حصل ما كان في الحسبان، وإنفجرت أزمة العقدة السنية في وجه الرئيس المكلف سعد الحريري وفرضت مزيدا من التأخير على حكومته التي كان من المفترض أن تبصر النور بمجرد إعلان القوات اللبنانية قبولها بالعرض المقدم لها وتأكيد مشاركتها في الحكومة.

بدا واضحا أن حزب الله يضع تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين في أولوياته، وأن ما قاله أمينه العام السيد حسن نصرالله لم يكن مناورة أو محاولة إرضاء لحلفائه، بل هو إصرار على أن لا حكومة من دون سنة 8 آذار، وهو ما ترجم أمس وحال دون زيارة الرئيس الحريري الى قصر بعبدا لاطلاع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تشكيلته الحكومية، حيث تشير المعلومات الى أن حزب الله رفض إعطاء أسماء وزارئه الى الرئيس المكلف بانتظار أن يجد مع الرئيس عون حلا للعقدة السنية، حيث نقل عن مصادر في الحزب أن ″من صبر أربعة أشهر من أجل حل عقدة القوات اللبنانية يمكنه أن يصبر أربعة أيام من أجل حل العقدة السنية″.

تشير المعطيات الى أن الرئيس سعد الحريري ما يزال مصرا على موقفه في رفض توزير سنة 8 آذار من حصته، متحصنا بالموقف العالي النبرة الذي هدد فيه بالاعتذار في حال كان هناك إصرار على أن يكون تمثيل اللقاء التشاوري من حصته، راميا الكرة في ملعب رئيس الجمهورية الذي يجري البحث معه في عدة مخارج.

وتشير مصادر الرئيس المكلف الى أن رفضه تمثيل اللقاء التشاوري هو رفض منطقي، خصوصا أن النواب الستة الذين يشكلونه، إثنان منهم ضمن ″التكتل الوطني″ وواحد ضمن كتلة الوفاء للمقاومة، وواحد ضمن كتلة التنمية والتحرير، وهناك نائبان مستقلان لا يحق لهما التمثيل، عملا بالتوافق على أن لكل أربعة أو خمسة نواب وزير، لذلك فإن أي تمثيل للقاء التشاوري من شأنه أن يعطي لتكتل نيابي أو لطرف سياسي وزيرا إضافيا وهذا أمر من شأنه أن يخل بالتوازنات.

لكن يبدو أن منطق الحريري لا يتوافق مع منطق حزب الله الذي يحمل بقوة لواء تمثيل اللقاء التشاوري الى درجة تعطيل تشكيل الحكومة، حيث يؤكد نواب اللقاء بكل ثقة أن ″لا حكومة من دون تمثيلهم″.

وتقول مصادر اللقاء التشاوري لـ ″سفير الشمال″: ″ليس من المنطق أن يستأثر الرئيس سعد الحريري بالحصة السنية، فهناك عشرة نواب سنة فازوا في الانتخابات في مواجهة تيار المستقبل وحازوا على 45 بالمئة من الأصوات وهؤلاء الى أي كتلة نيابية إنتموا لهم حضورهم وتمثيلهم على الساحة السنية ويجب أن يتم تمثيلهم من دون أن منّة″.

وتضيف هذه المصادر: ″في كل الطوائف هناك ثنائيات وثلاثيات، إلا الطائفة السنية يحاول الرئيس الحريري أن يختصرها بتياره، وهذا أمر مرفوض خصوصا بعد النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية، لذلك فنحن لسنا من حصة رئيس الجمهورية ولسنا من حصة الرئيس المكلف، إنما نحن من حصة الشعب الذي منحنا أصواته وهذا ما يجب أن يدركه الحريري بأنه لا يمثلنا من حصته بل هو عليه أن يحترم نتائج الانتخابات″.

وعن تهديد الحريري بالاعتذار تقول هذه المصادر: ″لقد تعودنا على الرئيس الحريري، فهو دائما يتسرع ويرفع السقف ثم يتنازل، وهذه ليست المرة الأولى، وهو عليه أن يدرك بأن لا حكومة من دون تمثيل من يمثلون 45 بالمئة من الشارع السني″.

أمام هذا الواقع يجري البحث في بعض المخارج لتمثيل اللقاء التشاوري، منها رفع العدد الى 32 وزيرا لتمثيل الاقليات من العلويين والسريان حيث يستعيض رئيس الجمهورية عن الوزير السني بوزير من الأقليات، أو إجراء مقايضة بين الثنائي الشيعي ورئيس الجمهورية وهو أمر ما يزال مستبعدا، أو أن يتخلى رئيس الجمهورية عن وزير سني محسوب عليه لمصلحة اللقاء التشاوري، أو أن يتنازل الرئيس الحريري ويتخلى عن وزير من حصته.

من المنتظر أن يشهد اليوم وتيرة متسارعة من المفاوضات والمشاورات لكي تبصر الحكومة النور قبل يوم غد الأربعاء موعد دخول عهد الرئيس ميشال عون سنته الثالثة، ومن ضمنها زيارة يقوم بها اللقاء التشاوري الى عين التينة للقاء الرئيس بري الذي قد يكون في جيبه حل من شأنه أن يحمي ″الخرزة الزرقاء″ وأن يحل ″العقدة الصفراء″.