في اليوم العالمي للمياه، هل لبنان مقبل على أزمةٍ كبيرة خلال السنوات المقبلة؟!
 

يُصادف الثاني والعشرون من آذار، "اليوم العالمي للمياه"، حيث يتم الإحتفال بهذا اليوم من أجل التركيز على أهمية المياه، والدعوة للإدارة المستدامة لمواردها، كما يُعدّ هذا اليوم فرصةً للتعرف على المشاكل المتعلقة بالمياه لإتخاذ إجراءات اللازمة للحدّ من مشاكلها.

إذ أنه يترافق هذا العام مع العديد من التحديات التي تستوجب، العمل السريع من أجل الحفاظ على هذه الثروة، خاصةً في ظل التقارير التي تحذّر من فقدانها.

علمًا، أن "الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد اعتمدت القرار 193/47 في 22 كانون الأول 1992، وأعلنت بموجبه يوم 22 آذار من كل عام بوصفه اليوم العالمي للمياه، وذلك للإحتفال به ابتداء من عام 1993، وفقًا لتوصيات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الواردة في الفصل 18 حماية موارد المياه العذبة وامتداداتها من جدول أعمال القرن 21. 

ودعت الجمعية العامة في ذلك القرار الدول إلى تكريس هذا اليوم، لأنشطة ملموسة من قبيل زيادة الوعي عن طريق نشر المواد الوثائقية وتوزيعها، وتنظيم مؤتمرات واجتماعات مائدة مستديرة وحلقات دراسية ومعارض بشأن حفظ وتنمية موارد المياه وتنفيذ توصيات جدول أعمال القرن 21".

إقرأ أيضًا: البقاع يتربع على عرش العالمية.. والسبب السرطان!

وعلى الرغم من التطور الذي نعيشه، ومن توفر العديد من وسائل الرفاهية، إلّا أنّ هناك العديد من الأشخاص الذين لا يزالون يفتقرون إلى أبسط حقوقهم. 

فوفق تقرير الذي أطلقته منظمة اليونسكو ولجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية إن "بلايين البشر حول العالم، ما زالوا محرومين من حق الحصول على مياه الشرب النقيّة وخدمات الصرف الصحي".

كما ويشدد التقرير على أنّه إذا ما إستمر تدهور البيئة الطبيعية والضغوطات المفرطة، على الموارد المائية على هذا النحو على الصعيد العالمي، فإنّ 45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و40 في المئة من الإنتاج العالمي للحبوب ستكون معرضة للخطر بحلول عام 2050".

وحسب الأرقام التي يحملها التقرير، "كان 3 من بين كل 10 أشخاص خلال عام 2015 وحده، يفتقرون للمياه المأمونة الصالحة للشرب، (أي ما يُعادل 2.1 بليون نسمة في العالم)، فيما كان 4.5 بليون نسمة محرومون من مرافق الصرف الصحي، المدارة بصورة مأمونة (أي 6 من بين كل 10 أشخاص)".

أما في لبنان لفت "الإتحاد من أجل المتوسط" إلى أن "منطقة البحر الأبيض المتوسط تعد واحدة من ضمن أكثر النقاط الـ 25 الساخنة المتأثرة بتغير المناخ في العالم، فمع تزايد عدد السكان بسرعة هائلة، وأكثر من 180 مليون شخص يعانون شح المياه، فإن توحيد الجهود لمواجهة هذا التحدي المشترك بين الدول الأعضاء أصبح في غاية الأهمية. 

ولمواجهة هذا القلق المتزايد، وبعد إعلان فاليتا الوزاري لعام 2017، أقرت دول الإتحاد من أجل المتوسط، البالغ عددها 43 دولة، حديثًا جدول أعمال للمياه واستراتيجية مالية للمساعدة في تحسين سُبل الوصول إلى المياه المأمونة في المنطقة الأورو- متوسطية".

وأكد الإتحاد، في "اليوم العالمي للمياه"، "الحاجة إلى حوار إقليمي لمواجهة تحديات المياه المشتركة، وفي تجسيد للجهد الجماعي وفائدة التعاون الإقليمي، سينظم الإتحاد من أجل المتوسط سلسلة من ورش العمل في جميع أنحاء المنطقة لعرض جدول أعمال المياه للعمل على تعزيز تبادل الرؤى حيال أفضل الممارسات في شأن الاستراتيجيات المالية المتعلقة بهذا الأمر، وخصوصًا عن سبل جذب الإستثمارات لقطاع المياه".

إقرأ أيضًا: فضيحة جديدة برسم المعنيين: غاز سام في الهواء يهدد حياتنا

وعلى الصعيد اللبناني أيضًا، "يوجد في لبنان أربعة ملايين نسمة بالإضافة إلى مليون ونصف مليون سائح في الأحوال العادية، عدا عن عدد النازحين، كما في الظروف الحالية، نحتاج إلى أربعة مليارات متر مكعب من المياه سنويًا لسد الحاجات الفعلية، فهل تتوافر هذه الكمية؟ 

إضافةً إلى ذلك، لدينا معدل وسطي حوالي 700 ملم من متساقطات المياه سنويًا، على مساحة 10452 كلم مربع، ما يعني أن لدينا حوالى 8 مليارات متر مكعب من واردات المياه، ونسبة التبخر في لبنان من أعلى النسب في المنطقة، حيث لا تتجاوز أيام الشتاء 40 إلى50 يومًا، والأيام الباقية أيام تبخر، ويعني ذلك أن نسبة التبخر تراوح بين الـ50 و55%، أي إن الكمية الباقية بالكاد تسد حاجة اللبنانيين. 

مقابل ذلك، أظهرت نتائج الدراسة التي أعدتها مصلحة الأبحاث الزراعية عام 2018، أن "مياه لبنان بمعظمها ملوثة بنسب متفاوتة، تلوثًا جرثوميًا وكيميائيًا وبالمعادن الثقيلة، حيث وصلت نسبة التلوث في بعض الشواطىء لا سيما الصناعية وذات الكثافة السكانية إلى نسبة 100%، ومنها بيروت وعكار وبعض مناطق الجبل والبقاع. 

ناهيك عن الكارثة البيئية التي أصابت نهر الليطاني، النهر الأطول والأهم في لبنان، والذي يعدّ شريان حياة لآلاف من أهالي المنطقة واللبنانيين ومصدر رزقهم".

إذًا، هذه ليست الأزمات الوحيدة التي تعاني منها الثروة المائيّة في لبنان ولن تكون الأخيرة، في ظلّ غياب سياسات واضحة للإستفادة من هذه الثروة والحفاظ عليها، خصوصًا أنّها آخذةٌ في التفاقم.

وفي اليوم العالمي للمياه، هل لبنان مقبل على أزمةٍ كبيرة خلال السنوات المقبلة؟ أم أنه غرق في أزمات منذ سنوات؟!