ثمة فارق كبير بين الاسلام كنص ديني , متمثلا بالكتاب والسنة الصحيحة , وبين فهمهما من قبل البشر الذين يقرؤونهما , وهنا تكمن المشكلة في عدم التمييز بين راي الاسلام وبين الراي الاسلامي , ففي الواقع يوجد رأي للإسلام عن  الاشياء والقضايا , وهو حكم الله سبحانه وتعالى الواقعي وحكم النبي (ص), وفي المقابل يوجد رأي آخر عن الاشياء والقضايا يسمى رأي إسلامي وانما سُمي راي إسلامي لأن القارئ كان مسلما ليس إلا , وإلا إذا إعتبرنا أن رأي المسلم هو رأي الاسلام , ماذا نفعل بالآراء المتناقضة عند المسلمين في كثير من القضايا , أعني تناقض الاراء الدينية المعتمدة على روايات تاريخية ونصوص قرآنية , هذا التناقض التانج عن أختلاف المناهج والمعايير التي يحاكم النص الديني على اساسها وطبقا لها , فهل يمكننا إعتبار التناقض في الاسلام ؟ حاشا وكلا , فلا تناقض في جوهر الاسلام , فإن هذا التناقض مرجعه بشري , إذ أنه من الثابت أن تعدد المذاهب الاسلامية وتناقضها في كثير من القضايا والمقررات العقائدية والتشريعية دليل واضح على إختلاف الفهم البشري للدين , وبالتالي عدم قدسية هذا الفهم ولا يمكن اعتباره رأي الاسلام بل هو رأي اسلامي , وهذا التفريق يمكّننا من الحفاظ على قدسية المقدس , وعدم تقديس غير المقدس كما حال الفكر الديني السائد , حيث نلاحظ انه لا يفرق بين الرأيين فيعتبر رأي الفقهاء هو رأي الله وهذا أمر خطير للغاية , خطير لانه يمنع نقد كلام الفقيه الذي هو تحت النقد , وينبغي ان يكون تحت النقد .

ينبغي التركيز على تأسيس مناهج لتحسين واستيعاب المقررات المستخدمة في النقاشات المتعلقة بمفهوم الدين , من أساسيات هذا المنهج التفريق بين رأي الاسلام وبين الرأي الاسلامي او الاسلاموي كما عبر بعض الفلاسفة , لأن التمسك بفهم واحد للنص لا يسهم في تكسير الجليد المزمن في الفكر الديني , بالاضافة الى عدم وجود آليات تساهم في الاعتراف بالاخر , وما هو موجود من الاعتراف بالاخر ما هو الا مجاملات لا أكثر ولا اقل , فإن عدم التمسك بفهم واحد للنص الديني يعني تلقائيا الاعتراف بوجود فهم آخر له , وبالتالي يكون هذا نواة اولى لتأسيس منهج تغييري يساهم في جدية الحوار بين مكونات الفكر الديني وبين المذاهب الاسلامية , ويساهم في خروج كل طرف من شرنقته التي تقوقع فيها بفعل التمسك برأيه الذي إعتبره رأيا نهائيا عن الاسلام ولم يترك مجالا للنقاش فيه , وبات واضحا لأي متتبع موضوعي ان الحركات الاسلامية السائدة ما هي الا ضحية لفكر ديني من انتاج مؤسسات دينية لا يمكن ان تنتج الا هذه النماذج , التي لا تمت بكثير من سلوكياتها الى النص القرآني الثابت , ويمكن ان نعزو السبب الى انها تمسكت برأي بشري عن الاسلام واعتبرته رأي الاسلام الواقعي كما ذكرت , وهذا من الاشكاليات التي ينتجها عدم الفصل بين الاسلام ومفسريه .