حزب الله، مؤلف مسرحية التّعطيل ومنتجها ومخرجها
 

غريبٌ أمر هذه الطبقة السياسية التي أتقنت فنون نهب المال العام، والنفاق على المواطنين الناخبين، كيف تجرؤ على التلاعب بمصيرها ومصير البلاد عندما تتلهّى بصراعاتها الظرفية وخلافاتها الجانبية، وتكالبها على الحُصص السلطوية في المناصب والوظائف والمرافق، فتترك البلد طيلة ستّة أشهر متواصلة بلا حكومة، في حين أنّ المصاعب والأزمات طرقت الأبواب ودلفت إلى الداخل، وهي أزمات داهمة لا تحتمل تأجيلاً ولا تسويفاً.

أمضى أركان هذه الطبقة ستّة أشهر في المماحكات والتّسويف والتّعطيل، أضاعوا خلالها بالإضافة للوقت الثمين، الجهد والمال، وتلاعبوا بأعصاب الناس، واخترعوا فنوناً من الدجل والتّحايُل والتّدليس والكذب لتبرير مواقفهم "التعطيلية"، فزعم رئيس الحكومة المكلف أن لا توزير للتّكتُّل السُّنيّ الذي ابتدعهُ حزب الله، ولم ولن يعترف بهكذا تكتُّل، وليبحثوا عن مقعدٍ لهم من حصة رئيس الجمهورية السُّنّية، أمّا رئيس الجمهورية فقد رفض رفضاً باتّاً إعطاءهم ذلك، ليتبيّن فيما بعد أنّه يحرص مع رئيس تيّاره على امتلاك الثلث المعطّل في الحكومة العتيدة، أمّا التّكتّل السّنيّ الذي أطلق على نفسه لقب "اللقاء التشاوري المستقل" فقد أعلن أعضاءه السّتّة، كلٌ على طريقته وأسلوبه بأن لا تنازل البتّة عن توزير أحدهم، وعلى حساب حصّة الرئيس الحريري، أمّا حزب الله، مؤلف مسرحية التّعطيل ومنتجها ومخرجها، فقد صرّح أركانه في أكثر من مناسبة أن لا حكومة تولد دون أن يكون اللقاء التشاوري ممثّلاً بوزيرٍ منهم، حتى لو طال الزمن إلى يوم قيام الساعة. ومهما كانت العراقيل التي تحول دون ذلك.

فجأةً، آتى التّعطيلُ أُكُله، وحضرت الإشارة من حزب الله بالتّأليف، فوضع نهايةً سعيدة لهذه المسرحية - المهزلة، فتراجع رئيس الجمهورية عن "تعنُّته"، وأذعن اللقاء التشاوري باختيار وزير من خارجه، يكون مرضيّاً عنه لدى كافة الفرقاء، وقبل رئيس الحكومة بلقائهم في منطقة "محايدة"، وبات تأليف الحكومة ميسّراً، بعد تلقين الجميع دروساً لا تُنسى، وأنّ أمور البلد في يد حزب الله، يحكمُ فيها كيفما شاء، ومتى شاء، وأنّى شاء.

أمّا اللبنانيين، فيحقّ لهم أن يتنفسّوا الصعداء ويرتاحوا، وكما قال الإمام علي للمسلمين ذات يوم: "لا بُدّ لكم من أميرٍ برٍّ أو فاجر، فلا بدّ لهم من حكومةٍ برّةٍ أو فاجرة"، وللأسف الشديد، فإنّ سيماء الفجور بادية على الحكومة الجديدة، حتى قبل أن تنصب عودها.