يشهد البرلمان اللبناني في أول جلسة تشريعية يعقدها غداً الأربعاء بعد نيل حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة، أول «منازلة كهربائية» على خلفية البند المدرج على جدول أعمالها والذي ينص على إعطاء سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان وقدرها أكثر من 2700 مليار ليرة أي نحو مليار و800 مليون دولار، ويفترض أن تدور رحاها بين فريقين من النواب إن لم يكن أكثر.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية بارزة بأن أحد النواب المنتمين إلى «التيار الوطني الحر» كان قد تقدّم باقتراح قانون يقضي بإعطاء هذه السلفة إلى مؤسسة كهرباء لبنان من دون تبيان الأسباب والدوافع في اقتراحه الذي تقدّم به، سوى أن هناك ضرورة لتأمين هذه السلفة لشراء مادة الفيول ونفقات أخرى لئلا يغرق لبنان في الظلمة.

وأكدت المصادر أن الجزء الأكبر من هذه السلفة سيُنفق لشراء مادة الفيول التي تحتاج لها الباخرتان التركيتان اللتان تقومان بتوفير التغذية لعدد من المناطق بالكهرباء لسد العجز في التغذية التي تؤمّنها مؤسسة كهرباء لبنان.

ولفتت المصادر إلى أن طلب السلفة لم يلحظ ضرورة إصلاح قطاع الكهرباء وعزت السبب إلى أن وزيرة الطاقة ندى البستاني (التيار الوطني الحر) لا تحبّذ أي ذكر للإصلاح بذريعة أن أي حديث عنه يعني أن أسلافها من الوزراء الذين تعاقبوا منذ 10 سنوات على تسلّم وزارة الطاقة وجميعهم من «التيار الوطني» أخفقوا في إصلاح قطاع الكهرباء وهذا ما ترفضه.

ويتصدّر إصلاح قطاع الكهرباء حالياً المشاورات الجارية بين الأطراف المشاركة في حكومة «إلى العمل». وكان عُقد اجتماع مساء أول من أمس بين وفد من «اللقاء النيابي الديمقراطي» ومعه عدد من المستشارين في مجال الطاقة وبين الرئيس سعد الحريري ووزراء آخرين. وسيُدرج هذا الموضوع في بند أول في الاجتماع الذي يعقده «اللقاء الديمقراطي» اليوم الثلاثاء عشية انعقاد الجلسة التشريعية.

لكن موقف «التيار الوطني» في الجلسة التشريعية يفترض أن يسلّط الضوء على موقف الأطراف المشاركة في الحكومة وأبرزها كتل «المستقبل» و«أمل» وحزب «القوات اللبنانية» و«حزب الله» إضافة إلى «اللقاء الديمقراطي».
وفي هذا السياق تردَّد بأن طلب تأمين سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان سيلقى معارضة من قبل نواب «القوات» و«اللقاء الديمقراطي» وحزب «الكتائب» رغم أنه لا يشارك في الحكومة، وتردّد أيضاً بأن نواب كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري قد يقفون إلى جانب المعترضين على هذه السلفة في ظل افتقادها إلى ما يبرر صرفها.

ولفتت مصادر نيابية إلى أن النواب المعترضين على إعطاء السلفة بلا ضوابط سيصرون على ضرورة تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، إضافة إلى الإسراع بتشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء، وقالت إنهم سيقترحون على الهيئة العامة في البرلمان وجوب تقسيط هذه السلفة على دفعات تُدفع شهرياً لتكون لديهم الصلاحية في مساءلة الحكومة ومن خلالها وزارة الطاقة في خصوص إنفاقها.

ويبقى السؤال: هل يتم التوصل إلى حل وسط لتمرير السلفة لمؤسسة كهرباء لبنان ومن خلالها لوزارة الطاقة، على أن يكون مشروطاً بإنجاز الترتيبات والإجراءات لإصلاح قطاع الكهرباء استجابة للورقة الإصلاحية التي يعهد بها لبنان أمام الدول والمؤسسات المالية المشاركة في مؤتمر «سيدر»، إضافة إلى المضي في إشراك القطاع الخاص في خصخصة هذا القطاع وتحديداً ما يتعلق ببناء معامل جديدة لإنتاج الكهرباء التي ستلزم القطاع الخاص على أن تبقى شبكات النقل والتوزيع للحكومة بعد أن يصار إلى تأهيلها؟

هذا ناهيك عن أن هناك ضرورة في إصلاح قطاع الكهرباء لخفض العجز السنوي الخاص به والذي يفوق ملياري دولار، وهذا يشكل تحدّياً للحكومة لاختبار مدى التزامها بما تعهدت به في مؤتمر «سيدر»، وبالتالي فإن الرئيس الحريري باقٍ على التزاماته وسيعمل على حشد جميع الأطراف بلا استثناء للإسراع في إتمام الإصلاحات المالية والإدارية بدءاً من مشروع الموازنة للعام الحالي.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مشروع الموازنة الذي كان أعده وزير المال علي حسن خليل وأحاله على الحكومة المستقيلة في خلال قيامها بتصريف الأعمال، بات وباعتراف منه وبطلب مباشر من الرئيس الحريري، في حاجة إلى تعديلات جذرية لخفض الإنفاق وترشيق الموازنة بما يحقق تراجع نسبة العجز باعتبار أن مضي الحكومة في هذا المجال يشكل أول اختبار لحسن النيات الذي من خلاله ستتقدّم من «سيدر» بأوراق اعتمادها التي تفتح الباب أمام التوافق على خطة لتنفيذ مقرراته استناداً إلى الآليات التي تم الاتفاق عليها مع بيار دوكان المكلف من الحكومة الفرنسية بمواكبة سير الاستعدادات اللبنانية لتوفير كل ما هو مطلوب منها.

لذلك، فإن إعادة النظر في مشروع الموازنة والعمل على ترشيق الإنفاق والنفقات تشكّل النافذة الوحيدة للبنان التي يطل منها على الدول والمؤسسات المشاركة في «سيدر» للحصول على بركتها بأن لبنان قرر أن يضع نفسه على سكة الطريق المؤدية إلى «سيدر».

وعليه هل يتجاوز البرلمان الدخول في «اشتباك سياسي» بسبب الخلاف على سلفة الكهرباء؟ وأيضاً ماذا عن إقرار الحكومة ست درجات للأساتذة من حملة الكفاءة؟ وهل يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون إلى ردها؟ وكيف ستتصرف الحكومة في حال أنه حسم موقفه وقرر رد المرسوم الخاص بها؟