سنوات». وعبّر لـ«الشرق الأوسط» عن ارتياح الأهالي لقرار الوزيرة الحسن بإلغاء مبنى الخصوصية الأمنية، وإلغاء التمييز بين الموقوفين وتصنيفهم، مؤكداً أن «الأهالي يتعرضون بدورهم لعذابات نفسية، جراء سوق الموقوفين لمقابلة عائلاتهم مكبلين بالسلاسل والأصفاد».