تحيي الطوائف التي تتّبع التقويم الغربي اليوم رتبة دفن السيّد المسيح في كل المناطق اللبنانية، وتتجه الأنظار الى جامعة الروح القدس- الكسليك حيث سيجمع القداس السنوي المركزي الذي تقيمه الرهبنة المارونية أركان الدولة يتقدّمهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وسيترأسه الرئيس العام للرهبنة الاباتي نعمة الله الهاشم.

وستتجه الأنظار غداً الى رسالة الفصح التي سيتلوها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، متناولاً فيها الوضع الداخلي من كل جوانبه، مركّزاً على الوضع الاقتصادي الصعب وضرورة اتخاذ تدابير سريعة لوقف الانهيار، كما أنه سيتناول أزمة النازحين السوريين وضرورة إيجاد حلّ لعودتهم الى بلدهم، إضافة الى الأزمات السياسية والوطنية الأخرى وأزمات الشرق.

أمّا قدّاس العيد الأحد في بكركي فسيكون مناسبة يطلق الراعي فيها مزيداً من المواقف التحذيرية، وستعقد بعده خلوة بين عون والبطريرك من المتوقع أن تتناول معظم المواضيع الوطنية، وسط تأكيد بكركي دعمها رئاسة الجمهورية والمواقع الدستورية لكي تقوم بدورها.

ودعت أوساط بكركي، عبر «الجمهورية»، اللبنانيين في مناسبة الفصح الى «أن يكونوا على مقدار ما يحمله العيد من معانٍ، وأن يثبتوا قولاً لا فعلاً أنهم أوفياء لوطنهم ويحبّونه، وأن يسارعوا الى إنقاذه من الهاوية التي يحذّر الجميع منها». وطالبت المسؤولين بأن «يُثبتوا أيضاً أنهم حريصون على بلدهم أكثر من حرص بعض المسؤولين الأجانب الذين يدعون المسؤولين الى إنقاذ لبنان من الخطر الذي يداهمهم». وأكدت «أنّ لبنان وطن لا يستحقّ كل ما يحصل له، وهذا الوطن الجميل بات مصيره على المحكّ، ولا بدّ من صحوة ضمير لدى المسؤولين». وشدّدت على «أنّ الوقت يدهمنا، وعلى كل مسؤول أن يقوم بشيء ما للإنقاذ». وكان الراعي قد ترأس «رُتبة الغسل» أمس في سجن رومية، حيث دعا الى الاستعجال في المحاكمات وحلّ مسائل إنسانية مرتبطة ببعض السجناء.

عون يصرّ 
وفي الوقت الذي بات موعد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء رهناً بالتفاهم على المخارج المقبولة لِما هو مطروح من إجراءات لتقليص أرقام الموازنة، كشف زوّار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لـ«الجمهورية» أنه يصرّ على ان تطرح هذه الموازنة في مجلس الوزراء قريباً، ويفضّل ان تكون على جدول أعمال جلسة الخميس المقبل أيّاً كانت الظروف التي تتحكّم بحركة الإتصالات والمشاورات الجارية لتخريج القرارات المالية الصعبة التي يتحدث عنها رئيس الحكومة وبعض الوزراء، وبلغت حدوداً من التهويل على الناس وموظفي القطاع العام والأسلاك العسكرية والأمنية.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ حركة المشاورات الجارية لم ترسُ بعد على بر التفاهمات، فهناك أكثر من مقاربة لِما يمكن اتخاذه من تدابير تقشفية انطلاقاً من القول انّ المباشرة بتقليص رواتب الموظفين الكبار في بعض المواقع وتعديل بعض الحوافز والتقديمات الخارجة على كل مألوف، بما فيها طريقة احتساب التعويضات في نهاية الخدمة او في سنّي التقاعد في بعض الأسلاك، أكثر أهمية من المَس بأصحاب الرواتب المتوسطة والمحدودة او بالتعويضات التي تطاول العسكريين على الجبهات وفي أي ثكنة او موقع عسكري كانوا.

ولفتت المصادر الى «انّ تبرؤ الجميع من مواقف وزير الخارجية جبران باسيل بمَن فيهم زوّار قصر بعبدا، لا يعني انّ الأمر لم يكن مطروحاً، لكنّ بعض المسؤولين أبلغوا الى اكثر من جهة انّ تعاطي باسيل باستباقية مع ما هو مقرّر في مشروع قانون الموازنة اعتبر خروجاً على الصلاحيات والمواقع، عدا عن الإساءة التي لحقت بالفريق الذي يعدّ الموازنة ولم يصل الى هذا الحد من التقليصات المقترحة، وانّ تصوير بعض المواقف على أنها جريئة ينقصها الإشارة الى انّ بعض ما هو مقترح كان تعبيراً عن إرادة تيارات وقوى سياسية لم تقاربها رئاسة الحكومة ولا وزارة المال بعد.

مؤشر البورصة
وفيما يرتفع منسوب القلق الشعبي والرسمي حيال الانهيار المالي والاقتصادي، برز أمس مؤشّر خطير تمثّل في تراجع دراماتيكي شهدته اسعار الاسهم كافة في بورصة بيروت، الأمر الذي طرح تساؤلات وأشاع أجواء قلق في الأسواق.

وفيما ربطت التحليلات بين هذا «الانهيار» والتحذيرات التي يطلقها المسؤولون حيال اقتراب موعد الانهيار، اذا لم تتخذ إجراءات سريعة وناجعة، أشارت مصادر مالية الى أنّ الامر يرتبط خصوصاً بفترة العطلة الطويلة التي تمتد من اليوم الى الثلثاء المقبل (4 أيام). وفي هذه الاجواء المقلقة، أقدم عدد كبير من حملة الأسهم على طرح الاسهم للبيع قبل الاقفال تحسّباً لأيّ طارئ في خلال العطلة، الأمر الذي أدّى الى زيادة العرض وتراجع الطلب، ما دفع الأسعار الى الانهيار بهذا الشكل السريع في يوم واحد. 

السرية المصرفية
الى ذلك، تفاعل اقتراح قانون السرية المصرفية الذي طرح في الجلسة النيابية أمس الأول وأحيل الى اللجان النيابية لإعادة درسه، في الاوساط السياسية والقانونية، خصوصاً انه سيعاد طرحه لاحقاً في الهيئة العامة لمجلس النواب.

 
 

وقال مرجع دستوري في هذا الصدد: «على عكس المشاع، لم يسقط أمس الأول قانون السرية المصرفية بل سقط الاقتراح في اعتباره معجلاً مكرراً، وأحيل إلى اللجان النيابية لدراسته تمهيداً لمعاودة طرحه على التصويت في الهيئة العامة، بعد تنقيته من شوائب دستورية وقانونية تعتريه في صيغته الحالية».
وعدّد المرجع جملة ملاحظات على صيغة الإقتراح، وأبرزها:

-1 تضاربه مع قوانين نافذة أخرى مصرفية، جزائية ومالية، ولاسيما منها قوانين سرية المصارف والنقد والتسليف ومكافحة تبييض الأموال.

-2 تناقضه مع المواد الدستورية 27 و19 و40 التي تنص على صلاحية المجلس الدستوري الحصرية في إبطال نيابة أي نائب، في حين ينص اقتراح القانون على إبطال نيابة كل نائب اذا لم يلتزم التصريح عن حساباته في مهلة شهر، الأمر الذي يتطلب تعديلاً دستورياً.

-3 تناقضه مع المادة 69 من الدستور التي تمنح حصراً رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إقالة الوزراء بعد موافقة ثلثي اعضاء مجلس الوزراء، في حين ينصّ اقتراح القانون على إقالة كل وزير اذا لم يتقدم بالتصريح عن حساباته في مهلة شهر، الأمر الذي يتطلّب ايضاً تعديلاً دستورياً». (راجع صفحة 6).

«القوات»
الى ذلك، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ «ما حصل في موضوع اقتراح قانون السرية المصرفية معيب جداً، حيث حاول الوزير جبران باسيل أن يسجّل انتصاراً وهمياً من خلال تصوير انّ هناك من هو مع رفع السرية المصرفية، ومن هو ضد السرية المصرفية، فيما إحالة الاقتراح لدرسه لا علاقة لها بمَن هو ضد ومن هو مع، بل ترتبط حصراً بهشاشة الاقتراح المقدّم والعيوب التي تعتريه والثغرات الدستورية والقانونية الفاضحة في متنه ونصوصه».

وأسفت المصادر «لهذه الخفّة في التعاطي السياسي بعيداً عن المسؤولية الوطنية في لحظة لبنان أحوَج ما يكون فيها إلى التآلف والتضامن لتجاوز الأزمة المالية والاقتصادية، فإذا بكل همّ هذا الفريق تصفية الحسابات السياسية وعلى خلفيات تضليلية وتزويرية، على غرار ما حصل في تزوير محضر لجنة الشؤون الخارجية مُعمتداً مبدأ «أكذب، أكذب أكذب، فلا بد من أن يعلق شيء في عقول الناس».

ورأت هذه المصادر «انّ لجوء هذا الفريق إلى التضليل المكشوف دليل على عمق الأزمة التي يعيشها، وحاجته الى إنجازات وهمية تعوِّض الخفة والارتجالية في مواقفه التي فاقمت الأزمة الاقتصادية، وأحيَت النعرات الطائفية والمذهبية في أكثر من مناسبة».

الى ذلك، أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس هيئة الاركان العامة في الجيش البريطاني، الجنرال السير نيكولاس كارتر، الذي استقبله في قصر بعبدا، «التزام لبنان الكامل بتطبيق قرار مجلس الامن الرقم 1701، حفاظاً على الهدوء والاستقرار في المنطقة الحدودية الجنوبية، على رغم الخروقات الاسرائيلية المستمرة في البر والبحر والجو»، لافتاً الى «انّ الدفاع عن أنفسنا في وجه اي اعتداء إسرائيلي هو من حقنا الطبيعي». وقال انّ «الخلاف مع اسرائيل على الحدود البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لم يحسم بعد، لكنّ ذلك لن يحول دون المباشرة في أعمال التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات التي حددتها الحكومة اللبنانية».

إسرائيل تهدد
في غضون ذلك، حذّر القائد الجديد للقوات البرية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يوئيل ستريك، من أن حزب الله «لا يزال يخطّط لفرض سيطرته على منطقة الجليل»، متوعّداً لبنان بدفع ثمن تصرفات الحزب.

ورداً على سؤال عمّا إذا كان تدمير سلسلة أنفاق هجومية لـ«حزب الله» ضمن إطار عملية «درع الشمال» أحبط خطط الحزب لتنفيذ هجمات عابرة للحدود، قال ستريك لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس: «لا، لا يزال «حزب الله» يعتمد هذه الخطط، وبطبيعة الحال لن نسمح بحدوث ذلك... هذا ليس تهديداً بالنسبة إلينا فقط، بل هو فرصة أيضاً، لأنهم أرسلوا نخبة مقاتليهم إلى الجنوب. سنواجههم، وليس لديّ أدنى شك في شأن نتيجة هذا النزاع». وأشار إلى أنه «سيكون خاطئاً فصل «حزب الله» عن بقية لبنان، طالما يظلّ الحزب لاعباً على الصعيد السياسي ومكوّناً في السلطة». مضيفاً أنه «سيكون من الحكمة إعلان حرب على لبنان لإظهار الثمن الذي سيُضطر إلى دفعه في حال شنّ «حزب الله» هجوماً».

وتطرّق ستريك إلى تزويد روسيا الجيش السوري منظومات صواريخ «إس-300» للدفاع الجوي، مهدداً بتدمير هذه المنظومات إذا استخدمت ضد الطيران الإسرائيلي. وقال: «سننشر منظومات عسكرية متطورة إلى المنطقة، لكن لدينا سلاح الجو الرائع. لن أخوض في التفاصيل، لكن إذا استخدم السوريون «إس-300» الروسية سنقضي عليها، وسيعدّ ذلك خطوة مشروعة من جانبنا». وأمل في أن لا يطبّق هذا السيناريو، مضيفاً: «لكن إذا أصبحت حرية تحركاتنا مهددة فإننا سنفعل ذلك»، على رغم من أنّ هذه الخطوة قد تشكّل تحدياً بالنسبة الى العلاقات بين إسرائيل وروسيا.