نريد لهذه الحكومة كل نجاح، فنجاحها هو نجاحٌ للبنان وجميع اللبنانيين، ولكن…

نغيب للحظات، لأيام، عن بيت القصيد، أو عن شاغل جميع الناس، وجميع المسؤولين، وجميع أصدقاء لبنان، والغيارى من أشقائه. وهل يخفى الفساد؟

غير أننا نبدأ اليوم من منطلق مختلف. لقد شبع الناس كلاماً من كل الانواع والمقامات والرتب، وأصبح المطلوب الانتقال من الكلام الى الأفعال: لحد هون وبس. ما عاد الحكي ينفع.

لم يبقَ مسؤول، أو سياسيٌّ، أو تاجر، أو موظَّف، أو عاطل عن العمل، إلا وأدلى بدلوه ورأيه وصوته ويديه. الجميع ضد الفساد. وهذا أمر بديهي ومن تحصيل الحاصل. كلُّهم صرَّحوا وصاحوا، وثابروا في متابعة “الأناشيد الفساديَّة” حتى فوجئ كثيرون بالعديد من “حرّاس الفساد” ينضمون الى الحملة، وبحماسة واندفاع!

انما هل نبقى في ساحة الخطابة، والأناشيد، والشعارات، والتهويلات؟

لقد حان الوقت، وحانت لحظة الدخول الى لبّ الموضوع الفسادي ومشتقاته، قبل أن ييأس الأصدقاء والأوفياء، ويكون ردَّهم على هذه المماطلة سحب قرارات “سيدر” من المعمعة، وترك لبنان ليقلع شوك فساده بيديه.

هل المطلوب والمقصود تطهير لبنان من الفساد وأهله وحماته والمنتفعين من المواظبة على الحرب الكلاميَّة رسميّاً وشعبيّاً، الى أن يصبح الفساد هو الأقوى، وهو المرجع؟

لقد بدأ الفاسدون يتصرفون بحرية وقوة وراحة أكثر من أي وقت، كما يروي المتابعون والخبراء، وكما هو واقع الحال. وبعض هؤلاء لا يتردَّد في القول إن الفساد تحوَّل “قضية صوتيّة”: تصريح من هذا الوزير، تصريح من ذاك النائب، بيان من ذيّاك المسؤول، وكل عام وأنتم بخير. أو كل فساد وانت مطرحك يا واقف.

الاستمرار في هذا الدوران الهوائي ينعكس سلباً على البلد بأسره، كما أنه يوحي الى من تبقّى من الغيارى بأن المسألة اللبنانيَّة لا رجاء منها ولا أمل. لم يعد ثمة من يريد سماع أيّ كلام عن الفساد لأشهر وسنين وتلال من التصريحات، لم ينجم عنها أي عمل، ولم يظهر على الأرض أي خطوة ايجابية حتى الآن.

بات من الواجب توجيه تحذير، أو تنبيه الى المسؤولين والمعنيّين، وعلى كل المستويات والصعد: اذا لم تغتنموا هذه الفرصة الدوليّة العربيّة اللبنانية الآن الآن وليس غداً، فإنكم ستنضمون الى صفوف حصّادي الهواء.

هل يحتاج أحدٌ في لبنان الى الاقناع بوجوب أن يأخذ في الاعتبار أنها الفرصة الأخيرة، وأن قرارات “سيدر” هي البداية كما قد تتحوَّل نهاية؟

وقد يكون بعدها الويل والثبور؟

فالكلام في موضوع الفساد أصبح يصبّ في مصلحة الفاسدين، ويمدُّهم بقوة اضافية نتيجة الإكثار من الكلام، وعدم اتخاذ أية خطوة عمليّة جديّة.

آذانُ الناس صُمَّت من كثرة الأحاديث في موضوع الفساد. البلد في حاجة ماسّة الى قرارات عملية فعلية منتجة، حكيمة، صالحة وقابلة للتنفيذ. الآن الآن وليس غداً. بيكفي حكي وتحبير آراء.

“يا حكومة العمل” أين العمل في ورشة الفساد؟