الولايات المتحدة لن تسمح على الإطلاق بوقوع أي نوع من التعاون العسكري بين إيران والعراق.
 
نفى مصدر عسكري في بغداد أن تكون لدى وزارة الدفاع العراقية أي نية لإجراء مناورات مشتركة مع الحرس الثوري الإيراني، مؤكدا أن بلاده تعيد تقييم موقفها من التعامل مع هذه القوة، بعد وضعها من قبل الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية.
 
المصدر الذي كان يعلق على نبأ بثته وكالة “تسنيم” الإيرانية، أعلنت فيه أن الحرس الثوري بحث مع قائد القوة البحرية العراقية اللواء الركن أحمد جاسم معارج، تنفيذ مناورات عسكرية مشتركة، أبلغ “العرب” بأن “القوات المسلحة العراقية ليست مسؤولة عن مضمون تصريحات إعلامية تصدر من دول أخرى”.
 
وأحجم المصدر عن تفسير أسباب زيارة قائد القوة البحرية إلى إيران، ولقائه ضباطا في الحرس الثوري، المصنف على لائحة المنظمات الإرهابية.

وكانت الوكالة الإيرانية قالت إن قائد القوة البحرية في الحرس الثوري الإيراني علي رضا تنكسيري، استقبل الأربعاء قائد القوة البحرية العراقية الجنرال البحري الركن أحمد جاسم معارج، مشيرة إلى أن “الجانبين تبادلا خلال هذا اللقاء وجهات النظر حول تعزيز التعاون الدفاعي في المجالات البحرية بين البلدين وتشكيل لجنة مشتركة للتعاون الدفاعي – البحري وتعزيز التنسيق بين القوات البحرية للبلدين والتعاون التعليمي والعلمي والبحثي وتبادل الخبرات الجامعية في قضايا العلوم البحرية والتعاون التقني والهندسة البحرية في شؤون البنى التحتية وتنفيذ مناورات بحرية مشتركة”.

وقال تنكسيري إن “العدو (في إشارة إلى الولايات المتحدة)، يسعى وراء بث التفرقة بين المسلمين”. وأضاف “بالرغم من جميع المؤامرات إلا أن العلاقة المميزة بين الشعبين الإيراني والعراقي قائمة نتيجة الاشتراكات الدينية والتقارب القومي، إذ يمكن اعتبار الشعبين الإيراني والعراقي أفضل مثال على الوحدة الإسلامية”.

وتابع الجنرال الإيراني أن “الجانبين يمكنهما عبر الوحدة، توفير الأمن لمنطقة الخليج”.

وأضاف “من المؤكد أن الأجانب مستاؤون من وحدة المسلمين في المنطقة، لذلك إذا أرسيت دعائم هذه الوحدة فإن تواجد الأجانب في هذه المنطقة سيكون عبثيا، لذلك يجب علينا تعزيز وحدتنا وأخوتنا يوميا”.

ولم يعلق قائد القوة البحرية العراقية على إشارة الجنرال الإيراني إلى مقترح المناورات العسكرية المشتركة. لكن الوكالة الإيرانية نقلت عنه القول إن “العلاقات الثنائية بين إيران والعراق وثيقة جدا دينيا وقوميا”، منوها إلى أن “العراق يسعى وراء تعزيز هذه العلاقات”.

وفسرت مصادر سياسية عراقية الصمت الرسمي العراقي في مواجهة التصريحات الإيرانية بكونه التعبير الأمثل لمبدأ النأي بالنفس الذي اعتمدته حكومة بغداد في موقفها من الصراع الأميركي الإيراني، وهو ما سبق للولايات المتحدة أن وافقت عليه، بشرط أن يلتزم العراق بشروط العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

ولأن التصريحات الإيرانية غير ملزمة للعراق وجاءت في سياق عام له صلة بما تعتبره إيران جزءا من نجاحاتها السابقة فإن الطرف العراقي اكتفى بالحديث هو الآخر بطريقة عمومية لا تشير إلى فعل محدد، وهو ما يعني أن ذلك اللقاء هو جزء من حرب إعلامية، الغرض منها رفع معنويات الداخل الإيراني والإيحاء بأن أتباع إيران في العراق لم يتخلوا عنها.

وقال الجنرال العراقي إن “الأشقاء الإيرانيين في حرس الثورة وباقي القوات كان لهم تعاون كبير وواسع ووثيق مع الحشد الشعبي والقوات العراقية من أجل إلحاق الهزيمة بداعش، وقاموا بدور مميز في جميع محاور محاربة الإرهاب وداعش”. وأعرب عن “أمله في أن يتم تعزيز العلاقات بين إيران والعراق وعدم السماح للعدو بخلق مسافة بين الجانبين”، وفقا للوكالة الإيرانية.

ويقول مراقبون في بغداد إن “الإعلانات المتكررة، الصادرة عن جنرالات حرس الثورة الإيرانية التي تأتي من طرف واحد بشأن التعاون العسكري الوثيق مع العراق، تعكس نزعة هذه القوة إلى تأكيد انعدام تأثير قرار تصنيفها منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة”.

وبشأن المناورات العسكرية المشتركة بين بحرية الحرس الثوري والبحرية العراقية، علق مراقبون بالقول إنها “تمثل نكتة، بالنظر إلى أن العمود الفقري للقوة البحرية العراقية، بعد 2003، هو أميركي وبريطاني”.

ويعتقد المراقبون أن الولايات المتحدة وبريطانيا لن تسمحا بأي حال من الأحوال للإيرانيين بالاطلاع على أسرار المعدات الحديثة التي جرى تزويد البحرية العراقية بها.

وتؤكد مصادر عسكرية عراقية أن ضباطا من البحرية الأميركية والبريطانية يعملون جنبا إلى جنب مع نظرائهم العراقيين لتطوير قدرات القوات البحرية العراقية منذ أعوام، مشيرة إلى أن برامج التطوير تتضمن بعثات دراسية لضباط عراقيين إلى جامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا.

وأكد مراقب سياسي عراقي أن الولايات المتحدة لن تسمح على الإطلاق بوقوع أي نوع من التعاون العسكري بين إيران والعراق، لا بسبب وجود المعدات العسكرية الأميركية والبريطانية في العراق حسب، بل وأيضا بسبب حساسية ما يمكن أن ينتج من تأثير سلبي على العقوبات المفروضة على إيران. فمثل ذلك التعاون هو خرق فاضح للعقوبات التي صار على الطرف العراقي الالتزام بها.