كشف تحقيق صحفي في السويد، أن الحكومة التركية تغض الطرف منذ سنوات عن إمام متشدد لعب دورا كبيرا في تطرف الشرطي الذي قتل السفير الروسي في أنقرة، في ديسمبر سنة 2016.
وبحسب "نورديك مونيتور"، فإن الإمام رجب أوغوز الملقب بأبي حذيفة التركي، ما يزال مدرجا ضمن قوائم الموظفين الحكوميين لدى السلطات، كما لم يخضع للتحقيق بسبب أنشطته المشبوهة.
وينحدر أبو حذيفة من من بلدة جميلي، في محافظة دينزيلي، غربي البلاد، ومن الأمور المثيرة في التحقيق، أن الرجل ما زال موظفا تابعا لإدارة الشؤون الدينية في مقاطعة "ييني محلي" بالعاصمة أنقرة.
وفي شهادته أمام المحققين الأتراك، في 27 ديسمبر 2016، أكد الإمام أنه كان يعرف مولود ميرت ألطنطاش، 22 عاما، ضابط الشرطة التركي الذي أطلق النار على السفير الروسي أندري كارلوف وأرداه قتيلا.
وأكد أبو حذيفة أن ألطنطاش دأب على قصد مسجده إلى جانب عشرات المصلين الآخرين. وطلب سركان بجار، وهو صديق الشرطي القاتل، (طلب) من الإمام أن يعلمهما العربية وهو ما وافق عليه أبو حذيفة.
ويتولى الإمام المتشدد البالغ من العمر 47 سنة، مهامه  بشكل رسمي في المقاطعة التي يوجد بها مقر المخابرات التركية، وبالتالي، فإن أسئلة تطرح حول ما إذا كان بقاء أبي حذيفة في منأى عن التحقيق محض صدفة أم إنه تجاهل مقصود من السلطات.
ويقوم أبو حذيفة التركي بجمع مبالغ مهمة عن طريق شبكة من الجمعيات فضلا عن مؤسسة "ديانت" التي يصل رصيدها إلى مليارات الدولارات.
مسار طويل من التطرف
وبدأ أبو حذيفة مسار تطرفه من السودان في أواخر القرن الماضي، وفي 1993 تحديدا، أي حين كان البلد مقصدا لعدد من القيادات المتشددة مثل أسامة بن لادن الذي عاش في الخرطوم بين 1991 و1996.
والتحق أبو حذيفة بجامعة إفريقيا العالمية التي كانت تجذب عددا من الطلاب المتشددين من الخارج، ومكث في دار للشباب إلى جانب عدد من الأجانب، وخضع لتدريب شخصي من قبل المتشدد أبو صالح لخضر الجزائري، في مقاطعة الرميلة جنوبي الخرطوم.
وعقب ذلك، سلك أبو حذيفة مسارا طويلا إلى جانب متشددين، ويقول في الوقت الحالي إنه تلميذ من تلامذة رجل الدين، محمود إسعاد كوجان، الذي أسس هيئة دينية نافذة في تركيا تعرف بـ"إسكندر باشا".
وتعاظم تأثير هذه الهيئة في تركيا بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، بمساعدة من الرئيس رجب طيب أردوغان، وتمكن أبو حذيفة من لقاء كوجان خلال زيارته للسودان سنة 1994 بغرض توزيع المال على الأتباع وحضور نشاط ديني.
وفي 2011، توقع أبو حذيفة أن تدخل تركيا إلى العراق وسوريا بغرض التوسع، وفي وقت لاحق، قال إن ما تنبأ به حصل بالفعل، ففي سنة 2016، دخل الجيش التركي إلى سوريا.
وطيلة سنوات، ظل أبو حذيفة ينشر آراء متشددة في مدوناته على الإنترنت لكنه قام بسحبها في وقت لاحق تفاديا للمتاعب. ولا يرى الإمام حرجا في الحث على حمل السلاح ضد الغرب وروسيا بذريعة ما يسميه "الجهاد"، في انسجام كبير مع فكر تنظيمي القاعدة وداعش.
وبحسب المصدر فإن العبارات التي تحدث بها قاتل السفير بلغة عربية عقب تنفيذ الجريمة كانت من تعليم الإمام التركي المتطرف الذي ما يزال حرا طليقا حتى اليوم.