كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الأوسط:
 
 
يترقب المجتمع الدولي رد فعل الحكومة اللبنانية في تعاملها مع عودة «الحراك الشعبي» غداً (السبت) بدءاً من المظاهرة المليونية التي تنظمها المجموعات المنخرطة في «الانتفاضة الشعبية» التي تتطلع إلى توجيه رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن تفشي وباء «كورونا» لن يعوق إصرارها على مواجهة المنظومة السياسية الحاكمة والقوى التي تعاقبت على السلطة على مرّ السنين السابقة، فيما يحاول رئيس الجمهورية ميشال عون في الاجتماع الذي رعاه أمس إنقاذ المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي لتمويل خطة التعافي المالي لوقف الانهيار الاقتصادي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن المفاوضات مع الصندوق لم تحقق أي تقدّم، وأنها ما زالت في مرحلة التأسيس، وأن العائق يكمن في أن الوفد اللبناني المفاوض لم يتمكن من طرح مقاربة موحّدة تتعلق بالأرقام المالية بسبب تعدُّد الآراء.
ونقلت مصادر نيابية عن سفير أوروبي أن التجديد للقوات الدولية سيتم من دون تعديل، ورأى أنه لم يسبق لواشنطن أن عرضت طلبها بتعديل مهام «يونيفيل» على مجلس الأمن للتصويت عليه وكانت تكتفي بطرحه من خلال المشاورات التي تسبق التمديد.
وتوقفت المصادر أمام مطالبة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بضرورة التوصُّل إلى مقاربة مالية موحّدة تتعلق بالوضع المالي لخزينة الدولة وكشفت عن أنه أمهل اللجنة النيابية المنبثقة من لجنة المال والموازنة أسبوعاً لإنجاز هذه المقاربة بغية إخراج المفاوضات مع الصندوق من المراوحة.
ولفتت إلى أن الوفد اللبناني المفاوض يفتقد إلى توحيد صوته في المفاوضات، وقالت إن هناك ضرورة لوقف المبارزة بين أعضاء الوفد التي لا تخدم التفاوض وصولاً إلى التعاون مع الصندوق، خصوصاً أنه لا مجال للمناورة لأن عامل الوقت ليس لمصلحة لبنان، ورأت أن هناك ضرورة للالتفاف حول وزير المال غازي وزني الذي يرأس الوفد المفاوض.
ونقلت المصادر عن سفراء أوروبيين أنهم يشكون من تعدُّد الآراء بين أعضاء الوفد المفاوض، وقالت إن سفيراً أوروبياً أبدى انزعاجه من تأخّر لبنان في ترجمة الإصلاحات المالية والإدارية إلى خطوات ملموسة وهو ما تسبب في عدم إفادته من مقررات مؤتمر «سيدر»، إضافة إلى انتقاده سير العمل داخل الحكومة التي لم تُحسِن إدارتها الملفات كأنها تتموضع في واد في مقابل تموضع اللبنانيين في وادٍ آخر.
وسأل السفير الأوروبي عن الإنجازات التي حققتها الحكومة، وقال إنها لم تُسهم في تحقيق أي تقدُّم لخفض منسوب التدهور المالي والاقتصادي، غامزاً من قناة رئيس الحكومة حسان دياب على خلفية أن هناك صعوبة في إقناعه بتعديل موقفه حيال القضايا العالقة، «وكنتُ أتمنى (بحسب المصادر النيابية) لو أنه أصر على موقفه ولم يتراجع عن قرار مجلس الوزراء بترحيل إنشاء معمل سلعاتا وعدم إلحاقه بخريطة تلزيم المعامل لتوليد الكهرباء».
أما بالنسبة إلى عدم تعديل المهام الموكلة إلى «يونيفيل» في جنوب لبنان لتطبيق القرار «1701»؛ فقد أكد السفير الأوروبي - كما نقلت المصادر النيابية - أنه لم يُفاجأ بطلب السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا تفعيل دور القوات الدولية إلى جانب الجيش اللبناني.
وعدّ أن لقاء عون مع سفراء الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي في حضور دياب لم يكن في حاجة إلى هذه العراضة الإعلامية، وعزا السبب إلى أن مندوب واشنطن في المجلس اعتاد مع طرح التجديد لـ«يونيفيل» في جنوب لبنان المطالبة بتفعيل دورها من خلال إعادة النظر في المهام الموكلة إليها.
وقال السفير الأوروبي إن توقعه عدم مطالبة واشنطن بتعديل مهام «يونيفيل» يعود إلى معرفتها بأن روسيا والصين لن توافقا على التعديل، وبالتالي ستمارسان حقهما بالنقض، كما أن المجموعة الأوروبية التي تشكل العمود الفقري في «يونيفيل» نظراً لحجم مشاركتها، تتجه إلى تمييز موقفها عن واشنطن لتوفير الحماية لوحداتها المشاركة في القوات الدولية.
لكن السفير الأوروبي يتخوّف من مبادرة واشنطن إلى خفض حجم مشاركتها المالية في موازنة «يونيفيل» التي قد تنسحب على دول أخرى؛ مما يطرح مجموعة من المخاوف حيال اضطرار الأمم المتحدة إلى خفض عددها، إلا إذا اقتنعت بأن هناك ضرورة للحفاظ على الاستقرار في الجنوب وعدم المس بقواعد الاشتباك لقطع الطريق على تحويل الجنوب إلى ساحة تشهد تصاعد وتيرة الاشتباك بين واشنطن وطهران ومن خلالها «حزب الله».