الموازنة انجزت أم لم تنجز، تحال إلى مجلس الوزراء قبل حلول شهر رمضان المبارك أم تتأخر؟
الثابت، ان الإتصالات قائمة على قدم وساق، حول الأرقام، والثابت أن الخلافات قائمة حول التوجهات. النقطة الوحيدة المتفق عليها ان «موازنة تقشف» هي المطلوبة، وليس الإستمرار في السير نحو الهاوية، وان كانت وزارة المال، وفقا لوزير المال علي حسن خليل ان لبنان تحضّر لإصدار سندات دولية بقيمة 2،5 مليار إلى ثلاثة مليارات دولار في العشرين من أيّار المقبل لتمويل احتياجات الدولة، وذلك عشية دخول البلاد عطلة عيد الفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية الغربية، وقبل مغادرة الرئيس الحريري إلى الرياض في زيارة عائلية لن تتجاوز الثلاثاء المقبل، حيث تتواصل الجهود لعقد اجتماع مالي موسع، في سياق مراجعة توجهات الموازنة، قبل جلسة مجلس الوزراء المتوقعة الخميس المقبل..
واكدت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان تأكيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ضرورة بحث مشروع الموازنة في اقرب فرصة ممكنة وفق ما اعلن رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان هو اكبر دليل على ضرورة اعادة الامور الى نصابها لجهة بدء الحكومة في نقاش المشروع تمهيدا لأتخاذ القرار المناسب خصوصا ان الوقت اصبح داهما وفي كل يوم تقريبا تظهر تحليلات واخبار عنه ونسب التقشف.
ولفتت المصادر الى ان ما من مشروع نهائي جاهز بعد انما افكار يتم تداولها مؤكدة ان ثمة اجراءات إصلاحية يراد ان تترافق مع المشروع.
وقالت ان الحكومة ملزمة بخفض النفقات الأستهلاكية في الموازنة العامة بما لا يقل عن 20 بالمئة عن موازنة العام 2018 وفق ما ورد في البيان الوزاري فضلا عن نقاط وردت ضمن فقرة الاستقرار المالي والنقدي في البيان نفسه.
مجلس وزراء قبل الفصح الشرقي؟
وعلىالرغم من الإصرار الرئاسي على استعجال درس الموازنة، فإن العطل الرسمية لمناسبة عيدي الفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويمين الغربي والشرقي، قد لا تسمح للحكومة بعرض مشروع الموازنة على مجلس الوزراء، قبل الخميس في الثاني من أيّار المقبل، ذلك ان الرئيس سعد الحريري الذي غادر أمس بيروت إلى المملكة العربية السعودية في زيارة عائلية قصيرة، حدّد يوم الثلاثاء المقبل في 23نيسان الحالي، موعداً جديداً للاجتماع المالي الموسع الذي يجمع ممثلي الكتل السياسية والنيابية، الممثلة في الحكومة، بهدف التوافق على الإجراءات التقشفية التي يفترض ان تتضمنها الموازنة للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة.
وإذا امكن لهذا الاجتماع الثاني، ان يخلص إلى اتفاق على طبيعة هذه الإجراءات، فإنه من المحتمل ان يتم عرض مشروع الموازنة على مجلس الوزراء في أوّل خميس بعد الثلاثاء، والذي يصادف خميس الأسرار أي عشية الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية الشرقية، حيث قد لا يتمكن من الاجتماع، اسوة لما جرى أمس، وفي هذه الحالة، فإن أوّل موعد متاح للحكومة للاجتماع هو الخميس الذي يلي عطلتي الفصح، أي في الثاني من أيّار المقبل، ولكن بشرط ان تكون الكتل النيابية والسياسية قد توصلت إلى تفاهم يسمح بتمرير مشروع الموازنة في مجلس الوزراء بسلاسة تمهيداً لدرسه لاحقاً في المجلس النيابي، واقراره قبل 31 أيّار المقبل، وهي المدة التي حددها القانون للسماح للحكومة، بالصرف على أساس القاعدة الاثني عشرية.
لكن وزير المال علي حسن خليل، كشف في مقابلة تلفزيونية مع محطة M.T.V عن اتصال اجراه مع الرئيس الحريري قبل سفره، بغرض بذل جهده لعقد جلسة لمجلس الوزراء الثلاثاء أو الأربعاء المقبلين قبل الفصح الشرقي ليتسنى له تقديم مشروع الموازنة بشكل رسمي، وفق ما تمّ إنجازه في وزارة المال، وبشكل كامل، مع كل التعديلات التي ادخلت عليه، مؤكداً انه مقتنع تماماً بالمشروع، وواثق بأنه يلحظ كل ما طرح من إجراءات.
وجزم خليل انه لن يكون هناك مس بسلسلة الرتب والرواتب، الا انه كشف عن فكرة طرحت في الاجتماع الأخير الذي عقد في «بيت الوسط» مع الرئيس الحريري، وتقضي بتجميد جزء من الرواتب المرتفعة لفترة ثلاث سنوات على ان تدفع بعد ذلك مقابل فائدة، مشيرا إلى انه لا يستطيع ان يعطي رأياً بهذه الفكرة، إلا انه مقتنع، وكذلك الجهة السياسية التي يمثلها بأن لا يمس أي اجراء يتخذ بذوي الدخل المحدود والمتوسط.
واحدثت الأرقام الخطيرة التي عرضها وزير المال صدمة كبيرة لدى النّاس، لا سيما عندما أعلن انه لا يعقل ان يكون هناك عدد كبير من الموظفين يصل إلى الآلاف يتقاضون رواتب أعلى من راتب رئيس الجمهورية، مشيرا الى ان هؤلاء يعملون في معظم المؤسسات العامة، كاشفا عن موظفين في الجمارك والمالية والاقتصاد يستفيدون من غرامات تتجاوز في أشهر بين 18 و25 مليون ليرة، ويجب وضع سقف لبدلات الغرامات والتعويضات، مشيرا إلى موظفين أعضاء في 9 لجان وبعضهم في لجنة واحدة، لكنهم يتقاضون بدلات حضور هذه اللجان أكثر من رواتبهم، وتصل تعويضات بعض هؤلاء إلى 35 أو 40 أو 50 مليون ليرة وهذا الأمر يجب ان يتوقف.
وسأل: هل يعقل ان يستفيد رئيس دائرة الامتحانات الرسمية من تعويضات تصل إلى حدود 100 مليون ليرة نتيجة عمل خمسة أيام؟
وشدّد على إن كل من يستفيد من المال العام يجب ان يخضع لوزارة المال، ولن يكون أحد في جزيرة بعد اليوم، الكل تحت القانون، لافتا إلى ان هناك من يقبضون أكثر من راتب، وهناك بعض النواب يقبضون معاشات تقاعد ورواتب مجلس النواب، في إشارة إلى النواب العمداء السابقين في الجيش، لكنه قال ان هؤلاء لا يرتكبون خطأ لكن يجب تغيير هذا القانون لأنه غير منطقي.
وحول التدبير رقم 3 الخاص بالعسكريين، أكّد الوزير خليل انه مع التدبير كما ينص القانون، لكنه ضده كإجراء استثنائي، موضحا ان هذا التدبير اعتمد في زمن الحرب، لكنه بات يرتب أعباء مالية كبيرة جدا، بالنسبة لتعويضات نهاية الخدمة، حيث تحتسب السنة بثلاث سنوات، متسائلا عن سبب شمول هذا التدبير العسكريين في الدوام، أو الذين يتابعون عملهم وراء مكاتبهم منذ العام 1976، كاشفا عن عسكريين لجأوا إلى طلب تقاعدهم بعد 18 سنة خدمة للاستفادة من تعويض نهاية الخدمة مضروبة بثلاث سنوات، مشددا على وجوب إعادة النظر بنظام التقاعد، وان يكون بعد 25 سنة خدمة، كاشفا في هذا الصدد على ان تعويضات نهاية خدمة الضابط في الجيش بلغت في العام 2018 إلى 1015 ألف مليار ليرة، وان أكثر من 5 آلاف عسكري بينهم عمداء واستفادوا من سلسلة الرتب والرواتب التي كانت تقدر هذه التعويضات بـ35 مليار ليرة، واقترح وقف التسريح الطوعي لمدة ثلاث سنوات.
وكان الوزير خليل، اعتبر في المقابلة، ان الموازنة ليست فقط أرقاماً للنفقات والواردات، بل هي تعكس سياسة الدولة، لكن فإن كل الموازنات التي أقرّت لم يكن فيها روح حقيقية تعكس ما تريده الدولة، مشدداً على انه حريص على ان لا يمس التوازن الاجتماعي من خلال الموازنة، وانه ليس مع تحرير سعر صرف الليرة، ولا يجب اجتزاء الأمر ورمي المسؤولية على غيرنا، مشيراً إلى انه كان هناك خلط بين السياسات المالية والاقتصادية، ويجب إعادة تصويب وجهة الدولة في ما يتعلق بسياستها.
تجدر الإشارة إلى ان الوزير خليل كان أعلن صباحاً انه يحضر لإصدار سندات دولية (يورو بوند) بقيمة 2.5 إلى 3 مليارات دولار في 20 أيّار المقبل لتمويل حاجات الدولة.
وقال خليل لرويترز: «سيتم إصدار جديد بدأ التحضير له مع المصارف العالمية والمحلية في 20 أيار المقبل وهو إصدار قيمته بين مليارين ونصف مليار إلى ثلاثة مليارات دولار».
وأضاف: «الإصدار عادي وفق المخطط ووفق استراتيجية الدين العام المحددة بيننا وبين المصرف المركزي وانطلاقا من الحاجات الفعلية للدولة».
واستقبل وزير المال وفدا من قيادة الجيش اللبناني . وعلم ان خليل ابلغ الوفد ان كل ما يحكى وتسمعونه اشاعات ، وكل ما يتم تداوله ما زال مجرد اقتراحات ولم يبت بشيء بعد.
وكان النائب كنعان، الذي زار قصر بعبدا نقل عن الرئيس  «اصراره على ان يكون هناك مشروع موازنة في اقرب فرصة، معتبرا ان كل الافكار التي يتم تداولها هي مجرد افكار لا تلزم احدا، والواجب يقتضي ان يتم طرح مشروع موازنة واضح المعالم ومتضمنا الاصلاحات المرجوة، على طاولة مجلس الوزراء، فيصار الى نقاشها ضمن المؤسسات الدستورية سواء في الحكومة او في المجلس النيابي، وعندها يبدي كل طرف رأيه بكل شفافية بها، فيتم اتخاذ القرارات لمصلحة لبنان وماليته العامة، من خلال مكافحة الهدر وضبط العجز عبر خطة عامّة تعبّر عنها هذه الموازنة». 
ورأى الرئيس عون، ، انه «بغياب هذا المشروع والنقاش داخل المؤسسات الدستورية، فإننا لا زلنا بعيدين عن المطلوب». 
كذلك زار نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني كلا من الرئيس عون والرئيس نبيه بري، واكد لـ«اللواء» ان رئيسي الجمهورية والمجلس يستعجلان انجاز الموازنة، وللرئيس عون  آراؤه فيها وعبر عنها بوضوح، وقال: تنمنى ان يتاح عرضها على مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، لأنه لا يجوز تأخيرها أكثر من ذلك، بخاصة ان أعين الدول المانحة والبنك الدولي علينا وعلى سرعة انجاز الموزانة واجراء الاصلاحات الهيكلية فيها وفي بنية قطاعات الدولة، لكن اصلاحات جدية وجوهرية لا شكلية.
وشدد حاصباني على ضرورة طرح مشروع الموازنة امام مجلس الوزراء بأسرع وقت لدرسها واقرارها واحالتها الى المجلس النيابي، وقال: «أن التأخير في طرحها يتيح حصول مزيد من التخبط البلبلة والاستنتاجات والتسريبات بما يؤثر على الرأي العام المحلي والدولي ايضا، لكن يجب طرحها بكليتها للبحث وليس كل جزء لوحده،بحيث تبدو كتركيب القطع».
إسرائيل وحزب الله
على صعيد آخر، وفي الذكرى 23 لمجزرة قانا، قال القائد الجديد للقوات البرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال يوئيل ستريك إنّ حزب الله لا يزال يخطّط لفرض سيطرته على منطقة الجليل، متوعّدا لبنان بدفع ثمن تصرفات الحزب.
وذكر ستريك، وهو قائد القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته، في مقابلة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس الخميس، ردا على سؤال بشأن ما إذا كان تدمير سلسلة أنفاق لحزب الله ضمن إطار عملية «درع الشمال» أفشل خطط الحزب لتنفيذ عمليات هجومية عابرة للحدود: «لا، لا يزال حزب الله يعتمد هذه الخطط، وبطبيعة الحال لن نسمح بحدوث ذلك.. هذا ليس تهديدا بالنسبة لنا فقط بل وفرصة أيضا، لأنهم أرسلوا نخبة مقاتليهم إلى الجنوب. سنواجههم وليس لدي أدنى شك بشأن نتيجة هذا الصراع».
وأشار، بحسب ما نقلت «روسيا اليوم» عن الصحيفة الإسرائيلية، إلى أنه سيكون خاطئا فصل حزب الله عن باقي لبنان طالما يظل الحزب لاعبا على الصعيد السياسي ومكونا في السلطة، مضيفا أنه سيكون من الحكمة إعلان حرب على لبنان لـ«إظهار الثمن الذي سيُضطر إلى دفعه في حال شن حزب الله هجوما».
وفي ما يشبه الرد من قبل «حزب الله»، أكّد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ان «تهديدات إسرائيل وأميركا لا تخيفنا، ولن يستطيعوا فرض إرادتهم علينا، فنحن مقاومة تدافع ونحمي وفي ان معاً نبني ونؤسس وسنستمر كذلك مهما كانت الصعوبات ومها كانت العقوبات.
وأشار إلى ان البعض يبدو انه نسى ان إسرائيل هي مصدر الإرهاب في المنطقة والعالم، معيداً إلى الأذهان عدوان نيسان سنة 1996 الذي كانت إسرائيل تريد ان تقضي على «حزب الله» وعلى مقاومته، لكننا ربحنا المعركة وانتصرنا سجلنا تفاهماً غير مكتوب يعترف فيه العدو بهذه المقاومة واعترف بها العالم لنبني مدماك الانتصارات التالية في التحرير عام 2000 أو في عدوان تموز 2006.