الله
 

نشر موقع "المونيتور" مقالاً تحدّث فيه عن العقوبات الأميركية التي أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها على إيران، وعن تأثيرها على التوسّع الإيراني في المنطقة، وأشار الى أنّه في الوقت الذي كشفت فيه إدارة ترامب عن استراتيجيتها "لمواجهة إيران" في أعقاب انسحابها من خطة العمل المشتركة الشاملة، أوضح وزير الخارجية مايك بومبيو في تشرين الأول الماضي عن "حملة لوقف تمويل النظام الإيراني للإرهاب".

وأضاف الموقع أنّه من أجل تقييم الفعالية المحتملة لسياسة الولايات المتحدة المعلنة، من المهم فهم طبيعة ونطاق النفقات العسكرية الإيرانية وأيضًا فهم كيفية تأثير الأزمة الاقتصادية على هذا الإنفاق. إذ تشير البيانات المتوفرة إلى أنّ العقوبات كان لها تأثير سلبي على الإنفاق العسكري الإيراني. على سبيل المثال، يلفت الأكاديميان الإيرانيان سجاد ديزاجي ومحمد فرزانغان إلى أنّ الإنفاق العسكري انخفض بنسبة الثلث تقريبًا بين عامي 2006 و2015، وهي إحدى أعلى النسب المئوية للانخفاض في الإنفاق العسكري على مستوى العالم.

وفي هذا السياق، لفتت البيانات المتوفرة الى أنّ النفقات العسكرية زادَت بنسبة 30٪ بعد رفع العقوبات المرتبطة بالنووي عام 2016، وهو تطوّر أكد عليه ترامب عند إعلان انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة في أيار.

 

ومع ذلك، فبينما كانت هناك قفزة في الإنفاق العسكري على مدار العامين الماضيين، فإنّ تقليص هذه النفقات على مدى العقد الماضي كان يعني أن هذه الزيادة لم تعد الإنفاق إلا إلى مستويات عام 2009 . علاوة على ذلك، حتى بعد الزيادة، تشكل النفقات العسكرية 3٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وهنا، يفصل ديزاجي وفرزانغان تأثير كل من العقوبات الأحادية والمتعددة الأطراف، ويعتبران أنّ العقوبات الأميركية الحالية من المرجح أن يكون لها أثر على الإنفاق العسكري الإيراني "على المديين القريب والبعيد".

 

ويوفر السياق التاريخي مزيدًا من الفهم لكيفية معالجة إيران للنفقات الدفاعية. على سبيل المثال، في حين من المحتمل أن تكون تدخلات إيران الإقليمية الحالية ونفوذها في ذروته منذ سنوات، إلا أنّ الإنفاق العسكري لا يزال أقل من المستوى الذي كان عليه خلال حكم الشاه، فقد بلغت النفقات العسكرية في ظل حكمه ذروتها ووصلت الى 17.5 مليار دولار عام 1976. وبعد أربعة عقود من الزمان، وبعد تعزيز خطة العمل المشتركة، اقترب الإنفاق على الدفاع من 16 مليار دولار.

 

 لكنّ إجمالي النفقات العسكرية ليست سوى جزء من المعادلة. ونظراً لتركيز إدارة ترامب على الحد من نفوذ إيران الإقليمي، من المهم التمييز بين الإنفاق والدفاع العسكريين الإيرانيين الأوسع نطاقاً في الخارج، ففي حين أنّ إيران لا تعلن عن إنفاقها في الخارج، إلا أن الولايات المتحدة وإسرائيل تضعان تقديرات بانتظام. على سبيل المثال، تعتقد وزارة الخارجية الأميركية أنّ إيران أنفقت أكثر من 16 مليار دولار منذ عام 2012 على "دعم النظام السوري ودعم الشركاء الآخرين والوكلاء في سوريا والعراق واليمن". ووفقًا لوزارة الخارجية، تُرسل إيران ما يقارب 700 مليون دولار لـ"حزب الله" سنويًا. وفي حين أنّ هذا الرقم أعلى بكثير من التقديرات الأميركية السابقة التي تصل إلى 200 مليون دولار في السنة، إلا أنه قد يعكس التفكير في أنشطة "حزب الله" في سوريا. وعلاوة على ذلك، فإنّ وزارة الخارجية الأميركيّة تتهم إيران بإنفاق "مئات الملايين من الدولارات" على مساعدة أنصار الله منذ عام 2012، بينما تنفق 100 مليون دولار سنويًا في الدعم المشترك للمجموعات الفلسطينية، بما فيها "حماس" و"الجهاد الإسلامي".

 

وبحسب ديزاجي وفرزانغان، من المهم الملاحظة أنّ "فيلق القدس" الإيراني لم يخترع حربًا بل سعى إلى تطويرها، ففي الواقع، حتى أثناء الحرب بين إيران والعراق، بلغ الإنفاق العسكري الإيراني ذروته إلى حوالي 10 مليارات دولار، أي 8 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 1982. وفي المقابل، أنفق الشاه 17.5 مليار دولار، أو 12 % من الناتج المحلي عام 1976. وهكذا، بالنسبة للقادة الإيرانيين مثل قاسم سليماني، الذي كانت سنواته "التكوينية" أثناء الحرب مع العراق، فإن دعم الحكومة السورية بتكلفة 2٪ مما تنفقه المملكة العربية السعودية في اليمن سيكون ببساطة تطوراً للتجارب الماضية.

 

إذًا، تُشير الأرقام التاريخيّة إلى أنّ فرض العقوبات الأميركية من غير المحتمل أن توقف تمويل إيران للمجموعات في المنطقة، وهذا الأمر يبرز أكثر عندما نُدرك أن إيران تمتلك أكثر من 100 مليار دولار من العملات الأجنبية ومن المتوقع أن تولد عشرات المليارات من الدولارات في صادرات الطاقة في العام المقبل.

 وختم التقرير بالإشارة الى أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كان قد أعلن أنّه بفضل المساعدات الإيرانية، فإنّ متوسط ما يكسبه مقاتلو "حزب الله" شهريًا، يُعادل مرتين أو ثلاث مما يحصل عليه رجل إطفاء في طهران، على سبيل المثال.