هذه المقدمة الطويلة لموضوع أساسي موجز: جيِّد ومفيد، ومع الشكر، يتلقى لبنان مساعدات حرزانة عبر “سيدر” مثلاً، أو سواه. إلا أن ذلك لن يكون كافياً لسد حاجات “وطن النجوم”، ولا كل ما يبحث عنه في جيوب من كانوا يتجاوبون مع نداءاته. وهذا يعني أن من واجبكم تنظيف لبنان أولاً، ثم التطلع الى الأبناء في المغتربات، ثم الأشقاء.

ثمة تطورات متعددة الأسباب والدوافع نصبت موانع وحواجز في وجه اليد اللبنانيَّة التي كانت ولا تزال ممدودة الى الأقرباء والغرباء. فما كان يحصل ويتم بسهولة في أيام مضت قد تحوَّل الى العكس تماماً. هاتيك الفرص انتهى زمنها.

لا موجب لتعداد الدول الشقيقة القريبة، كما الأقرب والأبعد، التي كانت تسارع الى نجدة هذا اللبنان المنكوب من داخل، والتكرُّم عليه بمساعدات ملبيَّة لحاجات تُذكَر في حينه. ليس من الضروري هنا الإفراط في الأحاديث عما كان ولا يزال يحدث، وما كانوا “ينجزونه” على مختلف الصعد، وخصوصاً على صعيد الكهرباء، والبنى التحتية، والضرورات “الفوقية”.

قد نعود الى هذا الموضوع بالذات في مناسبة لاحقة، كوننا أردنا اليوم أن نذكّر الحكومة وعموم المسؤولين والمعنيين بمئات آلاف اللبنانيين المهاجرين الى مختلف بقاع الأرض بحثاً عن الأمن والاستقرار ونظافة الضمائر والأكف والأخلاق، وعن لقمة العيش والضمانات الصحيَّة والمعيشية… فضلاً عن الاستقرار والاستقامة.

هنا، في هذا الحقل، في هذه المجالات الشاسعة، تكمن الثروة اللبنانية الكبرى، سواءً على الصعيد البشري الانساني العددي، أم على المستوى المادي والنجاحات الواسعة الآفاق التي يحققها اللبنانيون المغتربون.

وليس الكلام عن لبنانيّي المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، وقطر، وما تستوعبه الدول العربية الأخرى، بل كذلك بالنسبة الى الألوف المؤلَّفة التي تكاد كندا أن تعيد النظر في مساحاتها الصالحة للبناء ومشتقاته جرّاء نجاح رجال الأعمال اللبنانيين في كل الحقول، مما أضاف الى كندا عنصراً كبيراً في حقول التجارة بمختلف أنواعها.

أما أبناء أبناء قدامى المهاجرين الى البرازيل والارجنتين وسواهما، فإنهم لم يتلقوا بحياتهم اشارة أو دعوة، ولم يستقبلوا وفوداً رسمية تدعوهم لزيارة مسقط رأس آبائهم وأجداد أجدادهم.

ناهيك بأوستراليا الرديف الآخر لكندا، ومن غير أن نقفز قفزة عرجاء في الفضاء الأميركي، حيث فتحت الأبواب لما عندهم من اختصاصات واستعدادات ونجاحات.

من رابع المستحيلات خوض غمار عوالم وجود الكثافات اللبنانية التي هربت، أو هرولت، أو اضطرت الى البحث عن اللقمة والعيش بأمان وضمانة انسانية!

فماذا تنتظرون لتلتفتوا اليهم ببعثات مكثّفة، مزوّدة بقرارات اصلاحية وتعهدات مقبولة، وخصوصاً بالنسبة الى فحش الفساد، ووحش الانفلات، والتسيّب الذي لا حدود له؟

فكِّروا جيداً، وقبل كل شيء آخر، وحتى قبل “سيدر” في الثروة اللبنانية في المغتربات. انما أصلحوا لبنان أولاً.