ضجّت وسائل الإعلام العالمية بمشاهد الفرح والقُبل والغناء والرقص، حيث ودّع البشر سنة واستقبلوا سنة أخرى.
 
شخصياً، أفرح لفرح الناس، ولكن لماذا لا نوجه التهنئة أيضاً إلى كل اللصوص الصغار والكبار في هذا العالم؟
 
لماذا لا نرسل الورود إلى قصور الطغاة في هذا العالم؟
 
ألا يستحقون منا التهنئة، وهم يتربعون على كراسيهم التي ورثوها؟!
ألا يستحقون منا قصائد المديح والتمجيد!؟
 
لماذا لا نرسل التهاني إلى العنصريين أيضاً وهم يتأففون من مشاهد اللجوء واللاجئين؟!
 
لماذا لا نسطّر المديح لوزراء الخارجية العرب المبتهجين بحلول سنة جديدة، بينما تغرق خيام اللاجئين السوريين بالوحل والمطر؟!
 
نعم، هؤلاء كلهم يستحقون التهنئة، ومعهم كل بيوت الدعارة العربية والعالمية، وهي تعلن افتتاح جدول أعمالها الجديد من دمشق، دمشق الأسد، المتربع في سجلات الممانعين الأشاوس!
 
حتى البنوك العربية النظيفة التي تغسل عار المال العام المسروق، وسرقات النهب المنظم، تستحق مع أصحابها التهنئة بهذا العام الجديد.
 
لِمَ لا!
 
فالدول العربية اتحدت وحققت الرفاه والكرامة لمواطنيها، فلا يوجد بين العرب لاجئ واحد، ولا يوجد سجون أو محارق جماعية، ولا جوعى أو مشردون وأيتام.
 
الرؤساء والملوك والأمراء العرب لا ينامون الليل إن سمعوا أن هناك فقيراً أو مريضاً يحتاج مساعدة!
 
في سوريا الأسد، لم يقبل الشبّيحة في معظم المناطق بأقل من إطلاق الرصاص الحي وقذائف الدوشكا في السماء ابتهاجاً بحلول السنة الجديدة، بينما وصل الذل العام إلى درجة غير مسبوقة. فلا غاز ولا كهرباء، والفقر والقهر بلغا حتى حدود السماء التي ثقبها رصاص الشبّيحة بمختلف ألوانهم الجرمية.
 
أيّ قهرٍ هو هذا، أيها العالم الصامت حيال هذا البؤس كلّه؟
 
من حق الناس أن يفرحوا، لكن من حق المقهورين أيضاً والمشردين والنازحين والفقراء أن يصرخوا في وجه الكرة الأرضية جمعاء!
 
من حق الناس أن يغنّوا بهجة وفرحاً بحلول السنة الجديدة، ولكن من حق الموتى والمعذّبين أيضاً أن يصرخوا في وجوه جلاّديهم.
 
في صيدنايا وفي بقية سجون الأسد يقبع مئات الآلاف من المعتقلين، وثمة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين يغرقون في الطين بينما يبتسم ترامب ومعه بوتين وكل قادة الدول العبرية، عفواً العربية.
 
ارفعوا أيها الحكام العرب أقداحكم عالياً وارفعوا معها سيقان غانياتكم، فمن حقّكم الفرح ومن حقّنا الفناء.
 
ارفعوا يا وزراء الداخلية العرب أقداحكم عالياً ابتهاجاً بانتصاراتكم على شعوبكم، ومعكم رؤساء الفروع الأمنية على تعدد مسمياتها، حيث يحق لكم الفرح. فهذه الملايين الراكعة طالبة المغفرة من الله، تعرف أنكم أنتم وحدكم من قهرها!
 
حقاً، إنها مهزلة العصر الكبرى، حيث يبتكر البشر في نصف الكرة الشمالي مئات السبل للعيش والرفاه والسعادة، بينما يغرق البشر في نصف الكرة الجنوبي في الطين والعار والفقر.
 
على شاشات التلفزة العربية تنتشر خرافات التنبؤ التي تقودها أجهزة الاستخبارات العربية. فتعميم الجهل والخوف صار الآن بالتنسيق المباشر بين وسائل الإعلام المرئية وغرف عمليات الاستخبارات.
 
عام سعيد، عام جديد، وأطفال المخيمات يغرقون في الوحل والماء بينما يضحك رؤساء العالم الحر ويصدرون لهم التصريحات.
 
عام سعيد أيها العالم.
 
أصمتُ حتى لا أُتَّهم بالإرهاب.
 
تُهَمُ محاكم الإرهاب العربية جاهزة لنا.
 
عام سعيد يا جامعة الدول العربية، العبرية.
 
أما أنتم أيها الشهداء فانعموا وتمسكوا بموتكم، فلا شيء فوق الأرض يستحق البكاء عليه.